تقديم وقراءة في كتاب: البيئة ل بيير جورج Que sais –je? N= 1450

تقديم وقراءة في كتاب: البيئة ل بيير جورج    Que sais –je?   N= 1450
شارك

علال بنور

                                                                                                                 لا يمكن فهم موضوع البيئة، إلا من خلال التحديد الأبستمولوجي لمعنى البيئة من المعنى الأصلي لمفهوم علم ا لبيئة، وبالتالي فهي في ذات الوقت وسط ونظام من العلاقات ترتبط بالتوازنات، فهي لصيقة بالعلوم الطبيعية وبشكل خاص بعلم البيولوجيا.

لكن إذا كان موضوع البيئة يخص علماء البيولوجيا، فإنه أصبحت له امتدادات حاضرة عند الجغارفة والمهندسين المعماريين الذين يركزون على تكييف المجال المشيد مع المجال الطبيعي، فالمهندس المعماري، أصبح يدخل في اعتباره عدة متغيرات فيزيولوجيا وسيكولوجيا وسوسيولوجيا وثقافية واقتصادية لأي مشروع، ذات الاهتمام أصبح حاضرا وبقوة عند الجغارفة.

إن التأثير المتزايد للمجال المشيد على المجال الطبيعي، يجعل الدارس يميز بين بيئتين:

فوقية وتحتية، نستنتج اختلالا في التوازن لصالح الفوقية، انطلاقا من ضغط الحاجيات الاجتماعية والاقتصادية، الشيء الذي يترتب عليه ظواهر مهددة للبيئة سواء فيزيولوجيا أو سيكولوجيا، مما يفرض نمطا جديدا للتوازن البيئي، أساسا من التفكير في وسائل مقاومة ظواهر الاختلال. ومن هنا تصبح مسألة أمن المجال قضية أساسية، هناك ثلاثة مواضيع لأدراك المجال /الوسط والإرغامات والخوف من المخاطر، نعتقد أن المجتمعات الصناعية التي تعرف مدنا ضخمة، أصبحت تعيش اختلالا في توازنها البيئي، وبالتالي بدأت تفكر في تجاوز الخطر بالهروب نحو الضواحي، ومن هنا تظهر أسطورة العودة إلى الطبيعة.

إن الوضع الكارثي الذي أصبحت تعيشه البيئة، خاصة في المجتمعات الصناعية أدى بالكثير من الحكومات إلى إنفاق مبالغ مهمة للحد من ظاهرة التلوث، بل المشكل لم يبق في حدود الدول الصناعية، بل أصبح عالميا مما دفع بالدول إلى عقد مؤثرات بيئة تحت إشراف المنظمة العالمية للصحة والمنظمة العالمية للتغذية، لتداول مسألة البيئة والخلل الذي أصابها، بل مشكل البيئة أدى إلى ظهور تخصصات أكاديمية.

لقد خصص الأستاذ «بيير جورج  » في مدخل كتابه حيزا لتحديد المفاهيم، وهذا ليس جديدا عند ه بل له اهتمام كبير بإبستمولوجية الجغرافية، فميز بين البيئة العامة والبيئة الجزئية على اعتبار أن الجزئية مرتبطة بالنشاط البشرى، لذلك فهي تعد أكثر تعقيدا نظرا لتأثيراتها داخل بنية المجال الذي يرتبط بالتوازن البيئي.

إن المؤلف أطر دراسته البيئة من منظور جغرافي، لأنه يرى أن للجغرافية أهمية في دراسة العلاقات، ويظل التركيز في إطار الإدراك الموضوعي والإدراك الذاتي لموضوع البيئة من اهتمام الجغارفة.

أما فيما يخص إدراك العناصر المشكلة للوسط، فقد ركز الأستاذ أساسا على التربة والغلاف الجوي والشبكة المائية، على اعتبار أنها تكون المجال الطبيعي الرئيسي في أية منظومة بيئية، نعتقد أن هذه المكونات قابلة للتطور سواء على مستوى الكم أو الإدراك، إذ تتغير ميكانزمات المنظومة البيئية من مستوى حضري إلى آخر ومن نطاق لآخر.

 لقد ميز الأستاذ جورج بين مستويات أخرى في البيئة ، بين بيئة المجتمعات الريفية التقليدية و بيئة المجتمعات الصناعية ، فبالنسبة لتحليله للنموذج الريفي ، ظل مرتبطا بنمط التفاعل الذي حدده بين المجال الطبيعي و مجال النشاط البشرى ؛ فكان التركيز على المخاطر التي يواجهها المجال الريفي أكثر حضورا في تفسيره للوسط الطبيعي  ، ففي إطار مفهوم المجال، ركز الأستاذ على عنصرين : المجال المشيد و المجال الطبيعي أو ما  يسميه بالبنية التحتية و البنية الفوقية التي تمت الإشارة لها سابقا، يقوم بتحليل العلاقة بينهما ، فيؤكد بأن التوازن البيئي أو اختلاله  مرتبطان بتوازن أو اختلال هذين العنصرين ، نعتقد أن مسألة البيئة بدول الجنوب ، فأي متعامل معها ، يجب أن يدخل في اعتباره متغيرات مثل الإنسان و التخلف و الجوع و سوء التغذية و سوء التنظيم  إلى غيرها من المتغيرات . ذلك لان لكل مجال هرمه الخاص، ومن هنا نعتقد، أنه يجب الحديث عن بيئات وصراع بيئات ولكن في أفق مخاطر كونية.

أما فيما يتعلق بالمجالات المشيدة وعلاقتها بالمجالات الطبيعية، أستطاع المؤلف يقنعنا بأن هناك علاقة بين المجال الحضري أي المشيد والمجال البيئي غير المشيد، وبلغة أخرى، وضح الصراع القائم بين المجال البيئي الحضري والهامش، فقدم هذا الصراع في ضوء المتغيرات الاجتماعية الحضرية يؤكد على أن هذا المشكل يجب حله ضمن سياسة حضرية تتحكم في ألآليات السياسية والاقتصادية والايدولوجيا والاجتماعية، التي سهلت التطور الاقتصادي وتضخم هوامش المدن.

أما فيما يخص البيئات الريفية التقليدية، وقف الأستاذ على بعض الملاحظات حول مسألة المخاطر التي ترتبط بحلول مقترحة من طرف الجهات السياسية، وهي غير ملائمة للنظم البيئية.

 ومن هنا نرى أهمية   دور الجغرافيين في البحث عن حلول بيئية، فللفكر الجغرافي أهمية في مواجهة المشاكل البيئية سواء على المستوى النظري أو على مستوى الميدان، فالجغرافي يتساءل دائما عن التزام وعلاقة الإنسان بالوسط.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *