وجهة نظر في موضوع الإجهاض

وجهة نظر في موضوع الإجهاض
شارك

تجهض حوالي ‎25 مليون امرأة سنويا بشكل غير آمن في العالم، تقع 97% في البلدان النامية (أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية) وفقا لتقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية والإجهاض غير الآمن يأتي بإنهاء الحمل على يد أشخاص غير متخصصين أو في وسط لا يمتثل لأدنى المعايير الطبية.‎

وتبلغ التكاليف السنوية لعلاج مضاعفات الإجهاض غير الآمن 553 مليون دولار أميركي.‎

وفي سنة 2008، أدى الإجهاض غير الآمن إلى 47 ألف حالة وفاة ، وتسبب في مضاعفات صحية لأكثر من خمسة ملايين امرأة.‎

وتقول تقارير صحافية وطبية إن الأرقام الفعلية أكبر مما تعلنه منظمة الصحة العالمية بكثير، خاصة أن الكثير من حالات الإجهاض تتم في الخفاء.‎

وأشار تقرير طبي عام 2016، إلى وجود 56 مليون حالة إجهاض على مستوى العالم سنويا خلال الفترة ما بين 2010 و  2014.‎

.وبالنظر لهذه الأرقام والإحصائيات ينقسم التدافع العالمي حول حق المرأة في الإجهاض، إلى اتجاهين متناقضين، من حيث المنطلقات أو التصورات. إذ ينطلق الاتجاه الأول من كون الإجهاض حق خالص للمرأة، من حقها التصرف في جسدها بكل حرية، ويعتبر أن حرية الإجهاض للمرأة هو الأصل، ومواصلة الحمل يبقى خيارا لها، ويسمى هذا الاتجاه : » « من أجل حرية الاختيار ». أما الاتجاه الثاني، فيرى أن حق الجنين في الحياة هو الأصل وأن الإجهاض إجراء استثنائي، يلجأ إليه في حالات استثنائية فقط ، كأن تكون حياة الأم في خطر مثلا ، ويسمى  « من أجل الحق في الحياة  » .‎

في المغرب وبالنظر إلى البنية الثقافية والدينية للمجتمع فإن، عدم إثارة هذه القضية وعدم الحسم فيها في كثير من المناظرات واللقاءات يراعي منطق الصراع السياسي للتنظيمات اليسارية و الحداثية مع القوى الإسلامية والمحافظة ويجعل القضية بمثابة « الكرة الحارقة ».‎

وهكذا يقف المجتمع المغربي أمام قضية الإجهاض بين رأيين ومقاربتين فطرف يبيحه بمرجعية حقوقية كونية والثاني يمنعه بمرجعية دينية إسلامية.‎

وهذا الجدل ليس وليد اليوم لأن للإجهاض تاريخ طويل ، وكان يُجرى بأساليب عدة منها الأعشاب واستخدام الأدوات الحادة والصدمات الجسدية وغيرها من الأساليب التقليدية. في حين أن الطب المعاصر يستخدم الأدوية والعمليات الجراحية للحث على الإجهاض.‎

وبالرغم من المؤشرات المقلقة اجتماعيا حول تنامي « الإجهاض غير الآمن  » ، فقد بلغ عدد حالات الإجهاض ما بين 600 إلى 800 حالة يوميا ، حسب دراسة قامت بها « الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري  » وأكدت أنه من بين الأسباب الرئيسية في وفيات الأمهات بنسبة تقارب 13 في المئة ، كما صرحت عائشة الشنا، رئيسة جمعية التضامن النسوي ، أن حوالي 153 طفلا يولدون يوميا خارج إطار الزواج‎ و10 آلاف رضيع سنويا في القمامات)‎يمنع القانون المغربي الإجهاض، إلا في أربع حالات : وهي أن يمثل الحمل خطرا على صحة الأم أو أن يعاني الجنين من تشوهات خلقية ، وكذلك في حالتي الاغتصاب أو زنا المحارم (السفاح) ‎تتراوح عقوبة الإجهاض بين سنة و5 سنوات سجنا ..‎

إن المغرب هو البلد الأول عربياً في عمليات الإجهاض ، على الرغم من أنها ممنوعة قانوناً ، فيما احتل المرتبة الثامنة عالمياً.‎

