الإعلام بالمغرب: الورش المؤجل؟ ماذا أيقظ فينا الباحثون ؟

الإعلام بالمغرب: الورش المؤجل؟ ماذا أيقظ فينا الباحثون ؟
شارك

فؤاد الجعيدي

نظمت الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، وبدعم من الفرع الإعلامي للشبكة الدولية

UNI AFRIQUE يوما دراسيا يوم السبت 21 مايو 2022 بفندق الفرح بالدار البيضاء، تحت عنوان الإعلام بالمغرب: الورش المؤجل..

هذا اللقاء الذي ساهم فيه ثلة من الباحثين المنشغلين بقضايا البحث الأكاديمي، الدكتور علي كريمي والدكتور حسن حبيبي والدكتور عزيز مشواط إلى جانب الأساتذة المعنيين بالقضايا المهنية للإعلام الوطني من مواقع الممارسة الميدانية الأستاذ عبد السلام الغروري عن الفيدرالية المغربية للناشرين والأستاذ توفيق ناذيري عن النقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام  وأحمد السرياني عن نادي الصحافيين الشباب، وبحضور العديد من الصحافيات والصحافيين وبعض طلبة أسلاك المستر والدكتورة في الإعلام.

هذه الندوة التي أدارها الأخ بوشعيب الحمراوي بصرامته المعهودة ضبطا لزمن المداخلات، وفي نفس الآن تكلف بتقديم خلاصات عن كل المداخلات قبل فسح المجال للنقاش بين الحاضرين والتعقيب من الأساتذة المساهمين في الأشغال .

الانشغالات التي حملها الفكر الأكاديمي في هذا اللقاء تعددت فيه المقاربات، تلمسا لفهم الإشكالية العامة للموضوع، والتي أحسن المنظمون اختيارها في هذه الظرف بالذات، الذي أقدمت فيه الدولة على الخوض في رهانات عمليات التحديث للمجتمع، كما قال الأستاذ الوافي الكاتب العام للجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال وهو يؤكد على أن هذه اللحظة تقتضي الارتقاء بالنقاش للخوض في قضايا الإعلام بجدية أكثر، منبها على أن عمليات التحرير التي دشنها المغرب في وقت سابق ومبكر نسبيا في قطاع الإعلام، قد توقفت دون أن تنجز انتظاراتها كاملة، علما أن الدولة قد كانت لها الجرأة في العديد من الأوراش منها العفو الصادر على المعتقلين السياسيين سنة  1994 وعودة المنفيين ثم تجربة التناوب التوافقي التي دشنت على عهد الراحل عبد الرحمان اليوسفي لإدارة الشأن العمومي سنة 1998، وتقرير الخمسينية الذي بحث وبجرأة كبيرة في تاريخ المغرب الحديث وما عرفه من ضياع للفرص من منطلقات الرصد العلمي والتاريخي للوقائع والأحداث مع طرح البدائل، للمغرب الممكن ضمن الخيارات الديمقراطية.. ليقدم المدخل المشروع للنقاش حول الأوضاع العامة لإعلامنا الوطني، بالتساؤل عن مسار التجربة الإعلامية والتحرير الذي عرفه القطاع السمعي البصري، حيث كان للمملكة السبق فيه لكن ما الذي حدث لتنغلق هذه التجربة على ذاتها وتنحصر آفاقها؟ وهو ما يولد اليوم قلقا مجتمعا دعت له الجامعة المهنيين والمختصين للتداول في معطيات هذا الوضع أملا في الخروج من أنفاقه بتوصيات تفتح آفاقا جديد للمستقبل. وأكد محمد الوافي في معرض تقديمة للندوة، أن الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل ما فتئ وفي كل مناسبة يشيد بأدوار نساء ورجال الإعلام ويدعو الفريق النيابي للمنظمة من أجل الترافع على القضايا التي تهم الجسم الإعلامي في جوانبه الاجتماعية والحقوقية.

حاتم العوني ممثل الاتحاد الدولي للشبكات الإعلامية بعد تقديم المنظمة UNI GLOBALE  وعدد منخرطيها البالغ 20 مليون و 900 منظمة نقابية أكد على أن النقابات تلعب أدوارا ريادية، وأن ثمار التعاون مع الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال أهلها لاكتساب العضوية داخل هذه المنظمة العالمية، لما تحظى به من جدية في العمل والمواقف وروح نضالية.

وأولى المداخلات انشغلت بهذا المؤجل كمشروع منذ سنة 1975 التي شكلت لحظة انفتاح وتوسع وتعدد في المقاولات الاعلامية بحضور التيار الأمازيغي واليساري وفق تصور الأستاذ عادل كريمي.

لقد صاغت مناظرة الإعلام سنة 1973 سؤالا جوهريا عما ينبغي أن يكون عليه الإعلام وتعددت المحطات، وجاءت قوانين، وقع فيها الالتفاف عن المعنى الحقيقي لإعلام تقدمي حيث أقحمت العقوبات السالبة للحرية الصحافيين وفي سنة 2004 التي كانت تاريخا مرجعيا في مجال الحقوق والحريات.. وبعد سنوات خلقت مدونة الإعلام والنشر وتم إلغاء العقوبات السالبة للحرية.. لكن هذا الإعلام في حاجة لقضاء ملم بخباياه ودهاليزه كما في التجربة الفرنسية محاكم للبث في قضايا الإعلام والاتصال في الوقت الذي تم فيه ترحيل العقوبات للقانون الجنائي.

ممثل فيدرالية الناشرين، السيد عبد السلام الغروري نظر للتأجيل أنه امتد في الزمان وتخلف عن الالتحاق بمجموع التطورات التكنولوجية الهائلة التي يعرفها اليوم الإعلام، في ظل انتشار الثورة الرقمية حيث اختلت المعايير في التعاطي مع الصحافة والإعلام الذي بات يعرف مفارقات بين وظائفه وهشاشة أوضاعه..

هذا النفق اليوم يقتضي وجود تصورات فعالة وخارطة طريق وهي المنطلقات التي استمدت منها الفدرالية موقعها في ظل جائحة كوفيد وتداعياتها على أوضاع المقاولات الإعلامية، ودعوتها لجلوس الإعلاميين إلى طاولة الحوار والنقاش، لصياغة مقترحات للنهوض بهذه الأوضاع وما تقتضيه من دعم إن على المستوى الجهوي أو الوطني وأن يكون للإعلام قانون خاص به للمساءلة.

الأستاذ حسن حبيبي، فضل وعلى عادة الأكاديميين النبش بالأسئلة في استنطاق المؤجل وسياقاته وفضل التعاطي مع السؤال بتحويره إلى مختبره الجامعي، لتأمل العلاقة بين منتج المحتوى الإعلامي ومستهلكه وما ينبغي أن تكون عليه أطراف هذه العلاقة الثنائية من إلمام معرفي تقني بالأساس للصحفي في التكوين الإعلامي وتربية الجمهور المستقبل للمعلومات على وسائل الإعلام.

لكن ظل يعترف للصحافة بوظيفتها الاستقصائية، كما اعترف للإعلام باعتباره معرفة لن تتطور إلا في ظل ما تراكمه البحوث داخل المحترفات الجامعية.

وذهب في خلاصته أن الدولة ظلت عاجزة في إحداث تكوينات عليا ومتخصصة في فروع الإعلام وما وجد من اجتهادات ظلت فردية متناثرة هنا وهناك.

لكن نظره للإشكالية العامة، ذهب إلى ضرورة تربية الناس على وسائل الإعلام. كيف نعلم الأجيال التقصي وتحليل المعلومة وتطوير رؤيتهم النقدية لمحيطهم وللعالم؟

الاستنتاجات التي رافقت مداخلته، هي نتيجة لبحث ميداني مسح عينة من 1600 فردا وموزعة على تلامذة الإعدادي والثانوي، تظهر أن مؤثرات المحيط المدرسي والأسري وغيره فاعلة في اختيارات المصادر الإعلامية ونوعيتها.

في حين كانت مداخلة نادي الصحافيين الشباب لأحمد مدياني، تعاطى مع الإعلام كانتكاسة في ظل الجائحة، والتي ضربت استقلالية حقل العمل واعتبر مهنة الإعلام هي الوحيدة التي تتقاطع في شأنها مستويات بدء بالقانون الجنائي والاتفاقيات الجماعية ونزوات المستشهرين والأمن وأن الكل يحشر أنفه في قضايا الإعلام..

ومن بين المفارقات التي وقف عليها أن العديد من المؤسسات لم تصدر تقاريرها حول الصحافة والصحافيين في ظل أزمة كوفيد، كما فعلت مع العديد من القطاعات، واستنتج أن من صام عن الكلام ( المجلس الاقتصادي والاجتماعي، المندوبية السامية للتخطيط) وأن تفكير الدولة لم يتجاوز حدود دعم الأجور. في حين ظلت إشكالية الإشهار وتوزيع من المسكوت عنه في نظره.

وخلص إلى ضرورة نبذ التفرقة في صفوف الصحافيين والإعلامين من أجل جبهة موسعة لتنظيم الجسم الصحافي والإعلامي، والعمل على تكوين الصحافيين وتأهيلهم للترافع على أوضاعهم.

الأستاذ توفيق ناذيري، اهتم في مداخلته بتشريح واقع الإعلام السمعي البصري من خلال القانون المنظم وأيضا المحدث للهيأة العليا باعتبارها مؤسسة دستورية وانشغل بقراءة التناقضات الواردة في بعض البنود والتي حان الوقت لمراجعتها من أجل السماح للأقطاب العمومية والخاصة بمزيد من التطور.

الباحث السوسيولوجي، عزيز شواط مدير مؤسسة منصات، انشغل بتحليل أزمة الجائحة على الإعلاميين وحريتهم ومدى تأثيرها على المضامين.

استنتاجات البحث الميداني قادت فريق العمل إلى استخراج مؤشرتها من بينها أن الأخبار المتعلقة بتتبع الحالة والبائية، هيمنت ب80 بالمائة وأن الاهتمام الاقتصادي، تراجع إلى 12 بالمائة وتراجع الإشهار وأخبار النجوم.

الهشاشة كانت السمة الأساسية للوضع السوسيو مهني للصحافيين مرفوقا بقلق اجتماعي لدى الصحف الورقية، فيما زاد التشبث أكثر بالأخلاقيات المهنية لدى المنابر الإعلامية.

النقاش الذي فتح بين الحاضرين، أتى بمزيد من الرصد للأعطاب التي يعاني منها اليوم قطاع الإعلام والصحافة، والممارسون لمهن الإعلام كانوا أكثر ارتباطا بأوجاعهم اليومية التي كان عنوانها الأبرز أن هناك اليوم العديد من القضايا التي تحتاج إلى التعاطي معها بكل جرأة من أجل الحد من هذا النزيف اليومي لمهنة المتاعب وعلى رأسها ما لحق قانون الصحافة والنشر من تعديلات في باب اللائمة والتي عملت على إقبار العديد من المنابر الإعلامية وما يحيط من لبس تعتيم في تسليم البطائق المهنية.

ومن بين الخلاصات الأساسية التي جاء بها هذا اليوم الدراسي:

  1. هناك إجماع، على أن إعلامنا الوطني يعيش أزمات بلغت ذروتها اليوم وتشكل عائقا نحو التأهيل الشامل للمهنة في ظل المتغيرات الجديدة.
  2. باتت الظروف الجديدة والراهنة، تقتضي تنظيم مناظرة وطنية، تشارك فيها كل الأطراف المرتبطة والمعنية بالصحافة والإعلام، من كفاءات وطنية جامعية مهتمة بالبحث العلمي الإعلامي، والصحافيين والناشرين، تمهيدا لإصلاحات عميقة تتماشى مع تطلعات بناء مجتمع المعرفة والحداثة.
  3. دعوة الحكومة وبالأخص وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لإحداث مؤسسات عليا، لعلوم الصحافة والإعلام، مع إحداث مركز وطني للبحوث الصحافية والإعلامية، وتوفير الموارد البشرية والدعم اللوجستيكي، توطيدا للجهود المتناثر عبر العديد من المحترفات ببعض الجامعات الوطنية.
  4. تعزيز الجبهة الاجتماعية للصحافيين والإعلاميين وتوحيد النضالات، ضمن مختلف الإطارات الموجودة للصحافيين والإعلاميين من أجل تقوية سبل الترافع على الإصلاحات المصيرية، ولتشكيل قوة اقتراحية قوية ووازنة لتسريع وتيرة الإصلاحات المطلوبة، أخذا بعين الاعتبار لما بات يحظى به الإعلام من تأثير قوي لدى الشعوب والحكومات.

وقد انبثقت عن هذا اليوم الدراسي لجنة عهد لها بتجميع كل الاقتراحات وضم المداخلات في إصدار، توثيقا للمساهمات الفكرية الغنية التي تقدم بها الأساتذة الأفاضل، وأيضا لتكون لجنة للمتابعة فيما تقتضيه الأيام القادمة.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *