ترانيم قدسية
سعيد أولعنزي تاشفين
وقال لي ، القرب الذي تعرفه مسافه
والبعد الذي تعرفه مسافه
وأنا القريب البعيد بلا مسافه ..
من كبد » نفريات «
كم نفَسا للوقت سيزهر بكفي؟ كم يكفي من الشذرات لأرمّم حرفي ، نبضي ، المترهّل كبغداد المبعثرة بين دسائس الغزاة .. أستثني زمن البرق الراحل و الليل الذي يجيء كل هزيمة ليحرّر ما يطفو على صهيل الأنين يولد من حواشي النّرد ها هنا ..
يا أيها الناس أحسنوا أسَفكم و كونوا لحزنكم أوفياءً فهو نبوّة تُنذر بخبايا العمر المُضمر بين ثنايا اللوح ، ثم أحسنوا أهاتكم فالله يحب المحسنين ؛ واعلموا ..
أن الغياب هو أن تستطيل المسافات و أن تستصغر نفسها تحت نهم الشوق ، فيشيخ الزمن بين نواجد البوح ..
أن يتكاثف الصدى و يشق جدار قلبك رويدا رويدا فتنبعث من انهيارك ثم تنهار من انبعاثك و تواصل جالسا و تجلس مواصلا و تتحرك ثابتا و تثبت متحركا ؛ ثم ترتخي على خالدة » لا شيء يعجبني » ..
أن تنطوي الأعين على خرير الدمع فيرسم على نهود الدجى حبيبة وحيدة من تعب القلب و يؤدي لها ألف معزوفة من عدم و من ضجر ..
أن الحضور الباهت هو أن تحيط نفسك بالأناشيد التي حرضّت عساكر الحروب ، فترقص كئيبا على سمفونية باخ و تحيي الروح في هلوسات بيتهوفن ، ثم بعد برهة تستفيق من وعيك و تبتسم للجدار المتأمل فكأنك أنت الأخر من خراب الخيال ..
أن تمتطي ديار الوجد فتخاطب الأسوار فتجيبك بكلام ثقيل، وأن تشعل النار في شذراتك المحنّطة محاولا اقتفاء خطى التوحيدي؛ وحينا من الدهر بعدها يؤنس دخان القرطاس وحشة المكان؛ ثم تنام ..
أن الحلم هو أن تتوشح الأمسيات الصامتات متمردا على ضجيج المكان، و ذلك النور الخفيف يكسّر جحود الأفق؛ ثم تتوسّد مواويل خوليو و تتصوف على ترانيم جاك بريل و هو يتصبب عرقا من صدح » أمستردام » ، و أنت مسافر في مكانك ألف كيلو تعبَا ..
أن تغتسل بضحوة الكرنفال الذي تقيمه لنفسك بين قفار الروح ، وأن تحتسي شاي ليل الأنبياء، وحينما يحلّ الأديم تجد صوب جسدك المكبّل مغتسل بارد و شراب؛ ويموت في حضنك الأرق وديعَا ..
أن يصبح لك حلم واحد ألاّ تحلم أبدَا، ألا تشرئبّ عنقك لضاحية الوجع القديم المتجدد و الجديد المتقادم، وأنت ترفض الكوابيس المنبعثة بين تفاصيل اليومي، ثم تجتاحك أمواج اللعنة إثر مداهنتك تخوم العمر ..
أن تغني ذات اللحن الذي قتل أنبياءك، وتصلي له وتؤدي مراسيم الدفن بمقابر التجلي قدرا له ألف عناد يكفكف جراح الشذرة ويزمجر بطش الأيام؛ و تلك يداولها الرحيم بين الناس ..