دمقرطة السلطة الحكومية ؛ مقترحات لتوطيد الشرعية
بقلم سعيد ألعنزي تاشفين
إن متابعة مناخ الاستحقاقات الأخيرة مغربيا يفيد في بناء استنتاجات متعددة في مقدمتها كون المغاربة ضاقوا درعا بحكومة الحزب الأغلبي الذي خرب كل مكتسبات الشعب عبر نهج حكومي لا شعبي ولا ديموقراطي يمتح من اجراءات مقياسية ذات محدودية الحل كما حصل في ملف التقاعد الذي خربه الشعبوي عبد الإله بن كيران من خلال فرض الثلاثي المشؤوم على عموم الشغيلة و الكادحين. ويبدو أن انتظارات الشعب كبيرة جدا لدرجة لا يحق لحكومة عبد العزيز أخنوش أن تتعاون في استنزال برنامجها الطموح الذي يغري لدرجة خطيرة على مستوى عدم القدرة على تنفيذه وما قد يخلقه ذلك من رجات مجتمعية من مداخل نقابية وحقوقية. وعليه فإن الملفات الحارقة تستحق تركيزا كبيرا من لدن الفريق الحكومي الجديد انتصارا لشعب ظلت انشغالاته هي الحسم مع تجربة الإسلام السياسي الذي حطم أمال شعب تواق إلى صون كرامته. و بناء على كل هذا نقدر الموقف على الشكلية الأتية :
✓ ضرورة تشكيل فريق حكومي منسجم و مركز في حدود 24 وزيرا في الأقصى، مع ضرورة مشاركة حزب الاستقلال الذي له مشروعية تاريخية مطلوبة في الترافع على حقوق المغرب دوليا في ظل العداء الجزائري و الستاتيكو مع موريتانيا و دسائس الدولة العميقة بفرنسا .
✓ الصيغة الأفضل للتشكيلة الحكومية هي الأحرار و الأصالة والمعاصرة والاستقلال بما يضمن مشاركة حزبي الكتلة التاريخية إلى جانب حزب الإدارة ورجال الأعمال مع حزب البام الجامع لرجال الاعمال و اليسار الإصلاحي وهو ما سيخلق أباك اليوم مريحة و معارضة قوية لصالح دمقرطة السلطة التشريعية التي تملك بها مهام مراقبة عمل الحكومة .
✓ ضرورة إنشاء حقيبة » وزير منتدب لدى وزير الخارجية مكلف بالشؤون الإفريقية و الشرق الأوسط ؛ وهي إيجابية مباشرة أولا على الجزائر التي عينت مبعوثا لها سمته بمبعوث » المغرب العربي و الصحراء » ، و ثانيا للتعبير عن قدرة المغرب على المساهمة في تسوية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على قاعدة القانون الدولي و ميثاق الأمم المتحدة لصالح قيام الدولتين جنبا إلى جنب ، و بذلك سيتم ضحد فكرة التطبيع ذات الحمولة الأيديولوجية و تقديم خدمة جليلة للإنسانية جمعاء من مدخل التسوية القانونية لنزاع الشرق الأوسط بوساطة مغربية من أجل حق الدولتين في حسن الجوار ؛ لذلك حرب خلق وزارة بهذا المنطق حتى يباشر المغرب دعوة اسرائيل و فلسطين إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن .
✓ ضرورة خلق حقيبة وزارية ل » حقوق الإنسان و المجتمع المدني » تكريسا للديموقراطية التشاركية التي نص عليها المشرع الدستوري ، و إدماجا للمجتمع المدني داخل المغرب و خارجه في الدفاع عن مختلف القضايا العادلة وطنيا و إقليميا و دوليا ، و تنزيلا لحق الديناميات المدنية في الترافع على الحق في التنمية و على تجويد القرارات العمومية .
✓ يجب تفادي أي استوزار للوجوه القديمة تفاديا البؤس الحكومي الذي لازم نفسية المغاربة منذ بلوغ الإسلام السياسي الحكم على إثر رجة الربيع العربي عام 2011 ، و حتى تتاح الفرصة أمام نخب جديدة لتولي مهام التدبير التنفيدي عبر منطق الكفاءات و مقاربة النوع . و يجب لزوما البحث عن كفاءات جديدة من داخل الأحزاب المشاركة دون تكرار نفس الأسماء التي لها تمثل سالي في المخيال العام . و صونا للمكتسبات يجب الحفاظ على وزير الخارجية السيد ناصر بوريطة ضمن الفريق الحكومي الجديد مع تغيير باقي الوجوه بما يضمن الحماس و المواكبة لدى عموم المغاربة و يجنبهم الإحباط و اليأس عبر استوزار الوجوه المتكررة .
✓ ضرورة إعلان الحكومة الجديدة على برنامج عملها في ضوء النموذج التنموي الجديد بوضوح في إطار دمقرطة التعاقد مع الشعب تفاديا للارتجالية والعشوائية في اتخاذ القرارات ، من خلال ميثاق شرف يؤكد على ضرورة الانتقال إلى السرعة القصوى في إحقاق الحقوق و تكريس الحق في التنمية .
✓ لتوطيد الشرعية بشكل إيجابي على الفريق الحكومي الجديد التسلح بالشجاعة و الجرأة و المسؤولية في مطارحة مختلف الملفات الحارقة منها إصلاح الانتهاك الجسيم، لصندوق التقاعد الذي خربته العدالة و التنمية بشكل بشع عبر انتهاك حرمة جيوب الموظفين. مع ضرورة إنصاف موظفي التربية والتعليم عموما عبر نظام أساسي جديد منصف على قاعدة خارج السلم للابتدائي و الإعدادي و درجة جديدة للتأهيلي ، و إدماج موظفي الأكاديميات في نظام الوظيفة العمومية . هذا ناهيك عن ضرورة النظر في صندوق المقاصة على نقيض الإجراء المقياسي الذي نفده حزب العدالة والتنمية على أشلاء جيوب المغاربة التي تؤدي فاتورة ارتفاع الأسعار .
✓ ضرورة إنجاز » مشروع مارشال » استثنائي لصالح الجهات المتأخرة و في مقدمتها درعة – تافيلالت و جهة بني ملال خنيفرة ، تحقيقا للعدالة المجالية عبر تخصيص ميزانيات استثنائية لتحقيق جبر الضرر الترابي و ضمان الحد الأدنى من التنمية المناسبة للكرامة الأدمية في هذه الربوع المتأخرة عن ركب التنمية الحاصل في الجهات المحظوظة على أرضية صوت العدالة المجالية و تخفيف حدة التباينات الجهوية عبر جبر ضرر ترابي حقيقي.
✓ ضرورة التسريع بإخراج قانون منع الإثراء غير المشروع الذي تلكأت حكومة العتماني بإخراجه ، على مقربة من ضرورة فرض الضريبة على الثروة الذي لا يريد أن يخرج إلى حيز الوجود بعلة توازنات الانتهازية داخل البرلمان بغرفتيه على حساب طموحات الشعب .
يبدو ختاما أن الحكومة الجديدة لا تملك أدنى فرصة للتسويف أو التماطل على نقيض الإنتظارات الشعبية الحارقة التي تستحق إنصافا مستعجلاً لتجاوز تداعيات بؤس الأداء الحكومي منذ أن بلغت الرجعية الأيديولوجية مبلغ الحكم عام 2011 .