وتتحدث أرقام الجمعية المغربية لتنظيم الأسرة عن سقفٍ أعلى يصل إلى 80 ألف حالة إجهاض في السنة.‎
ويوضح رئيس الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري الدكتور شفيق الشرايبي أن هذه الأرقام لم تشهد أي تغيير يُذكر. ويلاحظ أن الأطباء أصبح يتملكهم الخوف من هذه العمليات الآمنة من الناحية الطبية لكن غير القانونية ، لأن النتيجة أنهم سيصبحون، بين عشية وضحاها، خلف القضبان.‎
من جانبها ساهمت الجمعية المغربية لحقوق الانسان في إطار أنشطتها الترافعية على إدماج بند خاص بحقوق المرأة في الصحة الإنجابية والجنسية، تطالب من خلاله بـ »إقرار الحق في الإجهاض وجعله تحت إشراف طبي، في جميع الحالات التي يشكل فيها الحمل خطرا على الصحة الجسدية أو النفسية للمرأة، وفي الحالات التي تشكل فيها الولادة تهديدا لصحة المرأة أو الرضيع… ».‎، وحسب بيان لها صادر بتاريخ 19 مارس 2015 اعتبرت أن  » تجريم الإجهاض انتهاك لحرمة جسد المرأة، الذي هو ملك لها وحدها، ولها حق التصرف فيه ، وقبول أو رفض الأمومة ، وفي غير ذلك فهو يمثل شكلا من أشكال العنف ضد المرأة ». واعتبرت أن » تجريم الإجهاض في القانون الجنائي المغربي يعد من الفصول الأشد إيلاما للمرأة، والأكثر إضرارا بها، إذ أنه ساهم في تغذية كل العوامل المفضية إلى ارتفاع ممارسة الإجهاض السري، خارج الإشراف الطبي… ».‎
وحاججت الجمعية في هذا النقاش بالمضاعفات السلبية الناجمة عن الاستمرار في حظر الإجهاض، ومنها ما تذهب إليه بعض الإحصائيات التي نشرتها الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري، حيث سجلت أن حوالي 24 رضيعا يتم التخلي عنهم يوميا ، ، بالإضافة إلى ما أوردته منظمة الصحة العالمية بخصوص 13 % من مجموع حالات وفيات الأمومة المسجلة بالمغرب، تكون ناجمة عن عمليات الإجهاض غير الآمن.‎
وهذا ما جعل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تطالب « بتغيير جذري وشامل للقانون الجنائي، وملاءمته مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، بما يرفع التمييز ضد المرأة ويضمن كرامتها الإنسانية،‎
بالموازاة مع انطلاق النقاش الوطني حول « الإجهاض »، نظمت الجمعية المغربية للدفاع عن الحق في الحياة ندوة علمية تحت عنوان : « حق الجنين في الحياة : أية مقاربة »،، وذلك بهدف تسليط الضوء على الأبعاد الطبية والشرعية والقانونية لقضية الإجهاض، حضره ثلة من الأساتذة الجامعيين والمتخصصين والخبراء في مجال طب الأجنة وأمراض النساء والولادة.‎
وترى الجمعية من جهتها أن تقنين الإجهاض يتناقض مع حماية حق الجنين في الحياة، ومن شأن ذلك توسيع دائرة المُقبلات على عمليات الإجهاض ، كما أنه سيشجع على زيادة العلاقات الجنسية خارج الزواج ، والدليل على ذلك ارتفاع نسبته بعدد من الدول التي تقننه مثل فرنسا. واعتبرت عائشة فضلي رئيسة الجمعية أن الأطباء الذين يقومون بعمليات الإجهاض « يشاركون في جرائم قتل ، ويسهمون في عملية تطهير للعرق البشري ، ودعت إلى التراجع عن استعمال مفهوم الإجهاض الآمن لأنه ليس كذلك ».‎
وساهمت جماعة العدل والإحسان في الجدال المحتدم حول « تقنين الإجهاض »، وقدمت موقفها في: » أن الأصل في الإجهاض « مُحرَم شرعا »، وينبغي تجريمه قانونا، لأنه جناية على موجود ، وله استثناءات أيضا ، لأن الشريعة وضعت لمصالح العباد في العاجل والآجل ، ولم يقصد من وضعها إيقاع الناس في الحرج ».‎
وفي الختم ونحن على أبواب دراسة مشروع جديد حول الإجهاض من قبل البرلمان في الأسابيع المقبلة يجب على السادة المشرعين في الغرفتين أن يتحلوا بالحكمة واضعين نصب أعينهم مصلحة المجتمع فوق كل اعتبار بعدم منع الإجهاض منعا كليا وعدم إباحته إطلاقا بدون قيود وذلك بتقنينه لمصلحة الأم والطفل والمجتمع بتوسيع حالات إباحة الإجهاض خوفا على صحة الأم الجسمية (مرض خطير) والنفسية (خلل نفسي أو عقلي)والاجتماعية ( وضعية هشة أو فقر مذقع) وفي حالة الاغتصاب وزنا المحارم أو إثبات تشوه الجنين أو إرادي باتفاق الزوج والزوجة لهما أكثر من أربعة أطفال وأن يتم الإجهاض من قبل المختصين في أمراض النساء والتوليد جهارا نهارا في المستشفيات العمومية أو المصحات الخاصة المرخص لها بذلك لتفادي المآسي التي يحدثها الإجهاض السري بطرق تؤدي إلى وفاة الجنين وأمه.‎

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *