قراءة في نتائج انتخابات 8 شتنبر 2021
بقلم: ذ. المعانيد الشرقي
بنظرة سوسيولوجية فاحصة، تستند لآليات التحليل والتفكيك للظاهرة الانتخابية الأخيرة بالمغرب، يتضح أن النتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع، كانت متوقعة إلى أبعد الحدود، ذلك أن الأحزاب التي تصدرت المراتب الأولى ليست لأنها تُمثل أقطاباً سياسية حقيقية، وإنما التصويت العقابي لعب دوره في هذه النتائج، ناهيك على أن سلطة المال لعبت دورها الرئيس. لكن لا يمكننا أن نغفل مسألة غاية في الأهمية، وتتمثل في أن اندحار حزب البيجيدي كان متوقعا لأن قادته استندوا إلى الخطاب الدعوي المتعالي على الواقع، برفعهم شعار محاربة الفساد الذي لم تتم مُحاربته، طالما أنهم جزء من هذا الفساد ذاته. لقد استقوى البيجيدي على خصومه من خلال غروره السياسي، عبر النتائج السابقة في الانتخابات ونسي بأنه تسلم سلطة وهمية، تخفي خلفها سلطة الدولة التي تستمر بجعل من يقود الحكومة بمثابة منديل لمسح الأوساخ، ولما يتعفن المنديل يتم رميه في قُمامة الأزبال، لم يفطن قادة العدالة والتنمية لهذه المعادلة البسيطة الحل والمكونة من مجهول واحد ألا وهو وهم السلطة، والثقة العمياء في كتلة ناخبة سهلة الانهيار، طالما أنها لا تصوت بقناعات إيديولوجية بل عبر دغدغة العواطف وتوظيف الدين لاستمالة الناخبين إلى كفة دون أخرى.
إن حبل الكذب قصير كما يُقال، ذلك أن حزب العدالة والتنمية لم يُبارح مكانه في الانتشاء بالاستقواء على خصومه طيلة العشرية الفائتة، ما جعل على عينيه غِشاوة، حجبت عنه تنزيل مشروعه السياسي والاجتماعي ثم الاقتصادي، فبقي هذا المشروع حبيس الجانب النظري دون أن يلامس الواقع، إلى جانب ذلك، يتحمل كبير تماسيحهم ابن كبران حصة نصيب الأسد في تهويد الحزب بخرجاته البهلوانية معتبرا نفسه قيادي مثالي لا أحد يستطيع مجاراته وقد أعمته ثقته المزيفة بذاته وفي الشعب المغربي وبات يحلم بقواعد وهمية سرعان ما تبخرت يوم 8 شتنبر.
إن خروجه الباهت والمُضلل وعزفه على وتر أخنوش، عبر شيطنته كان الخطأ الذريع، بحيث أن ابن كيران عمل حملة انتخابية مجانية لحزب الحمامة لا شعوريا ودون أن يفقه لما كان يقول عبر خطابه المستهلك والنشاز.
اندحار حزب المصباح خلال هذه الاستحقاقات استفاد منه خصومه بشكل بارز، صعود حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب الجرار والاستقلال والحركة الشعبية، التي تعافت من الجرب الذي أصابها سابقا، وتمكن حزب الأحرار من حصد الأصوات حيث تصدر الانتخابات.
بعض الأحزاب، كالاتحاد الدستوري والتقدم والاشتراكية مثلا، استقرا في مكانهما الطبيعي كما كان الأمر في السابق، بينما أحزاب اليسار التي تعيش اغترابا كبيرا لم تحصل إلا على ثلاثة مقاعد، بحيث لم تعرف تغيرا مقارنة بالاستحقاقات السالفة. إلا أن هذا المشهد بهذه النتائج، سيفرز تحالفاً سهل التشكل، طالما أن الأحزاب المتصدرة تجمع بين قادتها تقاربا على مستوى البرامج والتصورات ما يجعل منطق العلاقات والصداقات، ذلك الحبل الذي ستلتف حوله هذه الأحزاب مشكلة حكومة بأغلبية مريحة، مع احتمال خروج حزب الجرار إلى المعارضة.