الجديدة: شجرة يفوق عمرها مئة سنة تتعرض للإهمال
علال بنور
تعرف مدينة الجديدة بشارعها التاريخي « بوشريط »، هذا الشارع له تاريخ عمراني يأتي في المرتبة الثانية عمرانيا بعد الحي البرتغالي، كان ولا زال يعد مركزا تجاريا ،منه تتفرع مداخل القساريات وسوق الخضر ،مدخله يبتدئ من السور البرتغالي، وفي مخرجه تظهر شجرة شامخة بجذعها الضخم وفروعها المتعددة، حسب خبر توصلت به من صديق اخبرته زوجته النمساوية والخبيرة بعلم البيئة، أن تلك الشجر عمرها يفوق المئة سنة، بالرغم من تعرضها للإهمال، وسنأتي على ذكره، فإنها شامخة شاهدة عن ازمنة عرفت احداثا متعاقبة في هذا الشارع، الذي خلقت فيه. يذكر أحد أبناء الحي، كان يحيط بساحة تلك الشجرة الحرفيين الذين يقدمون خدمات يومية للسكان، كالبناء والترصيص والكهرباء وحفاري المجاري المائية العادمة …الخ ،يسمونه السكان « بالموقف » اليوم الساحة التابعة للشجرة وجدعها ،يحتلها بائعي الشاي والسمك المقلي وعصير قصب السكر الممزوج في آلة الطحن مع أجزاء من الليمون البلدي(الحامض) والزنجبيل الأخضر، يقول البائع ،أنه شفاء للضعف الجنسي وأمراض الروماتيزم،الى آخره من الباعة المستقرين بعرباتهم مكتوب على واجهاتها باللون الأخضر، ( المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ) ،نفهم من ذلك ان أصحاب هذه العربات مرخص لهم من طرف السلطات الوصية على مشروع المبادرة …وفي ظل هذه العواصف لازالت الشجرة شامخة ،بعلوها وظلالها واخضرارها طيلة السنة وهي من نوع الأشجار المخضرة طيلة السنة لا تنفض اوراقها في فصل الخريف ،من اصل اسيوي تسمى Arbre caoutchouc / ficus elastica
لنعود الى مسالة الإهمال التي أشرنا لها سابقا. من الذي تسبب في تعريض هذه الشجرة المسنة الحية الشامخة للإهمال؟ لا شك أن المسؤولية تتحملها جمعيات المجتمع المدني والجمعيات البيئية والتراثية المحلية، كما تتحملها وسائل الاعلام المحلية، وما أكثر المواقع الالكترونية بهذه المدينة، كما يتحمل القسط الأكبر من اهمال تلك الشجرة التاريخية المجالس البلدية المتعاقبة بمدينة الجديدة.
من المتواطئ ضد تلك الشجرة؟ هل ننتظر الى ان تأتي جمعيات بيئية المانية او غيرها لتكرم تلك الشجر، كما انتظرنا الى أن بعثت الحكومة البرتغالية لجنة التوأمة والحفاظ على التراث البرتغالي، الى الحي البرتغالي بالجديدة، فأقامت معارض ثقافية ببعض بناياتها.
يقول بعض العارفين، أن تلك الشجرة، قدمت بظلها خدمات لباعة الفواكه الموسمية التي يأتي بها فلاحو ضواحي المدينة، وفي المساء يكون لسكان المدينة موعدا مع الحلقة الفكاهية، ومن خدمات أخرى التي قدمتها الشجرة، يقول كذلك بعض العارفين بخبايا الشجرة التقتهم الجريدة صدفة، حيث كنا بصدد التأمل في عظمة تلك الشجرة منها:
– كان يتظلل بها شهود زور اشخاص يحترفون « مهنة » شهادة الزور والكذب بالمحكمة القريبة من مكان الشجرة مقابل عمولات.
– يتظلل بها لاعبو الورق بالقمار ولاعبو ضامة تشبه رقعة الشطرنج.
– كانت مكانا للتواعد مع بنات الهوى في أوقات معينة.
نتمنى من المصالح الخارجية للوزارات بالمدينة، أن تولي اهتماما لهذ الشجرة/المعلمة، التي شهدت أحداثا من ضمن تاريخ مدينة الجديدة، فهي ذاكرة حية، والخوف كل الخوف ان تطالها يد العابثين فتقوم بإقبارها.