ما الذي يجعل من الاتحاد المغربي للشغل منظمة نقابية أصيلة في المشهد الاجتماعي المغربي؟

ما الذي يجعل من الاتحاد المغربي للشغل منظمة نقابية أصيلة في المشهد الاجتماعي المغربي؟
شارك

فؤاد الجعيدي

الاتحاد المغربي للشغل نقابة عمالية جماهيرية، وليست حزبا سياسيا، يتدافع للمشاركة الحكومية في تدبير الشأن العمومي، كما تفعل كل القوى السياسية الوطنية وتلك وظائفها، بل ظل في تاريخه ولا زال، يجسد التطلعات الحقيقية للقوى المنتجة في العيش الكريم ويواجه بالوضوح المطلوب في الرؤية طبيعة الصراع بين المالكين لوسائل الإنتاج والمال والقوى المنتجة وعموم الجماهير، ويناضل في كل الظروف بثابت على المواقف المبدئية..

اليوم الاتحاد المغربي للشغل حين تلقى أمينه العام السيد الميلودي المخارق الدعوة من السيد رئيس الحكومة للحضور في الحوار الاجتماعي ليوم الخميس 24 فبراير 2022 لم يتردد في الترحيب بها وأيضا بدون تردد يقدم لنا تقيما صادقا وأمينا للأوضاع.

  1. السياق الذي يجري فيه الحوار الاجتماعي هو الانعكاسات الوخيمة للجائحة والتي أدت ثمنها الطبقة العاملة المغربية والجماهير الشعبية، بعد أن عصفت الأزمة المركبة الناجمة عن كوفيد 19 بمئات الآلف من مناصب الشغل، معمقة بذلك الأزمة الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة.

وأن الاحتجاجات التي تشهدها الساحة العمالية، ومعها الفئات الشعبية، ليست سوى نتيجة لانهيار القدرة الشرائية  للمواطنين أمام الارتفاع المهول للأسعار، والتعبير عن الاحتقان الذي غدا يهدد السلم والتماسك الاجتماعي، الذي يسعى الاتحاد المغربي للشغل كطرف من أطراف الإنتاج وكمنظمة وطنية مسؤولة إلى تحقيقه.

أي أن الاتحاد لا يسعى إلى استغلال الأوضاع والركوب على المآسي وهو موقف وطني وثابت من الثوابت في الثقافة العمالية.

  1. الاتحاد المغربي للشغل يتعاطى مع التجارب الوطنية باستخراج الدروس والخلاصات، فالحوار الاجتماعي بات متعثرا وغامضا ومنعدم المنهج والتدبير، بالرغم من أنه الأساس الموضوعي حيث لحوار والتفاوض يعتبران آلية من آليات العمل النقابي، لتحسين أوضاع الطبقة العاملة المغربية، وإرساء علاقات مهنية بين الفرقاء الاجتماعيين هدفها الرقي بعالم الشغل، غير أن تجربة الحوار الاجتماعي، دخلت في مأزق حقيقي نتيجة الخلافات والتجاذبات التي طفت على الساحة الاجتماعية الوطنية في السنوات الأخيرة( وهو ما أفرزته تجربة العقدين الأخيرين على عهد حكومة العدالة والتنمية)
  2. الحوار الاجتماعي له وظائف وغايات، وإن غابت صار شكليا وعقيما وموجها للاستهلاك، وهو ما ترفضه نقابة الاتحاد المغربي للشغل بالوضوح الكافي والمطلوب.
  3. الحوار الاجتماعي الحقيقي، هو حول القضايا والملفات المضبوطة بأهداف مرسومة سلفا وبوضوح، حوار يفضي إلى اتفاقات مسؤولة ملزمة لجميع الأطراف، وفي آجال وسقف زمني محدد.
  4. مقتضيات الحوار الاجتماعي الناجع في كل التجارب، تستحضر توفير الإرادة السياسية الفعلية والأجواء الملائمة، واحترام وجهات نظر الشريك الاجتماعي واقتراحاته لجني ثمار ومكاسب لفائدة الطبقة العاملة.
  5. الحركة العمالية ترفض الابتزاز، من أجل فرض قوانين تراجعية ماسة بحقوق العمال، كمشروع القانون التنظيمي لحق الإضراب في نسخته التراجعية، ومشروع قانون النقابات الذي يسعى في نسخته المطروحة، إلى التدخل في الشؤون النقابية وتدجين العمل النقابي. ولا معنى لتشبث الحكومة برفض الزيادة في الأجور في الوقت الذي لا يتوقف فيه التدهور المستمر للقدرة الشرائية، لعموم المأجورين. وتناقضات هذا الواقع، تتطلب التعاطي المسؤول مع الحقائق والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمأجورين والفئات الشعبية، وتجنب مقاربة التوازنات المالية والماكرو- اقتصادية على حساب التوازنات الاجتماعية وأن غير هذا التعاطي لا يمكن أن يجلب الاستقرار والسلم الاجتماعيين الضروريين لكل تنمية شمولية حقيقية ومنشودة.
  6. ماذا تفرز الوقائع المادية والاجتماعية في نظر نقابة الاتحاد المغربي للشغل؟ الوقوف المنهج ضد مصالح الطبقة العاملة، والتسامح بخرق الحقوق والحريات النقابية، والسماح بموجات التسريح الجماعي للعمال والعاملات والإغلاقات غير القانونية لوحدات الإنتاج وعدم تنفيذ الأحكام القضائية لصالح الأجراء، وتفشي ظواهر الفساد وسوء التسيير والرشوة والزبونية والمحسوبية، ونهب المال العام والإفلات من العقاب، وحرمان الغالبية العظمى من العمال والعاملات من العمل اللائق، ورفض التصديق على الاتفاقيات الدولية الهامة والبقاء على الفصل المشؤوم 288 من القانون الجنائي. وهي معيقات وجب استئصالها من المجتمع وواقع علاقات العمل.
  7. أي حوار أنجع للمجتمع في هذه الظروف؟ هو ذلك الذي يهدف إلى تحسين الأوضاع المادية والمهنية للطبقة العاملة، ويعمل تعزيز المستوى المعيشي للفئات الشعبية المتضررة من الأزمة ومن التهاب الأسعار.
  8. الاتحاد المغربي للشغل يعلن بقوة وثبات أنه لن يزكي ولن ينخرط في أي حوار اجتماعي يساهم في تعطيل طاقات البلاد والدفع بها إلى المصير المجهول.
  9. الحوار والتفاوض يبقيان الوسيلة الأنجح لإقامة علاقات مهنية ومتميزة، بين أطراف عالم الشغل بالقطاعين العام والخاص، هذه هي القناعات التي لن تجدها إلا في أعراف النقابات العمالية الأصيلة، والتي تستحضر أساس وجودها في تأطير وقيادة المعارك الاجتماعية دفاعا عن مصالح الحيوية والمشروعة للطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *