المغرب التطواني في مهبّ التجاذبات.. من يُوقف الانهيار قبل فوات الأوان؟

منذ إعلان نزول فريق المغرب أتلتيك تطوان إلى القسم الوطني الثاني، خيّم على جماهير الحمامة البيضاء شعور بالحزن والخذلان. غير أن السقوط لم يكن نتيجة مباراة واحدة أو موسم رياضي فاشل فقط، بل خلاصة مسارٍ متعثر تقاطعت فيه أسباب إدارية مالية، سياسية وحتى أخلاقية، في هذا المقال، نغوص في عمق أزمة الفريق التطواني ونرصد تشابك العوامل التي قادته إلى الهاوية مع أصوات من داخل محيطه تدق ناقوس الخطر.
وفي سياق ما بين حسن النية إلى التخريب المفتعل و ما بين إدارة تحاول الاجتهاد رغم محدودية الخبرة، وأشخاص يستغلون هشاشة الوضع لتصفية الحسابات ضاع الفريق بين نوايا متناقضة بعض الفاعلين دخلوا إلى دواليب التسيير بـحسن نية، لكنهم اصطدموا بواقع رياضي متطلب لا يرحم الأخطاء ولا الزلات فيما آخرون بحسب معطيات توصلت بها الجريدة دأبوا على عرقلة كل محاولة إصلاح بهدف زعزعة المكتب المسير، والإجهاز على الفريق من الداخل.
هؤلاء لجأوا إلى كولسة ممنهجة تبدأ بتوريط الفريق في التزامات مالية مشبوهة وتستمر من خلال الضغوط الموجهة إلى الجمهور وصولاً إلى سعي مكشوف نحو افتعال الأزمات لإضعاف الشرعية الإدارية والدفع في اتجاه الإطاحة برئاسة الفريق.
من جانبه إن ارتفاع واجب الانخراط السنوي جعل من برلمان الفريق أداة نخبوية مغلقة لا تعكس فعليًا تطلعات الجماهير ولا هموم المدينة النتيجة كانت محدودية عدد المنخرطين ما سهل على بعض الوجوه المشبوهة التحكم في مسار النادي عبر النفوذ لا عبر الكفاءة أو الإخلاص.
ومن بين الأسماء البارزة التي تُثار حولها الشبهات أحد المنخرطين المعروفين بسعيه الحثيث إلى الظفر بالرئاسة والذي يُحمل مسؤولية ترويج ما يُعرف بـالشيكات المشبوهة داخل أوساط الفريق وهي وثائق مالية يُشتبه أنها أُدخلت عن قصد لإرباك المكتب الحالي.
وفي خضم هذا المشهد المعقد لوحظ غياب شبه تام لبعض الهيئات المفترض أنها كانت سندًا للفريق هيئة المحامين على سبيل المثال لم تعد تواكب ملفات الفريق القانونية أمام المحاكم الرياضية كما في السابق، تاركة المكتب المسير وحيدًا في مواجهة نزاعات دولية ووطنية.
هذا التخلّي خلق ثغرات قانونية خطيرة ساهمت في تأزيم وضع الفريق دوليًا وأخّرت تسوية ملفات النزاعات التي حرمت النادي من تعزيز صفوفه بل وكانت سببًا في العقوبات والمنع من الانتداب.
لا يمكن إنكار الدور الإيجابي لبعض المؤسسات العمومية والمنتخبين في دعم الفريق ومنهم والي جهة طنجة تطوان الحسيمة السيد يونس التازي، وعامل إقليم تطوان عبد الرزاق المنصوري، ورئيس الجهة عمر مورو ورئيس الجماعة مصطفى البكوري ورئيس المجلس الإقليمي إبراهيم بنصبيح علاوة على عدد من الشركاء الاقتصاديين كمجموعة “طنجة ميد” ومستثمرين خواص اخرين.
وفي السياق ذاته لا بد من الإشادة بالدور المحوري الذي يقوم به والي أمن تطوان محمد الوليدي في تأمين جميع المباريات الرياضية للفريق سواء داخل المدينة أو في محيطها بما يضمن أجواء من الطمأنينة والانضباط ويساهم في الحفاظ على صورة المدينة ومكانة الفريق لدى جمهوره وهو ما يُعد ركيزة أساسية لاستمرار النشاط الرياضي في ظروف آمنة ومستقرة.
ورغم أهمية هذا الدعم فقد تمت عرقلة تفعيل آليات الحكامة الجيدة والمحاسبة من طرف بعض ضعاف النفوس داخل النادي كما تم تجاهل عدد من الأصوات الحرة والصادقة التي دعت خلال السنوات الأخيرة، إلى افتحاص مالية الفريق وتفعيل مبادئ الشفافية والمساءلة، ورغم المصادقة على تلك الدعوات في الجمع الاستثنائي الذي خُصّص لإعادة تشكيل المكتب المسير لفريق الماط، إلا أن ذلك لم يُترجم إلى أرض الواقع أو إلى رؤية واضحة للإنقاذ، مما جعل هذا الدعم أقرب إلى مساعدات ظرفية عابرة، بدل أن يكون دعامة حقيقية لإعادة البناء.
ووسط هذا الفراغ المؤسساتي تسللت أيادي السماسرة إلى مفاصل الفريق من خلال الترويج لصفقات واهية وانتداب بعض اللاعبين أقل ما يمكن القول عنهم أنهم دون المستوى ما أفقد الفريق توازنه الرياضي.
في الجانب الإعلامي اختار المكلفون بالتواصل الصمت حتى أمام مديرية الإعلام بالفريق، لأسباب خاصة وقطعوا صلتهم بالصحفيين المهنيين، مقابل منح المعلومات “الحصرية” لمنتحلي صفة صحفي أو لأصحاب صفحات فيسبوكية مشبوهة، هدفها ليس خدمة الفريق بل خلط الأوراق وتوجيه الرأي العام حسب أجندات خفية
وفي خضم هذه الأزمة ظهرت مجموعات على تطبيق واتساب، ظاهرها الحرص على التواصل بين المنخرطين وباطنها التنسيق للانقلاب على المكتب وفق مصادر موثوقة من داخل النادي، هذه المجموعات تتحرك في الظل وتقوم بتوجيه رسائل ضغط وابتزاز للفاعلين بل وخلق حالة من التمرد الجماهيري المنظم.
ويرى مهتمون بالشأن الرياضي أن مشكلة الفريق هي أزمة مركبة تحتاج إلى حل شمولي وجريء، حيث أن المغرب التطواني ليس فقط فريق كرة قدم بل مؤسسة مجتمعية تُجسد تطلعات ساكنة مدينة عريقة غير أن هذه المؤسسة اليوم تعاني من أزمة هيكلية عميقة، تبدأ من ضعف الحكامة وتصل إلى تخريب متعمد لأجهزتها.
الرهان اليوم لا يقتصر على العودة إلى القسم الأول بل يتجاوز ذلك إلى إنقاذ النادي من التفكك الكامل. ولن يتحقق هذا الهدف إلا من خلال إرادة سياسية واضحة وتدخّل عاجل لتطهير المحيط، وإعادة بناء النموذج التسييري للنادي على أسس الشفافية، والمهنية، والانفتاح على المحبين الحقيقيين للفريق.