سجود السهو

سجود السهو
شارك

قصة قصيرة، لعبد الرحيم كوديال

جاء يدفعه السهو مغلولا بهموم تحجرت في كيانه…… و انسابت على تقاسيم وجهه لعنة الغم العالق بإهابه جاء يتعثر في خاطره المنكسر ، و تتخاطف قلبه همسات الخوف و الرجاء ……… انفجار كان يهدد هدوءه خرابا، بدا على القرب من صمته الذي يغلي في داخله براكين ثائرة….. سخطا وألما، يكبت انطلاقته بقوة، ما عادت تقوى على المقاومة. جاء يدفعه الهروب، من الاشتعال…… و انتهى إلى أسكوفة  باب الجامع الكبير ، و تلفظ جهرا بكلمات انتهت إلى بعض آذان المارة ….. و هو يهم بالدخول لعن الحياة و سب بعض أهله و نسي خلع نعليه الباليين فاستعاذ ليطرد شيطان عقله….. و استحيا في لحظة تقدم فيها وسط رؤوس مطرقة وجو صامت هادئ و نسمات روح منبعثة من فيض أجواء لطيفة …… استحيا أن يقول سخافة في حضرة مولاه……. و سلمه هيكله الذي يبدو خلف القماش واهنا نحيفا يائسا ، سلم نفسه لطبيب ملك عليه حواسه ثقة، مغرم هيأ جبينه الظمآن ملمسا ليد حنونة لم يدر أين وقف ، ولو صوابا كان وقوفه على العادة لا على الوعي تهيأ في تقويم صفه، و بسط يديه مشتغلا بدعاء ما قبل التكبير:………….. » الله أكبر  » كبر الإمام و تلاه الجماعة من خلفه و استأنف هو بعد تكبيره رحلة الحل و العقد في أرجاء حياته  الوحل.

و طفق يسائل نفسه مرة و يجادلها مرات و ينتخب ثارة و يرشح نفسه تارات و يتفق طورا و يهيم أحيانا في سكرات !  »هناك أمور جدت علي أن أستقر منها على رأي و يجب أن أكون في الجملة فاعلا لقد أعياني المقام على الإضافة و منذ أعوام و أنا في حالة جر …………إلى متى القبوع في الركن أنتظر فتات النعمة،  كل الناس يتهمونني بأني علة الذي أنا فيه يقولون مغلوب بحرارة الرأس ، بعيد الفيئة قريب الطيرة «  . « الله أكبر !  »  كبر الإمام و استعاذ هو من شيطانه ولاذ بالتسبيح ، لكنه سرعان ما عاد يسرد على خاطره سيرته العظيمة.  »كلهم يلومنني على التفريط في الدراسة يتنكرون من أن الدراسة نفسها كانت تكلفني مخ البعوض، و الدراهم التي كنت آخذها من والدي على مضض ، و أن الأمور في الجامعة كانت تمشي على غير ما أشتهي.

الله أكبر…………. كبر الإمام وأجاد اقتفاءه رغم ذهابه البعيد و خلوته بنفسه الكليلة،  إلا أن تعويله على أذنيه الحارستين فالإرسال مضبوط و الاقتفاء بالإمام مضمون.   » لازلت أذكر أنني كنت كثير المحفوظ، حاضر الجواب فصيح اللسان قد نتفت من كل أدب خفيف أشياء وأخذت من كل فن أطرافا لكن كيف أفعل وقد كنت غير محظوظ…… و يقولون لم تذاكر أوراقك، ولم تحفظ من العلم زادك كيف وقعت بعيدا عن الصواب قريبا من نفسك. الله أكبر، استعاد بالله من شيطانه و تابع مع الإمام تشهده الأخير بعد صلاة لم يذكر منها إلا الانحناء والاستعادة بالله مرة مرة …. السلام عليكم و رحمة الله،  سلم الإمام و تبعه الجماعة و سلم الرجل من رحلته المكوكية التي سافر فيها في الزمان و المكان فجأة أحس بيد باردة حطت على ركبته فالتفت فإذا بشيخ وقور إلى جانبه يدعوه  ليدنو منه قدر ما يبقي الحديث سرا فمد إليه عنقه و هو يبتسم خجلا لكن الشيخ صعقه بكلمات أفرغت منه حرارة باطنه و أحس بالدم باردا يسري في عروقه و تلته نتوءات عرق تكون على هامته ….. قال الشيخ : « أسجد يا بني سجدتي سهو فإنك لم تجلس معنا للتشهد الأوسط فلبى النداء من فوره وخر ساجدا يدعو ربه قبول صلاة لم تسعفه في الرحلة إلى الله بل أسعفته فقط في الرحلة إلى نفسه الشاردة فلما أنهى سجدتيه أحس بيد أخرى عن يساره فإذا بكهل وضوء الوجه جميل الهندام يقول له ليس عليك سجود يا بني فالإمام قد ناب عنك.  قام بعدها من مجلسه و هو يتمنى أن لو كانت أخطاء الحياة تصحح بسجود كهذا،  أما لو كان الإمام ينوب لقال بخ  بخ حتى الموت.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *