إصدار جديد للأستاذ المبدع حمزة حجاري

إصدار جديد للأستاذ المبدع حمزة حجاري
شارك

حسن برطال / كاتب القصة القصيرة جدا

    بما أن السيرة الذاتية هي حكاية تروي حياة الكاتب، قد يكون السؤال المطروح، هل الكاتب في جميع مراحل سرده تكونت له الجرأة على البوح والكشف عن الجزئيات في سلبيتها وايجابيتها؟

   قد يكون الأستاذ حمزة حجاري، شكل الاستثناء بشهادة أصدقائه وزملائه، بفعل تقاسم شروط الحياة والمعيش اليومي. وهذا ما يجعله كاتبا صادقا في سرده الذي المتوافر بين أيدينا، يتخذ من حياته موضوعا يكون هو الشخصية التي تصنع الحدث، وتتصرف في الزمان. لكن من الصعب أن تمخر بحرا هائجا أو سيلا هادرا لجنس السيرة الذاتية، بواسطة مركب خشبي مجدافه قلم رصاص خشبي وليس قلم حبر أحمر يُشعل لُجينه لهبا.

  يقول الأستاذ المبدع حمزة حجاري:(ذات يوم، فاض نهر الذاكرة ولم أقو على الوقوف في وجهه). لكن سرعان ما تستحيل هذه الذاكرة نهرا، بسطح هادئ ووديع، وعمقه يحرك مَكامِن الجلمود، ليس ذلك الذي حطه السيل من عال، بل سمك السلمون الذي يصارع التيار في طريق العودة إلى مسقط الرأس، حيت سيضع بيضه (أفكاره)في تربة سيدي البرنوصي، حيث خُلِق آدم إبداعه الأصيل. الأستاذ حمزة حجاري أعتبره عين الإبداع المجهرية، التي تتعقب الكلمة في رحلتها من المضغة إلى العلقة ثم الجنين، حماية لها من أمراض (مُعدية)، بتقوية مناعتها بحقنة من فصيلة دمه النادرة، وها هي تبشرنا صرخة الولادة بسمفونية تحمل بصمته على مستوى (المواقف الإنسانية) وأسمعها للأذن السليمة، التي بها صمم.

  الأستاذ حمزة حجاري من الذين (كادوا أن يكونوا رُسُلا)، بلغ رسالته بأمان وجاهد فيها حق جهادها واستحال شمعة احترقت ودابتْ لتنير طريق الناشئة. الأستاذ حمزة حجاري خريج مدرسة الحياة ومركز الحياة، وليس مدرسة المعلمين أو المركز التربوي الجهوي، حَوَل القسم أثناء حصة التربية الفنية إلى سوق، بل  » جوطية »، فلم يجد أدنى صعوبة في انتقاء أجمل وألذ تفاحة أسالتْ لُعاب التلاميذ، وهم يرسمون هذه الفاكهة. هذه ثورة متفردة على الحداثة فكريا وعلى الحياة المعاصرة بمفاهيميها، وإعلانا رسميا ردته رغبة منه في العودة إلى مراجع السلف، باستحضاره لحيوان (السلحفاة) وجعله قدوة ومثله الأعلى، كما علم الغراب قابيل كيف يواري سوءة أخيه هابيل.

  أما كاتبنا، فقد علمته السلحفاة بأن الوعود لا تصبح حقيقية إلا إذا استقرتْ في الجيب. يقول الأستاذ حمزة حجاري: ( الدرس الذي كان علي أن أستوعبه من قصة السلحفاة التي ابتلعت الثعبان إلا  طرفا صغيرا من ذيله، لمحه الصقر فانقض عليه، وارتفع به في الجو ومعه  السلحفاة التي انتهت رحلتها القصيرة بالارتطام بسطح الأرض، ولسان حالها  يُخبر بأن الرزق لا يُعد رزقا بابتلاعه بل بمضغه بعد اتمام هضمه…) وقد ذُكر هذا الحيوان للمرة الثانية في إشارة من الكاتب إلى العراقيل التي  تنبث كالفطر أمامه، عبر مسالك و ممرات حياته يقول : (  خانتني مشيتي وأصبحتِ السلاحف تتحداني…) ومع ذلك، لازال يدب كالحلزون تاركا خلفه رسومات بمخاطه كصدقة جارية  تؤرخ لعمله المستمر  و الذي سوف لن ينقطع…/

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *