الدار البيضاء عاصمة المسرح الجامعي (الحلقة الثانية)
المنظار :احتفت مدينة الدار البيضاء بالدورة 34 من المهرجان الدولي للمسرح الجامعي من 23 إلى 28 من شهر يوليوز 2022 ، ومن الخلاصات التي استنتجها الأستاذ أحمد طنيش، أن مدينة الدار البيضاء ربحت رهان إعادة خلق المسرح وهي المدينة التي كانت حاضنة للعديد من فرق الهواة والفرق الاحترافية..
هذه الشمس الثقافية ظلت تدفء البيضاء بالرغم من هيمنة المال والأعمال على واقع معاملاتها وهي القلب الاقتصادي النابض للمملكة.
ولمن لم تسمح له الظروف متابعة هذا الحدث الثقافي، فإن الاستاذ أحمد طنيش يقدم في مقالته إطلالة جميلة على أحداث ووقائع هذه التظاهرة الفنية والجمالية بامتياز.
تقرير: أحمد طنيش
من المسرح إلى المسرح:
لحظات الفرح بالمهرجان في حفل الاختتام
قدم لنا المسرح الكلاسيكي، كل المسرح، بدء من جانبه الروحي والطقوسي مرورا بباقي الجوانب الإحتفائية منها والدرامية، من تم نستحضر النصوص التاريخية والشعرية والفلسفية تحديدا، بل إن كتاب البيوتيكا (فن الشعر) لأرسطو، كان واضحا وصريحا؛ إذ أدرج المسرح ضمن الشعر، وعليه بقي المسرح يجنح إلى ما هو شعري وشاعري، كما قدم لنا المسرح الكلاسيكي بمدارسه واتجاهاته وأعلامه كل الطقوس المسرحية خصوصا في زمن العرض في الفضاء الدائري أو في العلبة الإيطالية، أو في أشكاله المسرحية المرتبط بالجانب الأنتربولوجي عبر العالم ومنها نموذج الحلقة، لذا فقد أطرنا المسرح الكلاسيكي وقدم لنا البناء الكامل الذي من الممكن أن نمارس عليه الهدم وإعادة البناء أو التجاوز لذا نستلهمه في لإبداعاتنا ونوظف مصطلحاته ووحييه في تقريرنا الصحفي لأن للمسرح الكلاسيكي البداية الأخرى بشروطها وحفلها والذي تتخلله المشاهد والفصول وصولا إلى النهاية الأخرى التي تفصل في الحبكة، ليكون التطهير catharsis، الذي بقي خاصية في المسرح عموما يظهر ويختفي ويتطور مع مراحل الإبداع..
رئيس المهرجان عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، ذعبد القادر كنكاي، يقدم تصريحات عن مميزات الدورة 34 من المهرجان لوسائل الإعلام.
التقرير الصحفي
بناء على تاريخ المسرح ووقوفا على مرحلة المسرح الكلاسيكي الذي يخبرنا أن المسرحية كانت حفلا بل كانت طقوسا ودينا، وكانت مرتبطا بأثينا المدينة، وهنا نجد الأسطورة تصرح أن المسرح كان ترانيم تتلى في المعابد تكريما لإله ديونيسوس، بل إنه سر إلهي أنزل إلى الأرض فطرد من سرب السر الإلهي من عالم الآلهة. أهمية هذه الحكاية يقتبس منها أننا أمام فن آت من بعيد ومن تاريخ قبل الميلاد وآت من تراث وتاريخ وجغرافيا وطقوس وأحلام وأحكام وفلسفة وأسطورة.
مع المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء نجد استمرارية الإرث والتاريخ، ونجد أنفسنا أمام مهرجان ومسرح مرتبط بالمدينة كما أثينا، هي مدينة الدار البيضاء عاصمة الفن والتاريخ والتلاقح البشري والثقافي والإثني، مدينة بمرجعية وأحداث وطقوس وتحولات وأنساب ومرجعيات، تنتمي لأنفا ولتامسنا القديمة، وتواكب العصور وتتطور وتواصل رسالتها التلاقحية والتواصلية بين الثقافات.
كان المسرح قديما وصولا إلى مرحلته الكلاسيكية يقام في زمن محدد، ومهرجان المسرح الجامعي للدار البيضاء أصبح موعدا لمسرحيي وشباب العالم، مسرح له الخصوصية التجريبية والأكاديمية التي تبحث في المسرح وتود إعادة خلق عاداته وأدبياته وتواتره وإبدعاته، مسرح حافظ على صيرورة المسرح عبر مراحله الزمنية التي واكبت اتجاهات ومدارس إلى أن أصبح مدخلا للمسرح المعاصر، الذي يبحث ويجرب في كل الأجناس المسرحية من النص والتشخيص مرورا بالإخراج والسينوغرافيا والإنارة والصوت وتوظيف التقنيات والوسائط الجديدة تنزيلا لرؤية فنية تم التوافق حولها وهي الولوج إلى مرحلة مسرح يمثل زمننا ويشبهنا ويستجيب لتطلعاتنا، من تم أتت رمزية والبعد من شعار الدورة 34 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء: » من أجل خلق المسرح » وكأننا نحتفي بحضور ولادة أخرى تعاد عبر الأزمنة بشكل دائم وهذا سر من أسرار ديمومته.
ولأن المسرح طقس وبعد فني وتقني وروحي، من الممكن أن نعتبره شيخا وخدامه ورواده مريدون، هذا ويؤكد المسرح أنه حفل، لكون الحفل يمتاز بالتحضير والبحث والترتيب ومهام قبلية وحينية وبعدية، وكل التحضير السابق للجنة المنظمة لفعاليات الدورة 34 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، محوره لحظة التلقي الحية لإبداع يشدنا إلى الطرح ويأخذنا إلى عالمه وبعده، وبهذا يصبح التلقي أثرا مستمرا في الزمن وعليه سيندرج تقريرنا الصحفي هنا عن المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، في دورته 34 بشعار: « من أجل خلق المسرح » على نهج المسرح الكلاسيكي بناء ومعنى وتوظيفا للمصطلحات باعتباره مرجعا ومصدرا انطلق منه الفعل والتفاعل المسرحي، ومن جبته جاءت مراحل التحول وجاء المسرح الحديث عبر رؤية وخصوصية الأزمنة، وجاء المسرح المعاصر، وصولا إلى مرحلة نقاش حول مرحلة ما بعد الدراما..
استقبال الوفود في مقر المهرجانيين، من طرف رئيس المهرجان