إلى أين تسير الأحزاب السياسية بالمغرب ؟

إلى أين تسير الأحزاب السياسية بالمغرب ؟
شارك

محمد بونوار

ونحن على بعد شهور قليلة من الانتخابات المغربية، تتسارع الاحزاب المغربية فيما بينها لكسب أكبر عدد من المنخرطين بشتى الوسائل وذلك جريا وراء ربح أصوات الناخبين، وهو ما يعني كسب مقاعد أكثر مما حصلت عليه في السنوات الاخيرة  وذلك سعيا لتشكيل حكومة مع الاحزاب المتفوقة في الانتخابات  .

إلى حدود هنا يظهر أن التنافس السياسي بين الاحزاب جائز، كما هو متعارف عليه لدى جميع أحزاب العالم، لكن هناك أمور تجري في المغرب وحده، وكأن القانون المؤسس للأحزاب يجب مراجعته من البداية وذلك انطلاقا من سلوكات لا يقبلها المنطق ولا العقل ولا السياسة نفسها .

البداية التي يمكن تسجيلها وهو انتقال بعض السياسيين من حزب الى آخر بدافع الربح وليس بدافع البرامج أو المبادئ، أو الايدلوجية، وهو ما يترجم أن عملية الانتقال بين الاحزاب يتم بمقتضى المصالح الخاصة وليس بمقتضى الاصلاح ومحاربة الفساد، وهذه النقطة يتوجب على وزارة الداخلية التي تشرف على عملية الانتخابات  مراجعتها من الاصل .

النقطة الثانية، هناك نقابات لقطاعات مهمة كالتعليم والصحة والتي تحوي عددا مهما من العمال والموظفي ، ومؤخرا  بدأت بعض  الاحزاب تتحايل على استمالة قادتها، في الوقت الذي يجب أن تبقى هذه النقابات مستقلة عن أي توجه سياسي، وعن أي انتماء سياسي ، وذلك لسبب بسيط، لأن النقابات هي أصلا أنشأت للمطالبة بالحقوق وتمثيل العمال والموظفين أمام  القضاء وأمام أعضاء الحكومة خلال المفاوضات، وليس لتشجيع حزب معين .

ومن غير المعقول أن يكون قادة النقابات طرف من الحزب الذي يحمل حقيبة التعليم، أو الصحة، أو اي قطاع آخر، لأنهم مطالبين بالجلوس مع الاحزاب المشكلة للحكومة فوق طاولة المفاوضات .

النقطة الثالثة، وهي الجمعيات التي يتم تأسيسها من طرف الاحزاب والتي تكون بمثابة أبواق قوية لتلميع صورة الحزب، ونحن نعرف أن الجمعيات هي طرف من المجتمع المدني، وقد عشنا فترات في المغرب غير عادلة، حيث تفوز الجمعيات المتحزبة بالمنح والمساعدات، بينما الجمعيات المدنية الغير المنتمية، لا تلوي على أي مساعدة من المسؤولين وذلك بدافع عدم الانتماء السياسي  .

وهذا يخلق مشكلا في حد ذاته، يجب على وزارة الداخلية أن تعيد النظر في هذه الامور من الأساس .

النقطة الرابعة، وهي الاستغلال: اٍما فقر المواطنين، أو ظروفهم، أو استغلال الثغرات والفراغات المتواجدة في الوسط الاجتماعي .

مع ظهور وباء كرونا، خرجت بعض الأحزاب لقديم مساعدات اجتماعية للمواطنين المهمشين، لكنهم تفاجئوا برسائل الانخراط في الحزب دون علمهم، وهذا السلوك يعد خارج عن قانون الاحزاب، وبعيدا كل البعد عن توعية المواطنين وحثهم على التصدي للفساد .

مؤخرا لجأت بعض الاحزاب إلى مقلب غريب، وفي نفس الوقت خطير على حرية الانتماء والخيار الديموقراطي، حيث بدأت تكون مجموعات في مجالات مختلفة: الفن والفلاحة والسياحة،  وتجمعهم فيما يسمى بالكونفدرالية، وهي عبارة عن جمعية تابعة ومنضوية  ومنخرطة في الحزب بذريعة الدفاع عن مصالحهم والرفع بالثقافة على المستوى الوطني .

هذا المنعطف يبقى أثره خطيرا على الجميع، ولكي نعي قوة هذا الانحراف السياسي، لنفرض مثل ، أن الصحافيين والكتاب اجتمعوا كلهم في جمعية، وأصبحت هذه الجمعية تابعة لحزب واحد، ولنفرض مثلا أن هذا الحزب هو الذي فاز بالانتخابات المقبلة .النتيجة الحتمية والوحيدة في هذا الشأن هو أن الاعلام والثقافة لن يزيغا قيد أنملة عن الخطوط التي سوف يسطرها الحزب الحاكم .

النقطة الأخيرة وهي الجمع بين المال والاعمال والسياسية، يصعب التحليل في هذا المجال لأن ذلك يحتاج الى مساحة أكبر، لكن وجب التذكير أن المال والأعمال لا يتوافقان مع السياسة باختصار .

في الدول المتقدمة الاحزاب لها مساحتها ، والكتاب لهم مساحاتهم ولهم نتماءاتهم، والنقابات لها مساحتها أيضا ، أما الاحتواء الكلي لجميع المجالات فما هو اٍلا بداية  لتقويض الحريات  .

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *