حول اللبس الحاصل في إدماج الفنانين الذين يشتغلون لحسابهم الخاص ضمن نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض

حول اللبس الحاصل في إدماج الفنانين الذين يشتغلون لحسابهم الخاص ضمن نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض
شارك

بعد صدور المرسوم رقم 139.22.2المؤرخ ب 4 مارس 2022 والمتعلق بإدماج الفنانين الذين يشتغلون لحسابهم الخاص ضمن نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، تلقى العديد من مهنيي العروض الأجراء(ممثلون، مغنون، عازفون، تقنيون…) الحاصلين على بطاقة الفنان المهنية اتصالات ورسائل من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حاثة إياهم على تسوية وضعيتهم تجاه المؤسسة المذكورة.

وإذ تعلن الهيئات الموقعة على هذا البيان عن مساندتها المطلقة لجميع المجهودات الهادفة إلى تنزيل المشروع الملكي السامي الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والقاضي بتعميم الحماية الاجتماعية على جميع فئات المواطنين بما فيهم فئة الفنانين المستقلين، فإنها تعرب في نفس الوقت عن قلقها البالغ من تبعات تنزيل المرسوم المذكور على فئات من الفنانين والتقنيين والإداريين الذين لا علاقة لهم لا من بعيد ولا من قريب به، نظرا لطبيعة النشاط الفني الذي يمارسونه والخاضع لعقود شغل وهم فنانو وتقنيو وإداريو فنون العرض الحية والمسجلة.

وبناء على  ذلك، سارعت مجموعة من الهيئات الفنية وهي النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية -نقابة المؤلفين والملحنين المستقلين المغاربة  -النقابة المهنية لحماية ودعم الفنان -النقابة الفنية للمنتجين والمنتجين الذاتيين -نقابة المسرحيين المغاربة وشغيلة السينما والتلفزيون -النقابة الفنية للحقوق المجاورة -الغرفة المغربية للتقنيين والمبدعين السينمائيين، على إصدار بيان  توضح لمنخرطيها ولعموم فناني وتقنيي وإداريي العروض وعموم الرأي العام ما يلي:

1- إن المرسوم المذكور لم يخضع لأي استشارة مع الهيئات الموقعة على هذا البيان ، وتم إعداده واعتماده دون أية مقاربة تشاركية، عكس ما ينص عليه القانون رقم 98.15 في مادته السادسة التي تقر بأن كيفيات تطبيق نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، تحدد بالنسبة لكل صنف أو صنف فرعي أو مجموعة من الأصناف، بمرسوم يتخذ بعد أجراء مشاورات مع الفئات المعنية والفرقاء الاجتماعيين؛

2- إن المرسوم السالف الذكر يعني فقط الفنانين المستقلين وهم المبدعون المؤلفون أساسا، أما الفئة العريضة من المؤدين والمخرجين والتقنيين والإداريين العاملين في مجالات العروض الحية والمسجلة (مسرح وعروض حية، سينما، موسيقى، رقص، سيرك منوعات..)، فهم ليسوا في نشاطهم الفني عمالا مستقلين، بل أجراء مهما كانت تسمية العقد وفقا للمواد 6-7-8-9 من قانون الفنان والمهن الفنية ومنهم فنانو وتقنيو وإداريو العروض كما تعرفهم الفقرات 3-4-5 من المادة الأولى من نفس القانون؛

3- عملا بمقتضيات المادة 20 من قانون الفنان، القاضية بإدماج الفنانين في أنظمة الحماية الاجتماعية القائمة وفقا « لطبيعة العقد وطبيعة النشاط الفني » الذي يزاولونه، فإن إدماج فئة مهنيي العروض الأجراء (الذين اعتبروا تعسفا وبحكم الأمر الواقع كمستقلين) ينبغي أن يكون في إطار الظهير الشريف رقم 1.72.184 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي عبر الاقتطاعات من الأصل بمساهمة المشغل، وقد تم العمل على هذا المشروع على عهد الوزير السابق عثمان الفردوس ولا نعرف مآله لحد الساعة لأسباب مجهولة؛

4- إن المادة 7 من المرسوم المتعلق بالتأمين الإجباري عن المرض للفنانين المستقلين، تكلف وزارة الشباب والثقافة والتواصل، باعتبارها هيئة للإتصال، بتوفير معلومات و بيانات تحدد الفئة المستهدفة من المرسوم (الفنانين المستقلين) لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهي معلومات وبيانات غير متوفرة لديها أصلا، لأن بطاقة الفنان المهنية ليست مهنية لكونها لا تتضمن أية معلومات حول الوضعية المهنية لكل نشاط على حدة، وقد سبق التنبيه لذلك مرارا وتكرارا دون جدوى.

وإذ تؤكد الهيئات الموقعة على هذا البيان أن هذا اللبس يعد انقلابا على قانون الفنان والمهن الفنية، فإنه يكرس في ذات الوقت أخطاء قانونية جسيمة، لها امتدادات في الوضعية الضريبية غير السليمة لفئة الأجراء، تتعلق بمدى سلامة مسطرة استخلاص مستحقات الدولة الضريبية على فناني وتقنيي وإداريي العروض  عبر « الباتنتا » رغم أن المادة 60 من المدونة العامة للضرائب تقر بالحجز من المنبع؛ علاوة  على عدم  دقة بعض المهن الفنية المدرجة في جدول المهن التي يحق لها الحصول على المقاولة الذاتية لأنها غير منسجمة مع مفهوم المقاول الذاتي لكونها ليست عملا خاصا ولا فرديا.

ونظرا لخطورة الوضع المكرس، عن علم أو بدونه، من الناحيتين القانونية والتنظيمية وقبلها الدستورية، فإن النقابات الفنية الموقعة على هذا البيان تشدد على ما يلي:

– تنبه أن المرسوم المعني، نتيجة عدم دقته واستناده على واقع غير مهيكل، يكرس ضرب ما يقارب الثلاثين سنة من مجهود المملكة المغربية في تنظيم المهن الفنية، ومجهود الهيئات والنقابات المهنية الجادة في الدفاع عن مصالح الفنانين وكذا مجهود المقاولات الفنية الحقيقية من أجل هيكلة القطاع، والذي لا يمكن أن يتحقق إلا بتنظيم العلاقة فيما بينهما في إطار علاقة متوازنة يحددها القانون وتحسنها الإتفاقيات الجماعية؛

– تنكب حاليا على إعداد مذكرة مفصلة عن الأخطاء القانونية المرتكبة، جراء إقصاء ذوي الخبرة من المهنيين، وستوافي بها كل الأجهزة والمؤسسات الحكومية المعنية بالملف، بغية تدارك ما يمكن تداركه؛

– تدعوا الفنانين والمهنيين إلى اليقظة والتكتل من أجل مجابهة هذا المنعطف الخطير الذي ستكون له عواقب وخيمة على مستقبل الثقافة المغربية، لكونه عن علم أو جهل يكرس فتح باب الريع أمام بعض المقاولات المعتاشة على الدعم وطلبات العروض العمومية باستغلال الفراغات القانوينة لقهر الفنانين بأموال عمومية في غياب أي تقنين للعلاقات الشغلية بينهم وبين المقاولة؛

– تنبه أرباب المقاولات الفنية المواطنة والمهنية الحقيقية إلى خطورة استمرار الحال على ما هو عليه لما يشكله هذا الوضع من تمييع للمجال، وإشاعة للمنافسة غير الشريفة بينها وبين « مقاولات » ريعية من خلال استغلال غياب الهيكلة وتكريسه، ليكون الفنان والتقني والإداري والمقاولة الجادة معا ضحية لوضع غير طبيعي يزداد تفاقما بفعل القرارات الارتجالية المتسرعة والمتراكمة.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *