تفعيل المقتضيات الدستورية واستجابة عملية لمطالب جيل زيد 212.
وبقلم، محمد خوخشاني.
انعقاد المجلس الوزاري برئاسة جلالة الملك والمصادقة على التوجهات العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2026، إلى جانب أربعة مشاريع قوانين تنظيمية منها ما يهم البرلمان والأحزاب السياسية، يشكل محطة دستورية ذات رمزية سياسية واجتماعية عميقة.
أولاً، إن تفعيل الفصلين48و49 من الدستور يعكس استمرارية المنهجية الدستورية في تدبير الشأن العام من خلال تأكيد مركزية المؤسسة الملكية في توجيه السياسات الكبرى وضمان الانسجام بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. هذا المسار يؤكد أن الإصلاح يتم داخل المؤسسات، لا من خارجها، وهو ما ينسجم مع تطلعات جيل زيد 212 الذي يطالب بالشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
ثانياً، تركيز المجلس على مراجعة القوانين التنظيمية الخاصة بالبرلمان والأحزاب السياسية يشير إلى توجه نحو إعادة هيكلة الحقل السياسي بما يسمح بتجديد النخب وتوسيع قاعدة المشاركة. ويكتسب هذا التوجه بعداً جديداً بإعلان دعم الشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة بنسبة 95 % من تكاليف الحملات الانتخابية، لتشجيعهم على الولوج إلى المجالس المنتخبة. إنها خطوة عملية نحو دمقرطة التمثيلية وتجديد النخبة السياسية من داخل المؤسسات.
ثالثاً، على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، تبرز أهمية تخصيص 140 مليار درهم لقطاعي الصحة والتعليم في مشروع ميزانية 2026، وهو مؤشر قوي على أن أولويات الدولة تتجه نحو الاستثمار في الإنسان. فجيل زيد 212 يرى في إصلاح التعليم وجودة الخدمات الصحية ركيزتين لعدالة اجتماعية جديدة تتيح تكافؤ الفرص وتضمن الكرامة وجودة الحياة.
وأخيراً، فإن اجتماع المجلس الوزاري الأخير يجسد مساراً واضحاً نحو إعادة بناء الثقة بين الدولة والشباب عبر الجمع بين الإصلاح السياسي (تجديد القوانين التنظيمية ودعم المشاركة الشبابية) والإصلاح الاجتماعي (توجيه الموارد نحو القطاعات الحيوية).
إن إدماج جيل زيد 212 في معادلة التنمية الوطنية لم يعد خياراً سياسياً بل ضرورة استراتيجية لضمان استدامة النموذج المغربي في العقود القادمة.
