من ينقذ مدينة الشماعية؟!

من ينقذ مدينة الشماعية؟!
شارك

مصطفى فاكر

وأنت تقوم بجولة في الشماعية و أختر الزمن الذي ترتضيه مع إشراقة شمس الصباح، تتفرس وجوه الناس و سحناتهم وفي الكثل الإسمنتية، تحس و كأنها مدينة منكوبة و أن خطبا ما سيقع بالمدينة، شيء قاتم كالحزن و الغبن و الألم يجثم على صدور أهاليها و ساكنيها.

لكن ما يخيف أكثر أنها مدينة صامتة خرساء.

تصل إلى المدينة قادما إليها من مراكش شمالا أو من جهة آسفي جنوبا لأن الشماعية تقع على المسافة نفسها بين المدينتين السياحيتين بامتياز كبير، تقف فيما يسميه أصحابها لاكار وهو بمثابة محطة الناقلات و الحافلات، إنه قلب المدينة النابض بالناس و الجلبة و التجارة و المقاهي و رائحة الشواء التي تملأ المكان، كما أنه مكان لكثير من المجانين و المتسولين و الكلاب الضالة، تنعرج يسارا شارع المسيرة الخضراء أو ما كان معروفا به شارع خربة عيشة، شارع محفر شوارعه ضيقة يفتقر للتصميم الهندسي و كأنه تعرض لقصف مدمر بنايات تملأ الحواشي لازال يحتفظ بمعالم المجال القروي حيث أغلب ساكنيه يربون الدجاج و البهائم و الخرفان، فوضى في كل مكان و روائح نتنة لحد الغثيان، أكوام من الأزبال في جانب موقف الطاكسيات.

في الضفة الثانية من المدينة حي السوقية، حي تاريخي سكنته النخبة الحمرية و علية القوم فيما مضى، أصبح الآن نقطة سوداء، أضواء خافتة متسخ و شوارع محفرة، حي تعشش فيه البطالة و الفقر، قرب المسجد العتيق حديقة منظرها منفر و مقزز، مرتعا للشباب العاطل و كل من ضاقت به سبل العيش، و نظرا لكافة سكانه دأب تجار الانتخابات على جعله خزانا انتخابيا، تركوه عرضة للتهميش، مثله مثل سوق الخميس زيمة بحيث يركز المسؤولون هنا فقط على تزيين مدخل المدينة و يذرون وراءهم أحياء أخرى تنتظر القادم من الأيام لتظفر بنور ساطع أو تبليط أو……. سياسة قديمة و بائدة.

في المركز الثقافي الذي تم إصلاحه كانت هناك خزانة كبيرة تحتوي أمهات الكتب في الفقه و التاريخ و السياسة و الفلسفة، تم إعدامه و لم نعرف إلى أي وجهة انتقلت هذه الكتب؟  هذا المركز الذي استبشر بها التلاميذ و السكان خيرا ظل مغلقا، ومن المؤكد أن القيمين على تسيير هذه المدينة يكرهون كل ما يمت بصلة للأنشطة الثقافية أو الرياضية، تتناسل المقاهي و تزداد في كل مكان لكنها فارغة باستثناء أيام المقابلات الرياضية  حيث تصك الأذان من كثرة الصراخ و هتافات المتفرجين الذين يشجعون فريقهم المفضل و في بعض المرات يكسر الروتيني اليومي أحداث مأساوية كالقتل و الاغتصاب و الخيانة الزوجية لتطفو على سطح الأحداث الأكثر إثارة و تداولا بين المهتمين و الفضوليين.

في كل ركن وزاوية من المدينة تجد شبابا بدون دراسة و لا شغل، يقتلون الوقت كما يحلو لبعضهم أن يقول، أفة البطالة تنخر جميع الأسر.

و من أغرب الطرائف التي أصبحت حديث العام و الخاص هو التصويت في الدورة الماضية على تأسيس فريق رياضي ثان، رغم أن كرة القدم في المدينة تعيش على انتكاسات و إخفاقات متتالية و الفريق الأول يعرف أزمة مالية خانقة، ميزانيات ضخمة تذهب سدى و في مشاريع وهمية، يبدو أن المسؤولين هنا في المدينة يبحثون فقط عن الأضواء و البوز و الترقي السياسي ولو على حساب مدينة صامتة.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *