هل انطفأ المصباح أم نفذ وقوده؟

هل انطفأ المصباح أم نفذ وقوده؟
شارك

عبد العزيز شبراط 

تعيش بلادنا منذ أسابيع على إيقاعات استحقاقات جديدة، انتخاب مندوبي الأجراء بالقطاع الخاص، وممثلي اللجان الثنائية بشأن القطاع العام، وبعدها جاءت انتخابات الغرف المهنية، وبعد النتائج لاحظ المتتبعون النتائج الهزيلة، التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية، والذي قاد الحكومة لفترتين متتاليتين، وإذ رأى البعض أن هذه النتائج هي مؤشر على سير الانتخابات الجماعية والبرلمانية، أي أن حزب العدالة والتنمية سيحصد هزيمة نكراء، عقابا على سوء تدبيره للشأن العام طيلة فترة ولايتيه، بينما يرى البعض الآخر أن ذلك لا يمكن اعتباره مؤشرا لما ستفضي إليه الانتخابات العامة في الأسبوع الأول من شهر شتنبر القادم.

غير أن حزب العدالة والتنمية لا يرى في ذلك مؤشرا على سير الانتخابات العامة القادمة في الأسابيع القليلة الآتية على نفس المنوال، وأكد قادته أن الأمر ليس كذلك، بما فيهم الأمين العام د. سعد الدين العثماني، وأكدوا جميعهم أنهم سيتصدرون الانتخابات العامة، ويطمحون إلى ولاية ثالثة، طبيعي ومنطقي أن يطمح الحزب في ولاية ثالثة لرئاسة الحكومة القادمة، ولكن هناك فرق كبير بين الطموح والواقع، حزب العدالة والتنمية خذل من صوتوا عليه في المرات السابقة، ومن المستحيل أن يثقوا فيه مرة ثالثة، فكل التبريرات التي كانوا يقدمونها للمواطنين من أجل الظفر بالولاية الثانية انكشف أمرها، ولم يبق أمام حزب المصباح إلا العودة إلى المعارضة التي لا تتطلب أكثر من رفع الشعارات والصياح في الساحات العمومية، وفي اعتقادي أنه سيظل مرابطا في هذه الزاوية لسنين قادمة، حتى يتفكك ويذوب، و بلا شك أن هذا المصباح السحري فقد كل بريقه ولم يعد قادرا على إضاءة حتى نفسه، وبالأحرى على الآخرين.

إذا تتبعنا منصات التواصل الاجتماعي، نلاحظ السخط الكبير الذي يوجه إلى حزب المصباح من لدن الناس ، ونسجل مدى حجم الدعوة لمعاقبته، بالتصويت إلى أحزاب أخرى حتى دون الاتفاق مع برامجها، ومن يعتقد أن نشاط منصات التواصل الاجتماعي ليس إلا أمرًا افتراضيا ولا يمت للواقع بصلة، فهو حالم، وعليه فقط أن يتذكر مقاطعة بعض المنتوجات و التي ألحقت خسائر كبيرة للشركات المنتجة قد انطلق التنسيق لها عبر هذه المنصات، وقبل ذلك على هؤلاء أن يستحضروا حركات ما سمي بالربيع العربي والذي أطاح بديكتاتوريات قوية، قد انطلق التنسيق لها عبر منصات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك حركة 20 فبراير ببلادنا، والتي كان لها الفضل الكبير في حصول حزب المصباح على رئاسة الحكومة.

صحيح أن نتائج انتخابات مندوبي العمال واللجن الثنائية، كما انتخابات الغرف المهنية لا تستند على أي أسس علمية، لتعتبر مؤشرا لما ستؤول إليه الانتخابات العامة، ولكن مسار منصات التواصل الاجتماعي يسير في منحى معاقبة حزب العدالة والتنمية، وبكل تأكيد فإن لذلك تأثيرا كبيرا على توجيه الناخبين، ومن الصعب جدا تجاهل تأثير هذه المنصات على الرأي العام، ونحن نعلم حجم الإدمان الذي يعاني منه نسبة كبيرة جدا من المواطنين المغاربة، وكيف يتبادلون المعلومة ويصدقونها حتى ولو كانت زائفة، ولنا في هذا المضمار الكثير من الأمثلة سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي.

ومهما حاول حزب المصباح، التستر وراء نكران العالم الافتراضي وحتى نفيه، فإن الواقع عنيد ولا يمكن التغلب عليه بالتمني، أو إخفاء نتائجه، ولعل حزب العدالة والتنمية يشعر بذلك، وينتظر الأسواء وهو ما جعله يلتقي بحزب الأصالة والمعاصرة للتنسيق من أجل الالتحاق بالمعارضة، كل المؤشرات الآن تشير إلى هزيمة حزب المصباح، وإلا لماذا بعض قادته بدأوا الآن باستعمال التهديدات: ما معنى أن يخرج علينا بعضهم ب:  » فوز أخنوش بالانتخابات يعني الثورة في المغرب » على حد تعبير أفتاتي في حوار مثير، كما قالت بسيمة الحقاوي في تصريح مثير أيضا: بأن النظام إذا كان يقبل بالديمقراطية، فيجب عليه أن يقبل حزب العدالة والتنمية، مشيرة إلى أنه إما أن يقبل بهطوعا أو كرها، لكنه سيقبل به في جميع الحالات”.

لا بد أن نلاحظ أن حزب المصباح شعر فعلا بتراجع شعبيته جراء التجربتين الحكوميتين الفاشلتين، وبدأ يحاول مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية أن يُظهر أن هناك جهات تحاربه وذلك سعيا للبحث عن الشرعية التي فقدها، وفي سياق خطاب المظلومية التي يدرك الحزب تأثيرها على بقاء نفوذها وسط أنصاره وكسب التعاطف معه.

 

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *