بين فاس وسطات تم (الفرشة كملات)
(تقديم ولا بد منه، بين الجمعة والثلاث، السكة حبسات وريتات، من أجمل العيوط العبدية الحصباوية، هذا التناص تنقلت به بين العيوط المرساوية والآلة الفاسية)
فؤاد الجعيدي
بقدر ما فرحت لأهل فاس، تيقنت أن رفاق فاس، كانوا يحملون نبض مدينة عريقة في التاريخ والعلم ، وكانوا يحسنون الإنصات لنبض المجتمع الفاسي، بكل فسيفسائه، والذي بات يناشد التغير ولا شيء غير التغيير، تغيير أحوال الناس نحو ما هو أفضل، وقد تسلط عليهم ذوو النفوس الأمارة بالسوء.
كان على القيادة الوطنية، لحزب التقدم والاشتراكية، أن تتفهم رفاق فاس وأن تتركهم يتداولون في أمورهم، بما يعمل على ضمان إشعاع الحزب، وهم وحدهم الذين ساهموا في بنائه، حجرة حجرة، وعملوا على توسيع نفوذه بين الناس.
لكن من كان نظره لا يتعدى أرنبة أنفه كان له تقدير آخر، ونفس التقدير كان فاشلا بكل المقاييس.
البقالي الذي تخلى عنه المكتب السياسي، لأنه بكل بساطة كان له رأي مخالف في تقدير الأمور، انتزع اليوم عمودية فاس، وصار عمدة للمدينة ولأهلها، وبثقافته وتكوينه، سيتجاوب مع تطلعات أهلها فيما هو أفضل.
التاريخ أنصفه كما أنصف رفاق آخرين تعرضوا للإقصاء الممنهج ، وأنصف أيضا من عمل على دك أركان الحزب في مدينة أخرى ولم يحصل على مقعد بمجلسها البلدي. ( أي تركيبة في الديوان السياسي بكل هذا العجب العجاب)
إزاء هذا الواقع لا نكتفي بالاحتماء بالصمت، وإخراج الأصبع الوسطى من تحت الجلباب، لنشير بها إلى الرفيقات والرفاق المنتقدون كما يفعل ( زعيم فاشل ) ولنقلها بالصراحة المطلوبة، كل من راكم هذا البؤس الفكري والأخلاقي لم يجن من هذا الإرث الذي أنتجه وعممه وطنيا ومحليا وإقليميا وجهويا سوى الثلث في الخمس، هذا هو النصيب من التركة.
في مثل هذه المواقف الانهزامية، على المنهزم أن يشد حقائبه إلى وجهة أخرى، وأن يختفي من مسرح الأحداث إلى غير رجعة، وعليه أن يستجمع قواه، لا ليخوض بها معارك خاسرة قبل بدايتها، أو ليعود إلى التآمر الأعمى .
السياسة بمعنها النبيل، وفي الأعراف الديمقراطية، تقتضي الشجاعة في الانسحاب من حياتها، فالدوام لله، وليس الاستمرار في معارك مع من يخوضونها أصلا مقتنعون حتى النخاع بأن ليس لديهم ما يخسرون سوى الأغلال الأيديولوجية والتي صنعت منذ أكثر من عقدين.
من يخضون اليوم المعركة، يخوضونها بالأفكار والبدائل والتي لن يصدهم عنها، الضحك الأبله أو نعتها بمنشفة الشاي، من صبر لعقد ونصف وما يزيد، يدرك أن القضية برمتها متعلقة بموازين القوى ليس إلا.
اليوم الحقائق تواجه الأوهام والواقع الحي للناس بات يعطي المؤشرات القوية والرسائل المتوالية، والتي يحتاج أمر تدبيرها عدم ركوب الجنون في التعاطي معها، صحيح أن الفطام صعب لكنه قدر على بني البشر لا هروب منه.