أعداء الفرح
عبد الحميد الغرباوي
ألا يحق لنا في ظل الأزمة / الأزمات أن نفرح، أن نعيش لحظة/ لحظات سعادة ولو لسويعات ؟..
للذين ينغصون علينا فرحا مدته ليست طويلة، هم أنفسهم يلتقطون لهم صورا يرفلون فيها في بحبوحة من السعادة، وجوههم ضاحكة مشرقة..
من أين اقتنصوا لحظاتهم السعيدة، هل من خارج الأزمات؟..
إن كان كذلك ، فليدلونا عن موقع هذا ( الخارج)..عن هذا الفردوس، حتى نهاجر إليه كي نعيش في فرح دائم بعيدا عن كل انتقاد، عن كل منغص، وحتى لا نؤاخذ بتعبيرنا عن فرحنا لحظة فوز..
في ظل الأزمات يعقد قران هنا وهناك، وتقام الولائم، ويضرب الدف والطبل، وترقص الأجساد..
في ظل الأزمات تُنجب الأسر أولادا وبنات..
في ظل الأزمات نفرح لشفاء مريض..
في ظل الأزمات نفرح لفوز كاتب أو كاتبة أو باحث أو عالم بجائزة..فخر للبلاد..للوطن..
هل نؤجل كل هذه الأفراح والمناسبات إلى أن تحل أزمة البنزين وغلاء المعيشة، ويُنصف المظلوم، وتفرغ السجون من أسراها؟…
من منا لا ينتقد الأوضاع الحالية؟..
وسنظل ننتقد حتى وإن حُلت الأزمات الحالية… الأزمات لا تنتهي مثلها مثل الحروب ما أن يخمد أوارها في منطقة ما حتى تندلع في أخرى، والجشع والاستغلال لا حدود ولا رادع له، والاقتصاد عالميا ومحليا لا يعرف استقرارا، يتأرجح بين مد وجزر، ولا ننسى الطبيعة التي أصابها ما يشبه جنون البقر، ارتبكت فصولها، فما عاد الربيع ربيعا ولا الشتاء شتاء وكذا الخريف والصيف..
في ظل كل أصناف الأزمات، تعيش الشعوب لحظات فرح خاص وعام كوسيلة للاستمرار في الصمود والتحدي.
تتساءلون: ماذا ربحنا نحن، حين فاز منتخبنا في كرة القدم؟..
وماذا ربحتم أنتم، أيها الغاضبون، المكشرون؟.. إن كنتم فعلا، وحقيقة غاضبين، مؤجلين فرحكم إلى وقت، إلى ساعة لا وجود لها البتة إلا في قلوبكم المثقلة بالبؤس بالتشاؤم واليأس..
و أعلم أنكم تفرحون وترقصون سرا، والأنكى أنكم تفرحون لكل هزيمة، ولكل انتكاسة، لأنكم باختصار أعداء الفرح. أما نحن فنغضب ونفرح علنا.
لغضبنا واحتجاجنا أوقات، كما لفرحنا وسعادتنا أوقات..