تأملات راهنية: ( فلسفة الصباح)
يكتبها: ذ. المعانيد الشرقي ناجي
ليست لحظات الوجود بالنسبة للمُفكر إلا تأملات في الراهن بما يجعل عقل الإنسان يتجاوز لحظات زمننا البئيس، زمن أضحت فيه الدوكسا تلف عقول الناس عن دروب التفلسف بعميق العبارة وتجاوز سفاسف الأمور. إن الانغماس في ثقافة استهلاكية تتوجه للجانب الطبيعي فينا تُذهبُ كل تأمل يؤسس للمعنى في زمن اللامعنى، لما ينشغل الناس بالتفاهة والإشاعة داخل لبوس الدوكسا، فتأكد أن السطحية باتت عنوان لحظات وجود بئيس، لهذا، نود دفع هذا البؤس المُؤسس خلف التاريخ باستدعاء متعة الفلسفة عبر الإصغاء إلى نداء الوجود ونضرب موعدا مع نداء الحقيقة بتعبير مارتن هايدجر.
عندما نصغي لنداء الوجود يأتي صوبنا كحضور، ينشغل حينها اللوغوس ومعه الدازين بالوجود هنا بعيدا عن لحظات اغتراب الذات داخل دهاليز الظلام، حيث تنتعش الدوكسا وترتدي حذاء الظلامية في صمتِ الكلمات واغترابها. هنا، يكون دور الفيلسوف رفع الغشاوة عن عيون البشر عبر لحظات التفلسف وإخراج المعنى من صمتِ الكلمات حتى تضحى الدوكسا مُهشمة الأطراف وتذهب إلى غير رجعة، وينتعش الإنسان بنور العقل ويقهر هجعات الليل، ويسير على درب العقل والعقلانية بعيدا عن خطاب الخرافة والدجل.
لا نريد الهدوء الذي تتبعه العاصفة، نريد عاصفة فكرية عميقة تخرجنا من دهاليز الظلام إلى نور ووهج العقل، لنتنفس الحياة بكثافة، نريد نقاشات في العمق لا سفاسف الأمور والقشور، فالعامية تضرب بأطنابها جنبات الوجود وعلينا إخراج هذا الأخير الذي تلفه العتمة من كل جانب إلى دروب النور والتنوير، حتى يضحى العقل وسلطة الثقافة هما المسيطرين على تفيك عتمات الظلام وينقشع النور في واقعنا البئيس..