متاهات اليومي
د. سعيد ألعنزي تاشفين
سألني صديق لي ؛ هل من السهل أن تكون جمعويا يؤمن بالفكر المدني ؟
يا صديقي العزيز؛ إننا في مجتمع يحاكم بقسوة كل المبادرين ، و يطبع من الأنانيين ، فيعاقب كل من يأخذ المشعل لينير سبل الظلام ، ثم ينتهي هدفا لكل قذائف التكالب الفظيع .
يا صديقي ؛ يستحسن أن تعشق الجبال و الغابات و البراري من أن تكون جمعويا يحترق في مقصلة الرعاع و القطيع المحرضين من » زعماء » الشر المبين .
يا صديقي ؛ أن تكون جمعويا حقوقيا فتؤازر العشرات و المئات ، ثم تنتهي متشردا في عتبات الإفك و التكالب و الادعاءات ، فيقولون فيك أكبر مما قال مالك في الخمر .
يا صديقي ؛ أن تكون صاحب قضية فتنتصر للفكر الحر ، ثم يقيمون فيك شرع الأحقاد ، فتكون بعدها هدفا للطغمة الحاقدة هنا و هناك ؛ ثم تنتهي حقود ، و ظالما ، و متهورا ، و مغتصبا ، و منتهكا ، و … و هكذا حال ضريبة المواقف يا صاح ..
يا صديقي ؛ أن تعشق الوطن فتكون من وجهة نظر الرفاق عياشا ، و أن تعشق قضاياك الأسرية المربكة لكل أحلامك فتكون ديوتا ، و أن تؤمن ببصيص أمل فتكون من وجهة نظر أنبياء الثورة انتهازيا .
يا صديقي ؛ أن تكون من وجهة نظر المغرب الرسمي ثوريا ، و من وجهة نظر الشعب مخزنيا ، ثم لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء ، ثم يلتقي دعاة المغرب الرسمي و دعاة المغرب الثوري فيتفاهمان ؛ ثم تكون أن الضحية على كل حال .
يا صديقي ؛ إستمتع بالموسيقى ؛ و الموسيقى عند نيتشه تخلصك من العدمية ، بالنوم العميق ؛ فما فاز إلا النوام ، و بالسفر ؛ و السفر هوية الأذكياء ، و إياك أن تكون عميقا ؛ فكن سطحيا و كفى .
يا صديقي ؛ أزمتنا نفسية قبل كل شيء ، فلا مداخل للحداثة في التنوير ، أو في التثقيف ، أو في ترويض الضباع ، أو في ردم الأصنام ؛ بل فقط للحداثة مدخل واحد أن نعطل بناء المساجد و القناطر و الجسور و العمارات و الحدائق وووو ، ثم أن نتستثمر فقط في بناء المصحات النفسية .
يا صديقي ؛ إن حاجتنا إلى سيغموند فرويد و جاك لاكان و فيلهلم رايش و جاك بياجي و غيرهم ماسة اليوم ، أكثر من حاجتنا إلى الفقهاء و العلماء و المدراء . هذا حالنا يا صاح ، و ما ينبؤك مثل تاريخ .