كونوا مُبدعين لا نمطيين، صُنّاعا للحب منشئين للأمل :
س. ألعنزي تاشفين
التدريس فن أولا وصْنعة في حضرة العقول، والعقول هذه امتدادات لناصيات كل مؤسسات التنشئة الاجتماعية. وعليه فالمتعلمون مواطنو الغد ورجالاته ونساؤه، وعليه لا يليق أن يكون التدريس قسوة مشرعنة باسم القلم الأحمر وباسم احتكار سلطة التنقيط. عودوا أدراجكم يا سادتي، يا من يظن أن البشاشة انحراف !! وأن المحبة كفر!! وأن الصرامة ملامح تخيف كأننا في كنف محاكم التفتيش؛ فهذا زمن انفجار المعارف وندرة المنهج. التدريس بيداغوجيا تمنح الأمل أولا وتصقل كل المواهب في حصة واحدة عبر حسن التقاط الذكاءات المتعددة، فلا يناسب نهج القهر البيداغوجي باسم » لمعقول » و الاستسلام للنمط المسيَّج بكثير من العنف الرمزي و رحم الله بيير بورديو .
سادتي وسيداتي إن التدريس هو كل المساحات التي يجب أن تكون متحررة من كل العقد لصالح بناء جيل يحب المدرسة كمدخل مدحض لكل أشكال الغلو المضمر في ثقافتنا الشعبية ، هو تدرب مستمر على بناء وطن انطلاقا من حجرة الدرس . فلا يُعتبر الانصياع إلى السياجات التي تحول المعلم والأستاذ إلى مكيانيكي لا يبتسم ولا يضحك ولا يتواصل إلا بخلق الأتباع عبر تقديم الدرس كأنه من على منبر الفقه يقدم الموعظة ، أو كأنه في معمل نسيج يقدم بضاعة وينتظر استرجاعها ؛ ثم يوظف قلمه الأحمر الذي يعادل مفاتيح الماكينة لقياس مدى الامتثال إلى نمطيات الحل.
التدريس سادتي وسيداتي هو أن يفهم الشباب والأطفال إن كل إمكانات الدولة في خدمتهم حتى يكونوا جيل الأمل والحب والعطاء والتفاعل المثمر والانخراط الإيجابي في بناء وطن وإليكم ما حررته أنامل مهاب لبحيري في السياق ذاته :
- التدريس عن » حبّ » ؛؛؛؛؛
الدّرس يا صديقي ليست معلومات ترميها على طاولاتهم وتمضي.. أوراق بلا روح ، بلا رقص ، بلا ضوضاء ، بلا جنون …
الدّرس ليس سبورة تتجرّع مرارة الحبر وأياد تسارع بنقل ما كٌتب قبل أن يبطش به الإسفنج. عبارات خرساء، لا الصمت يسمعها و لا العيون تحاورها ..
الدّرس ليس شفتا أستاذ تتحرك وآذان تلاميذ تنصت إلى أن يصرخ الجرس. الدّرس ضحكة عابرة، نصيحة على عجل أو حتّى تقريع يعيد المارقين إلى الجادة..
الدّرس طاولات تُثقلها المساعي نحو كسب مستقبل أفضل بسلاح العلم والمعرفة كما اثقلتها خربشات الحبّ والغشّ والملل ..
الدّرس ابتسامة ترسمها الوجوه التي فهمته ووجوم يغشى الوجوه التي استعصى عليها ..
الدّرس حكاية مشوّقة يتفنّن الأستاذ في تقمّص دور الرّاوي وما رضاه سوى آذان صاغية و عيون مشدوهة تتبّع بقية الأحداث ..
الدرس شغب وضوضاء وأصابع ترفع من أجل الإجابة أو ملامسة السبورة إذا طلبت حلا لتمارينها ..
الدّرس صمت واستكانة ورؤوس مطأطأة حين يغيب الاجتهاد والعمل الجادّ ..
الدّرس معزوفة تكتبها خشخشة الكتب والكرّاسات ومسيرة الأقلام وسطوة المحافظ حين تلفظ زادها أو تسترجعه ..
الدّرس أجواء مفعمة بالمرح حينا وبالجدّ أحيانا، قد تؤنسنا الشّمس بين ثناياه وقد يزيده المطر خشوعا ..
الدّرس باب ونوافذ أضناها عصف الرّيح وربما يطلّ علينا القمر معلنا قدوم الليل فلا يثنينا ..
الدّرس وطن صغير يجمعنا، رفرفة زمن تتقلّب فيه النّفوس وتصبغ فيه العقول من ألوان العلم طلّتها التي نريدها بهيّة ..
الدّرس موجة بحر لا تعرف الهدوء بين أعماق المحيط وأحضان الشاطئ ..
الدّرس هو الطاقة التي لا تنضب فلا تجعلوه صخرة على قارعة ميناء صيد يغشاها صدأ القوارب حين تدرك شيخوختها ..
مهاب لحبيري
- حديث الصورة:
لنا حصّة في كلّ » مُضحك مُبكي » يحصل؛ فالضحك علينا، والبكاء منا .
» جمال علي «
هكذا وكفى …