المندوب السامي …..لا أحد يعلو على دستور البلاد
الدكتور ابو النعمان
رئيس المنتدى الوطني للبحث والدراسات في الشؤون السياسية النقابية
ليس من عادة الاتحاد المغربي للشغل، ولا ضمن برامجه النضالية، التشهير بالمؤسسات الوطنية لدى المنظمات الدولية المختصة بنزاعات الشغل وبالتضييق على الحريات النقابية، فحسه الوطني المتجذر عبر تاريخه يجعله ينحاز للتبصر والحكمة بمنطق يراعي المصلحة العليا للبلاد، ويراعي مبادئه التاريخية التي تأسس عليها منذ 20 مارس 1955 المرتبطة بالوطن وبمقدساته.
غير أن ما تشهده المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير من تسلط رئيسها وتجنده للهجوم على العمل النقابي وعلى إرادة العاملات والعاملين في ممارسة العمل النقابي النزيه والشريف وأحقيتهم في تنظيم يكون مُعبرا عن صوتهم ومطالبهم وانخراطهم، كغيرهم من الموظفين، في سيرورة كونية ووطنية تجسد حقهم الدستوري الذي يكفل لهم هذا الحق برعاية الدولة وحمايتها تعزيزا لمبدأ الديمقراطية ولترسيخ قيم الحق والقانون .
المندوبية السامية في شخص رئيسها تريد أن توقف الزمن السياسي والنقابي وتعود به لسنوات الرصاص، لسنوات القمع والتنكيل بالمناضلين ومحاربة العمل النقابي وتشتيت المكاتب النقابية ومعاقبة المسؤولين بها، يريد أن يضبط ساعته خارج الزمن الكوني حيث الحرية النقابية صنو الديمقراطية ورديف دولة الحق والقانون.
إن الممارسات التي أقدم عليها المندوب السامي في حق المناضلين من تنقيل وتعسف وصمة عار في جبين مؤسسة كان يجب أن تكون رائدة ومثالا لمغرب ينمو ويصبو لتثبيت مادافع عنه المقاومون وأعضاء جيش التحرير وشرفاء هذا الوطن، مؤسسة نموذجية في تدبير علاقتها بموظفيها لا أن تكون نشازا بممارسات عفا عنها الزمن.
وأن يمتد العداء لمنظمة تاريخية هي جزء لا يتجزأ من تاريخ المغرب الحديث، منظمة كان لها الحضور القوي في الدفاع عن البلاد ضد المستعمر، ومناضلوها سجلوا بمداد الفخر والاعتزاز بصماتهم القوية في مسار معركة التحرر الوطني، تشهد على ذلك كل البحوث والدراسات التي هي في أرشيف المندوبية، وتشهد عليها الذاكرة الوطنية التي جعل فيها النقابيون تحرير المغرب ورجوع ملكه المنفي، قدس الله روحه، أولوية قبل استقلال النقابة ومغربتها، لذلك فإن إقدام الاتحاد المغربي للشغل اليوم على رفع دعوى وشكوى لمنظمة العمل الدولية ينخرط في رفض هذه الممارسات وشجبها واعتبارها لا تليق بمغرب اليوم ويطالب كل الجهات المسؤولة بوقف هذا النزيف الذي جعل عددا من النقابات الدولية تدخل على الخط وتعلن تضامنها وتنديدها بما يجري داخل المندوبية.
إقدام المندوب السامي على إعفاء ونفي مجموعة من أعضاء المكتب النقابي وتقديمهم لمجالس تأديبية مفبركة بسبب انتمائهم للاتحاد المغربي للشغل جعله يتموقع ضمن خصوم الحركة النقابية التاريخية ، وينحرف بالمؤسسة عن أهدافها التي أنشأت من أجلها والتي ترأس مؤتمرها التأسيسي في مارس 1973 المغفور له الحسن الثاني لتكون آلية » للتكريم والاعتبار وتحسين الأوضاع الاجتماعية والمادية لرجال المقاومة وأعضاء جيش التحرير وإدماجهم في المجهود الوطني لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإبراز أمجادها التاريخية في ملحمة ثورة الملك والشعب »…فكيف لرئيسها اليوم أن يكون في واجهة التسلط وفي واجهة الصراع النقابي الهادف إلى إسكات صوت النقابة وتكميم أفواه المناضلين؟؟؟