انبعاث المركب الثقافي المعاريف محمد زفزاف، في زمن الحاجة إلى الثقافة

انبعاث المركب الثقافي المعاريف محمد زفزاف، في زمن الحاجة إلى الثقافة
شارك

فؤاد الجعيدي

كان اليوم من 23 من شهر مارس 2022، موعدا للمنابر الإعلامية الرقمية والورقية والإذاعية ،  مع السيد رئيس مجلس مقاطعة المعاريف السيد عبد الصادق مرشد وفريق عمله من السادة الأعضاء، في ندوة صحافية عن افتتاح المركب الثقافي محمد زفزاف.

في الواقع لم يكن السيد الرئيس، مثل أغلب النماذج، التي يقدمها لنا الزمن المغربي، الذي قل فيه من يحمل هم الثقافة باعتبارها، حاجة من حاجات المجتمع في وجوده الاجتماعي، تحمي وتصون هويتنا وذاكرتنا ومنها وبها نتجدد ونمتلك القدرة والجرأة، على مساءلة راهننا باعتباره وجودا اجتماعيا وما ينبغي أن يكون عليه هذا الوجود الاجتماعي من تنوير وإشراقات.

كان الرجل واثقا من نفسه، بشوشا قمحي البشرة أمام المنبر، ويتحدث بلسان عربي فصيح تنفلت منه تعابير موازية باللغة الفرنسية عمدا وأدبا لوجود امرأة فرنسية من فرقة الفيلهارمونية المغربية للموسيقى الكلاسيكية..

وكانت أناقته عنوانا لذوق رفيع.. لكن حين تحدث في هذه الندوة كان ملما بالتفاصيل والجزئيات لتاريخ هذه الكنيسة، التي تحولت في أواخر الثمانين إلى مركز ثقافي، وكان شاهدا على المثقفين الذين مروا من هنا مغاربة وأجانب وعرب، وأيضا شاهدا على هذا المعاريف الذي كان بؤرة استقطاب لحركة ثقافية عم إشعاعها كل الدار البيضاء.

المركب حظي بتسمية محمد زفزاف، منذ بداية الألفة الثالثة، اعترافا لهذه القامة الإبداعية في أدبنا المغربي.. لم يكن محمد زفزاف قاصا وروائيا في المشهد المغربي والعربي بل كان مخالطا للناس وجزء لا يتجزأ من فضاء المعاريف ومقاهيه التي أتها من سهول الغرب وصار جزء من ذاكرتها وتاريخها الفني.

كانت المناسبة أيضا للسيد الرئيس، أن يتحدث عن المعاريف كفضاء للتسامح حين فتح أحضانه للشيخ القرضاوي في زمن تدبير الاشتراكيين، ورأى أن هذا التسامح والتعايش الفكري هو ما ينبغي أن يكون عليه حاضرنا.

ذاكرته لا زالت تحتفظ بزيارة روجي غارودي الفيلسوف الاستشراقي الفرنسي

السيد مرشد يحمل مشروعا ثقافيا، يؤمن به،  ويراهن عليه بخلفية المثقف، الذي يقاوم وسط سياق اجتماعي ينتزع للتفاهة مشروعيتها ويعمل على تدمير الذوق الفني العام وسط الناشئة.

لكن الرؤية التي يجمع حولها الأعضاء، أن يستردوا لهذا الفضاء اعتباره الرمزي، ليقوى على النهوض بوظائفه في تربية الناس.

ودون أدنى تحفظ يعلن السيد مرشد أن سنة 2022، ستتولى تدبير الشأن الثقافي، بالانفتاح على التنوع التراثي بكل مكوناته التي بصمت شخصية المغاربة، في علاقاتهم بالإرث العربي الإسلامي والأمازيغي والحساني  وبكل روافده الافريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية والتلاقح مع الثقافات الكونية .

السيدة ممثلة الفرقة الفيلهارمونية ، عبرت عن إحيائها لسهرات في روائع المقطوعات الكلاسيكية ولأشهر روادها. لكن لم يفتها الاعتراف بالمواصفات التي تتوفر في مرافق المركب الثقافي وفق الأعراف والمعايير الدولية.

الموسيقى كما يقول السيد مرشد لها ملكات وإمكانيات، على تهذيب النفوس والسمو بالأذواق، ومن هذا المنطلق خصص المركز قاعات بمواصفات عالمية لتعلم الموسيقى، وإحداث خزانة رقمية لكل الأنماط الموسيقية بالمركز.. وأيضا توظيف أساتذة للتعلمات الموسيقية، واستجاب لأكثر من 500 طلب ويفكر في الرفع من الطاقة الاستيعابية للمركب.

عرف اللقاء أيضا فتح نقاش عميق ومثمر بين الرئيس والزملاء الصحافيين والصحافيات، وكان تجاوبه معها يوحي بكثير من الذكاء والدهاء.

يمكن القول في الخلاصة، أن الإصلاحات التي عرفها المركب الثقافي محمد زفزاف، بعد إغلاق دام لسبع سنوات عجاف، صار اليوم يشكل معلمة تاريخية، ليس للمعاريف بل للبيضاء المدينة الصاعدة بأوراشها الكبرى، بما يوفره من طراز راق في هندسته المعمارية، وما يتوفره عليه من بنيات للاستقبال ريادية من حيث التجهيزات المتوافقة مع المعايير الدولية في الأنظمة الصوتية والإضاءة، والتي ستساعد على ازدهار المنتوج الثقافي، وأن الرئيس سيحافظ في اقتناء العروض بالتوفيق بين الحرص على خدمة القيم الإنسانية مع استحضار العروض ذات الفائدة التجارية ..

وسيكون يوم 26 مارس الانطلاقة الفعلية، لهذه المرحلة الجديدة، في تاريخ المركب والتي ستتضمن تقديم عروض موسيقية من التراث العالمي والعربي والمغربي.

وفي ختام اللقاء وجوابا عل سؤال أحد الزملاء، أكد السيد رئيس المقاطعة أنه بفضل التنسيق بين السلطات المحلية وجمعية تجار المنطقة، ومجلس المقاطعة سيتم إعادة هيكلة الفضاء المجاور والمتقاطع مع المركب الثقافي محمد زفزاف..

وللتاريخ سأعود ثانية للنبش في ذاكرة السيد رئيس مقاطعة المعاريف، الذي لن أجد له وصفا سوى باستعارة عنوان رواية من الأدب الروسي لكاتبها ميخائيل ليرمونوتف ( بطل من هذا الزمان)

وأقول إن الشعوب التي تمجد ثقافتها لن تموت، وتنبعث من رمادها كما ينبعث اليوم محمد زفزاف بيننا.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *