كيف يتأقلم اليوم، الفلاح الشتوكي مع التغيرات المناخية؟
المنظار
مجيد انهايري.
ابتكر الإنسان عددا من التقنيات الفلاحية، بهدف التأقلم مع ظروف وسطه الطبيعية، والفلاح بمنطقة شتوكة بدوره يعتمد تقنيات فلاحية للتأقلم مع خصوصيات مجاله ومع ظروفه المناخية المتقلبة، سواء تعلق الأمر بظروف الوفرة أو الندرة في كميات التساقطات السنوية أو الفصلية.
و تجدر الإشارة إلى أن التقنيات الفلاحية ،ليست وليدة اللحظة أو أنها تقتصر على منطقة شتوكة فقط، بل هي تقنيات موروثة أبا عن جد، و جيلا عن جيل و هي تشتمل الحفاظ على التربة التي تشكل وعاء النشاط الفلاحي، وتدبير الموارد المائية التي تعتبر مرتكزا للزراعة البورية على وجه الخصوص.
إذن ما هي أبرز هذه الحلول وسبل التأقلم في ظل الظروف المناخية المتقلبة بالمنطقة؟
-الدورة الزراعية: تعتبر الدورة الزراعية من التقنيات الفلاحية القديمة، و هي تهدف إلى تنويع المنتوج لأن زراعة نفس المنتوج في نفس المجال الزراعي –المشارة- لعدة مواسم زراعية يؤدي إلى افقار التربة، و يمكن أن نميز في هذا النوع من الأساليب الزراعية بين زراعة بكرية وأخرى مزوزية. فيما يتعلق بالنوع الأول من الزراعة فهي تبدأ مع أوائل أكتوبر وغالبا ما تخصص لزراعة القمح بنوعيه إلى جانب الشعير و هي تتطلب مدة طويلة للنمو، كما أنها تتحمل برودة الشتاء. أما الزراعة المزوزية فهي تعتبر زراعة ربيعية، و هي تشمل إلى جانب الذرة زراعة القطاني و هي على عكس الزراعة البكرية فهي تتطلب كمية قليلة من المياه و مدة نموها قصيرة.
– تسميد التربة: منذ القديم كانت عملية استثمار الاستغلالية من قبل الفلاح أو المزارع تستلزم القيام ببعض الأعمال التهيئة لتؤدي الاستغلالية وظيفتها الإنتاجية على أحسن وجه، وتختلف أهمية تلك الأعمال باختلاف أنواع المنتجات المراد الحصول عليها، فإذا تعلق الأمر بالحبوب والقطاني فان الأرض التي يراد تهيئتها لا تحتاج إلى أشغال كبرى، أما إذا كان يراد غراستها بأنواع من الخضراوات فإن ذلك يحتاج إلى جهد كبير وإمكانات مادية وتقنية لقلب تربتها وتسويتها وإزالة الأحجار والأعشاب الضارة منها وربطها بمصدر مياه السقي، بعد أعمال التهيئة تأتي عملية بذر البذور أو الفسائل لتنطلق بعد ذلك أعمال المتابعة والتعهد إلى حين موسم الحصاد والجني، وتبقى أهم عمليات تهيئة الأرض وإعدادا لاستقبال الزراعة عملية التسميد التقليدي الذي يعتمد عليه الفلاح بشكل واضح.
– التسييج: تقنية تتمثل في إقامة حواجز بيولوجية- طبيعية أو صناعية على شكل أحزمة حول الحقول الزراعية، ذلك بغرض تحديد الاستغلاليات وترسيم الحدود بينها، بالإضافة إلى حماية الفلاح للمزروعات من كل ما من شأنه إلحاق الضرر بها من عوامل طبيعية أو غيرها والتي من شأنها التقليل من جودة الإنتاج، لأنها تصيب المزروعات بالتلف خاصة الزراعات التي لها حساسية مع الرياح كالطماطم، الفلفل، الخيار، البطاطس، بتقوية الجوانب المعاكسة للرياح السائدة بالمجال، هذه السياجات تساهم في التخفيف من سرعة الرياح فيقوم بتكسيرها والحد من خطورتها ، فهي تعمل على تغيير اتجاهاتها وتجبرها على الارتفاع عن سطح الأرض. ويستعمل الفلاح بمنطقة شتوكة عدة أشكال للتسييج انسجاما مع العوامل المحلية.
– تقنية التشجير: ( reboisement) يقام على السفوح ليقي التربة من البتر والانجراف نتيجة الانحدار الشديد للسفوح في اتجاه المنخفض، ومن نشاط التعرية المائية – الجريان – أثناء فترات التهاطل المطري في فصل الشتاء، يتسبب ذلك في إحداث الخدات داخل وعلى هامش الأراضي الزراعية مما يؤدي إلى بتر قطاعات مهمة من التربة وتآكلها، يقوم الفلاحون بالتصدي لذلك عن طريق غرس أحزمة من الأشجار خاصة الأوكاليبتوس، للحفاظ على التربة والتقليل من تدهور الأرض عن طريق التعرية المائية، وتوفر بالإضافة إلى ذلك موردا ماليا أثناء قطعها أو استعمالها كركائز تثبت عليها السياجات المحيطة بالحقول، ولتجهيز الاستغلاليات التي تمارس زراعة بعض الأنواع كالطماطم والفلفل والخيار باستعمالها كركائز تقوم عليها الفسائل.
– تدبير الموارد المائية: عرفت الهضبة الساحلية بمجال الدراسة الممتدة بين أزمور والبئر الجديد في الماضي القريب ازهارا كبيرا للنشاط الفلاحي خاصة إنتاج الخضراوات. إلا أنه و منذ بضعة سنوات بدأ الوضع يعرف تراجعا كبيرا من جراء تدهور الفرشة المائية للشاوية الناتج عن الاستغلال المفرط لها و ارتفاع ملوحتها بفعل تدفق مياه المحيط داخلها.
وأمام هذه الوضعية، قررت وزارة الفلاحة والصيد البحري إنجاز مشروع للري لإنقاذ النشاط الفلاحي السقوي بالمنطقة. وسيمكن هذا المشروع من تزويدها بمياه وادي أم الربيع عن طريق شبكة للري، من خلال جلب مياه سطحية ذات جودة عالية، حيث تمتد منطقة المشروع، على مساحة اجمالية تقدر ب7600 هكتار صالحة للزراعة قابلة للسقي.
أكمل غي هذا المسار مدونة جميلة