هل الأوضاع الدولية اليوم، تحمل إرهاصات مرحلة جديدة من التحالفات بين الدول؟
بقلم الدكتور سعيد الدلودي
تسعى الحكومة الفرنسية الجديدة للتعامل مع الإشكالية المالية والاقتصادية والاجتماعية، عبر صناديق الاقتراع والحوار الديمقراطي الذي لم يكن بالحسبان منذ 5 عقود، وبدا أن المواطن الفرنسي في مأزق انشطاري لم يسبق له مثيلا ، حيث توزع الفرنسيون إلى ربع يتمسك باليمن واليمين المتطرف وربع آخر مع اليسار المتطرف وربع مع الوسط.. وما تبقى من الرافضين للنظام..
فالمعضلات الاجتماعية، باتت تنتظر حلولا للتضخم والزيادة في الفوائد والركود في الأجور.. مع التصاعد في نسب البطالة، يوما بعد يوم…وتضخم المديونية يثقل كاهل الدولة ..
فجميع الاقتراحات يقع عليها النقاش وتحظى بالإسهاب في التحاليل والرؤى في اطار من الترافع الحر والديمقراطي بالبرلمان . وتتخذ الحكومة الاجراءات البينة حسب التصويت بالأغلبية..
ويتبين للمراقبين والمتتبعين، أن منطقة الاورو تعيش زوبعة مرعبة مع الحرب الروسية الاوكرانية وتداعياتها، من حصارات اقتصادية وطاقية وارتفاعات في الاثمنة وانهيارات في البورصات، مما جعل جميع التكهنات والحلول باتت في أيادي باطنية تخطط في خفاء…ولم يبق لأصحاب القرار اي أدوات للتأويل والمراقبة..
فأمريكا أصبحت بدولارها وأساطيلها المسلحة شبح لا يسمن ولا يغني.. أمام مواقف صارمة لمجموعات من الدول النامية تقودها الصين وروسيا والهند، مع من يدور ويحوم في فلكهم..الجميع هيمن عليه الترقب والاستثمارات والمعاملات باتت في حيرة من أمرها..
فالواقع الامريكي ما بعد الألفية الثالثة تصدع بقوة الايديولوجية المعولمة، وثقافاتها ومؤسساتها التكنولوجيا الرقمية والمال المتدفق. وغدت المجتمعات أكثر انفتاحا وتأثرا بالعالم الخارجي .وصدق من قال أن الافعى تموت بسمها ..حيث صار فيها الانسان فرد مستهلك عالمي بدون هوية ..كوسموبوليتي.. حاملا معه شتى الثقافات وباتت الدولة بدون حدود ولا سيادة. ولم يبق للأحزاب سوى تلبية رغبة عالم المال والمؤسسات المالية والرقمية، رغم تقهقر الشعوب…فالسياسات ما بعد كورونا ومخلفات الصراع الذي هو قائم بين الليبرالية المتوحشة القائمة في الدول الغربية ومركزها بالولايات الامريكية والدولار والليبرالية الاجتماعية وبين الدول النامية مركزها الصين والهند وروسيا .
نظام عالمي جديد في طور التشكل لا بد لظروف ولادته من أزمات اقتصادية وانسانية، واوكرانيا هي الدليل القاطع على ارهاصات المرحلة، فالصراع على أشده للبحث على توافق حتى لا يتكبد العالم خسارة جسيمة قد تذكرنا بما وقع لقوم نوح. وربما هذا المنحى الذي تأخذه الوقائع والأحداث هو الحل السليم..
فحكومات الدول التي هي في طريق النمو الناتجة عن قوة المال والاوامر الخارجية للاستلاء والتحكم في قرارات السلطات مسخت من حالها الى ديكتاتوريات.. تستجيب مع أوامر أرباب المديونية بجميع انواع العنف.. ورغم العصيان المدني والخرجات المناهضة، ذات الطابع السليم ..فقد غدا السكوت واللامبالاة والكذب في بعض الأحيان هي وسيلة لربح الوقت لا أقل ولا أكثر… فهل ستطيق الشعوب الاستمرار في هذا المسار؟