صندوق المقاصة أو الدعم الذي لم يدعم الفقراء

صندوق المقاصة أو الدعم الذي لم يدعم الفقراء
شارك

 حميد المُعْطَى

 صندوق المُقاصّة بالإنجليزيّة ( Clearing Fund) هو عبارة عن إجراءات قانونيّة، تهدف إلى ضمان تحقيق تبادل للمعلومات الماليّة بين أطراف الصفقة الماليّة؛ بهدف ضمان المحافظة على سلامة العقود الماليّة، ويُعرَّف بأنّه عمليّة من عمليّات المصارف، تهتمُّ بتسديد كافّة المقبوضات والمدفوعات؛ عن طريق الاعتماد على حوالات ماليّة مُتبادَلة تتمّ بين جانبين؛ أحدهما مَدين، والآخر دائِن، ويُطلَق على هذا الصّندوق أيضاً اسم صندوق التّعويض. ومن التّعريفات الأخرى لصندوق المُقاصّة هو وسيلة للتّبادل بين المصارف، وتشمل استخدام مجموعة من الأوراق الماليّة، مثل: الشيكات، وتهدف المُقاصّة إلى تسوية كافّة المطالبات الماليّة ضمن الغرفة الخاصّة بها. وصندوق المقاصة المغربي بالفرنسية: Caisse de Compensation ، وتنطق بفتح الميم هو مؤسسة حكومية مغربية (صندوق الدعم الاجتماعي) ذات صفة معنوية واستقلالية مالية، وظيفتها الأساسية دعم أثمان المواد الأولية المسوقة في المغرب، وخصوصا الغازية والسكر، إضافة إلى دعم أثمنة بعض المنتجات الموجهة للاستهلاك في الأقاليم الجنوبية للمغرب تتمحور مهام وأهداف صندوق المقاصة كما ورد في الظهير الشريف لسنة 1941، المتعلق بإنشاء هذه المؤسسة والذي تم إعادة تنظيمها بموجب الظهير الشريف ل 19 شتنبر 1977، حول تثبيت أسعار المواد الأساسية (السكر، المواد البترولية وغاز البوتان) أما فيما يخص دعم الدقيق بما مقداره 10 ملايين قنطار، فإنه من اختصاص المكتب الوطني للحبوب والقطاني وقد  لعب صندوق المقاصة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، خاصة بعد الاستقلال، دورا مهما تجلى في معادلة أسعار بعض المنتوجات وتقديم الدعم أحيانا، وذلك للتخفيف من تقلبات أسعار بعض المواد وانعكاساتها على المستهلك. كما مارس أيضا صندوق المقاصة مهاما دقيقة تكمن في تشجيع بعض القطاعات الاقتصادية كالصناعة التقليدية، الفلاحة. إلخ ويحدد مبلغ الدعم في الفرق بين تكلفة كل مادة وثمن البيع المحدد من طرف السلطات العمومية وقام صندوق المقاصة إلى غاية سنة 1973، بدور حقيقي في معادلة الأسعار على اعتبار أن الدعم كان ممولا من الموارد الخاصة لصندوق المقاصة والمحصل عليها من الاقتطاعات الخاصة بالمواد البترولية وابتداء من سنة 1974، وبسبب ارتفاع تكاليف إنتاج المواد التي تمت معادلة أسعارها، ونظرا لمختلف الاقتطاعات من طرف الخزينة العامة للمملكة، وخاصة إنشاء الضريبة على الاستهلاك الداخلية، وجد صندوق المقاصة نفسه أمام نقص في موارده مما جعله تابعا كليا أو جزئيا لميزانية الدولة هذا النقص في الموارد الخاصة كان في الأساس سببا في انتقال دور صندوق المقاصة من تعديل الاسعار إلى مجرد دور بسيط لتقديم الدعم. أمام ثقل هذا النظام وعدم توازنه شرعت الحكومة تدريجيا ومنذ سنة 1980 في تحرير أثمنة بعض المواد المدعمة (الحليب، الزبدة، الأسمدة، الزيوت الغذائية، غازوال الصيد، الوقود… إلخ) وبالتالي أصبحت أنشطة صندوق المقاصة منحصرة في عمليات دعم مادة السكر، الغاز بوتان والمواد البترولية وقد قررت السلطات العمومية إعادة إصلاح هذه القطاعات الأخيرة تدريجيا وذلك عن طريق تحريرها جزئيا وكذا تبسيط نظام منح الدعم الخاص بها. وذلك للوصول إلى تحرير كلي للأسعار. بعد تحرير قطاع الزيت الغذائية في نونبر 2000، الذي كان يحظى بالدعم بنفس منهج دعم السكر ظل الدعم الجزافي للسكر وحده ساري المفعول ابتداء من فاتح يوليوز 1996، أما فيما يتعلق بالمواد البترولية، وابتداء من فاتح يناير 1995 تم وضع نظام جديد لدعم هذه المواد يرتكز على تتبع تقلبات الأسعار في الأسواق الدولية. وخلال سنوات 2000 إلى 2004 كانت الاعتمادات المالية المخصصة لصندوق المقاصة لا تتعدى 3 إلى 5 مليارات درهم، ولم تكن نسبة نفقاتها تتجاوز 2% من موارد الميزانية العامة، ولم تكن تمثل أي إشكال بالنسبة لتوازن مالية الدولة.

وابتداء من الارتفاع المهول لأسعار النفط سنتي 2006 و2007 أصبحت الدولة تخصص سنويا بين 10 إلى 15 مليار درهم، قبل أن تقفز بشكل حاد خلال سنة واحدة لتفوق نفقاتها 32 مليار درهم سنة 2008، ويبدأ مسلسل استنزاف مالية الدولة ويصل ذروته سنة 2011 بأزيد من 52 مليار درهم ثم سنة 2012 إلى 56 مليار درهم، وهو ما يمثل قرابة ثلث الموارد العمومية العادية، وكان الوضع يمثل نزيفا خطيرا للمالية العمومية وينذر بالدخول لمرحلة الإفلاس المالي للدولة. ورغم أن الحكومات السابقة كانت مدركة لخطورة الوضع المالي ولنزيف ميزانية الدولة ومقتنعة باستعجالية إصلاح نظام المقاصة للحفاظ على المال العام وتوجيهه للاستثمار العمومي ودعم الطبقات الهشة، إلا أن الحسابات الانتخابية كانت هاجس الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي آنذاك، وكان الهاجس السياسي عائقا أمامها ومنعها من وقف نزيف المالية العمومية. فقد أنفق المغرب خلال ست سنوات فقط (من 2006 إلى 2011) ما مجموعه 200 مليار درهم، ولنا أن نتخيل حجم المشاريع التي كان يُفترض إنجازها بهذا الكم الهائل من الاعتمادات المالية التي استنزفت ميزانية الدولة خلال ولاية تشريعية بأكملها، ولا يعلم أحد بالضبط ما هي النسبة الحقيقية التي وصلت للمواطنين وللفئات المستهدفة بالدعم المخصص من صندوق المقاصة. في حين تم خلال سنتين فقط من (سنتي 2012 و2013) إنفاق ما مجموعه 100 مليار درهم، ولولا شروع الحكومة  في إصلاح نظام الدعم وتحرير أسعار المحروقات لكانت الفاتورة المقتطعة من أموال المواطنين ستفوق خلال الخمس سنوات ما مجموعه 300 مليار درهم، وقد كان تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي تم تقديمه بمجلس النواب خلال هذه السنة، قد كشف حقائق صادمة حول مآل أموال صندوق المقاصة، وحول الفئات والقطاعات والمؤسسات التي تستفيد بشكل مباشر من دعم الدولة الذي يتم إنفاقه من هذا الصندوق، وكذا حول طبيعة وتركيبه أسعار المواد المدعمة وأسباب تفاقم تكاليفه المالية التي أصبحت عبء خطيرا على الميزانية العامة للدولة. أكد التقرير أن مختلف فئات المواطنين لا يصلها إلا 15% من أموال الدعم، في حين تستفيد الشركات والمؤسسات الإنتاجية والقطاعات الاستهلاكية الأخرى من أزيد من 85% من دعم هذا الصندوق، وهذا يعني حسابيا أنه خلال عشر سنوات أنفقت الدولة 250 مليار درهم، واستفاد المواطنين منها بأقل من 40 مليار درهم في حين استفادت الشركات والقطاعات الإنتاجية والاستهلاكية والضيعات الفلاحية الكبرى من 210 مليار درهم.. فهل يصدق أحد اليوم أن 5600 مليار سنتيم التي كانت تستنزف مالية الدولة تذهب للفئات الشعبية وللطبقة الوسطى من المجتمع؟ وهل يستطيع أي عالم اقتصاد أن يشرح لنا كيف تصل هذه الأموال الهائلة للشعب المغربي وللأسر وما هي حصة كل مواطن في هذا الدعم؟ وهكذا فإن دعم مادة السكر يستهلك حوالي ملياري درهم (200 مليار سنتيم)، ويستفيد منه بالأساس قطاع الصناعة الغذائية والمواد الكمالية (المشروبات الغازية والحلويات…) وذلك بنسبة تفوق 80%. ويتم دعم الدقيق العادي بمبالغ سنوية إجمالية تصل حاليا إلى أزيد من 4 ملايير درهم (400 مليار سنتيم)، ويعرف هذا الدعم إشكالا أساسيا يتعلق من جهة بتلاعب عدد من أرباب المصانع بأموال الدعم وأوزان الدقيق وجودته، ومن جهة ثانية بإشكالات التوزيع الجغرافي أو الديموغرافي وتحكم بعض أعوان السلطة في شبكات الاستفادة من الدعم مما يحرم فئات واسعة من سكان البوادي والأحياء الفقيرة من الدقيق المدعم. وبمقابل ذلك نجد أن الحصة الكبرى من الأموال العمومية، بما يزيد عن 48 مليار درهم (4800 مليار سنتيم) كانت تصرف للحفاظ على استقرار أسعار غاز البوتان وأسعار المحروقات (البنزين والكازوال والفيول)، وتعتبر هذه المواد الأكثر أهمية والأشد حساسية من حيث التأثير المباشر على جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية. فهذه الأرقام المتعلقة بالمواد البترولية توضح ما كان يتم إنفاقه سنويا وهي معطيات حسابية رسمية توضح التفاصيل الدقيقة لحجم أموال الدعم التي يتم إنفاقها من صندوق المقاصة دون أن تصل لمستحقيها، خاصة في ظل ضعف المراقبة. فشركات المحروقات كانت تقدم فواتيرها للقطاعات الحكومية المعنية، وكانت تستفيد من دعم المقاصة بناء على قاعدة احتسابها هي لحجم الدعم وقيمته المالية، دون أن تكون لدى الحكومة القدرة الفعلية على مراقبة صحة وصدقية هذه المعطيات. ودعم المحروقات الذي فاق 80% من أموال المقاصة كان يتم بناء على تقارير تعدها في الغالب هذه الشركات وبناء على كميات النفط المستوردة وحجم إنتاجها من المحروقات دون أن يعني ذلك بالضرورة أن هذا الإنتاج حقيقي أو موجه بكامله للسوق الوطنية. كما لا يمكن التأكد من أن مجمل إنتاج هذه الشركات قد تم توجيهه للسوق الداخلية حيث يتم دعم القدرة الشرائية للمواطنين أم يتم تصدير جزء كبير منه وقد يكون نظام المقاصة بالتالي داعما للقدرة الشرائية في إسبانيا وفرنسا مثلا، وبالمقابل تكون هذه الشركات مستفيدة من دعم ميزانية الدولة ومن الامتيازات التي يوفرها التصدير بالعملة الصعبة. وعلى هذا الأساس حقَّ للحكومة أن تراجع بشكل جذري طرق تدبير نظام المقاصة لوقف نزيف المالية العمومية الذي لا يصل منه للأسر إلا النزر اليسير. وكشفت دراسة مشتركة هي الأولى من نوعها بين المندوبية السامية للتخطيط والبنك الدولي، عن أن أنظمة الدعم الاجتماعي بالمغرب التي تلتهم عشرات المليارات من الدراهم سنويا، لا تخدم مصلحة الفقراء الذين أحدثت من أجلهم، بل يصب القسم الأكبر منها في جيوب الأغنياء و »المتوسطين ». وجاء في الدراسة إن « أبرز نموذج وأكثرها ارتباطا بالاستعدادات الجارية لحذف صندوق المقاصة الذي يتحمل ثلثي سعر قنينة غاز الطبخ المنزلي، هو التوزيع الذي كشفته الدراسة للاعتمادات المالية الموجهة لدعم غاز البوتان ». وكشفت الدراسة أن الخمس (20 بالمائة) الأكثر فقرا من الأسر المغربية، لا يصل مجموع ما يصله من الدعم المالي الموجه لغاز البوتان،إلا 14 بالمائة من إجمالي الاعتمادات السنوية، والتي تصل حاليا إلى أكثر من 10 مليارات درهم. وسجلت أنه « في المقابل، تحصل الأسر المنتمية إلى الخمس الأكثر غنى بين المغاربة، على ضعف هذا الدعم المالي، أي قرابة 27 بالمائة التي تعني قرابة 3 مليارات من الدراهم. فيما تذهب الاعتمادات المالية المتبقية، أي حوالي 60 بالمائة من دعم صندوق المقاصة الخاص بغاز البوتان، إلى الـ 60 في المائة المتبقية من الأسر المغربية، والتي تصنف في موقع متوسط بين الأسر الغنية وتلك الأكثر فقرا ». ولفتت الدراسة الانتباه إلى أن هذه المعطيات تفيد أن الفقراء والمحسوبين على الطبقة المتوسطة، سيدفعون ثمن التوزيع غير العادل الذي تقوم به الدولة لاعتمادات صندوق المقاصة. « فرغم أن حصة الفقراء من هذا الدعم ضعيفة، إلا أنها تعتبر أساسية في نفقات الأسر مقارنة بحجم دخلها المتواضع » وأشارت إلى أن « هذا الاختلال في توزيع اعتمادات صندوق المقاصة، حسب الفئات الاجتماعية، يعتبر شاملا ويهم باقي المواد المشمولة بالدعم، بل إنه يتفاقم أكثر ». وقالت إن « حصة الخمس الأكثر فقرا من الأسر المغربية من الاعتمادات المالية المخصصة للدقيق المدعم، ينخفض إلى 12.4 في المائة، مقابل ارتفاع حصة الخمس الأكثر غنى إلى قرابة 30 في المائة. وفيما يستهلك الخمس الفقير من الأسر المغربية أقل من 15 بالمائة من الدعم الموجه لمادة السكر، تستحوذ الأسر الأكثر غنى على 26.6 في المائة من هذا الدعم. لتكون النتيجة النهائية أن الـ 20 بالمائة من الأسر المغربية الأكثر غنى، تستحوذ على ضعف ما يصل إلى 20 بالمائة من الأسر الأكثر فقرا، أي 14 في المائة مقابل 28 في المائة، وهو ما يعني أن الأسر المغربية الأكثر غنى تستحوذ على أكثر من 4 مليارات درهم من صندوق المقاصة حالية ». وتخلص الدراسة في خاتمتها إنه ورغم المجهود الكبير الذي يقدمه المغرب من حيث الاستثمارات في البنيات التحتية الاجتماعية، فإن الفوارق الاجتماعية والمجالية تظل مرتفعة ». وتتجه الحكومة الى الغاء صندوق المقاصة وتعويضه بـ »بطاقة الفقر »، التي ستمكن الفقراء من الاستفادة من الاموال التي كانت تصرفها الحكومة على الصندوق. وأعلن العثماني في البرنامج الحكومي ان حكومته ستعمل على مواصلة اصلاح صندوق المقاصة من خلال رفع الدعم تدريجيا عن المواد المتبقية في اشارة الى مواد السكر وغاز البوتان، والدقيق يهدف الزيادة في الاعتمادات الموجهة الى تمويل سياسات وبرامج التنمية الاجتماعية ودعم الفئات الهشة والمحتاجة واكد العثماني ان الاتفاق على اصلاح صندوق المقاصة كان بأجماع كافة مكونات الاغلبية الحكومية بدون تردد. 42 و فعلا كانت الحكومة قد صادقت على مشروع قانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، الذي بموجبه سيتم إحداث سجل وطني للسكان وسجل اجتماعي موحد، إضافة إلى إحداث مؤسسة عمومية لتدبير هذه المنظومة. و ستقوم الحكومة تدريجياً برفع الدعم عما تبقى من مواد صندوق المقاصة، بالموازاة مع دخول السجل الاجتماعي الموحد حيز التنفيذ. وتؤكد الحكومة أنها ستواصل دعم المواد الأولية ضمن صندوق المقاصة إلى غاية الانتهاء من إعداد السجل الاجتماعي الموحد، المرتقب أن يشرع في تنفيذه رسميا سنة 2021. وفي حالة تطبيق هذا الأمر، سيصبح السعر الحقيقي لقنينة الغاز الكبيرة حوالي 100 درهم، أما السكر فسيرتفع بحوالي درهمين للكيلوغرام.. وعن بطاقة الفقر أو بطاقة الاستهداف كثر الكلام عن المقاييس والمعايير المعتمدة لمنحها ليستفيد حاملها من منحة شهرية تقدرها بعض الأوساط ب1000درهم حتى 1500 درهم للأسرة فإن بعض الأحزاب متحفظة عليها مخافة أن تستغل المنحة والبطاقة كورقة انتخابية ولكن المسؤولين يطمئنون بأن الصلاحية لمنح هذه البطاقات لن تكون بأيدي الشيوخ والمقدمين ولن تكون بإيدي المنتخبين الجماعيين إذ كشف نور الدين بوطيب، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، أن السجل الاجتماعي الموحد المرتقب  ييخرج إلى حيز الوجود قريباً يعتمدُ على نظام تنقيط معين يُمنح لكل أسرة (Forming of Scoring)، ولا يعني هذا معيار الفقير والغني. وأشار المسؤول الحكومي، في جواب له، عن سؤال في مجلس النواب إلى أن نظام التنقيط هذا ساهم في إعداده عدد من المتدخلين، من ضمنهم المندوبية السامية للتخطيط، بشراكة مع خبراء دوليين، قاموا بإنجاز عدة بحوث ودراسات بشأن كيفية احتساب نظام التنقيط بدون الحاجة إلى تدخل أي لجنة لتحديد الفئات المستهدفة. وفي انتظار خروج السجل الاجتماعي الموحد وفق التصور المحدد، يورد الوزير بوطيب بأنه  سيتم تطبيق نظام التنقيط على برامج الدعم الاجتماعي المعتمدة حالياً، من قبيل « راميد » و »تيسير » و »دعم الأرامل ». وتجري وزارة الداخلية حالياً اللمسات الأخيرة لإخراج السجل الاجتماعي الموحد إلى الوجود، الذي يُراد منه الإجابة عن إشكالية استهداف الأسر ذات الدخل المحدود لكي تستفيد من عشرات البرامج الاجتماعية العمومية التي تعاني من ضُعف التنسيق والنجاعة والفعالية رغم ميزانيتها الضخمة. وعبر برلمانيون، في تدخلاتهم، في مجلس النواب عن تخوفهم من كيفية تحديد الأسر المغربية التي تستحق فعلاً دعم الدولة، داعين إلى ضرورة « ضمان شفافية التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد والقطع مع ظاهرة المحسوبية والزبونية التي يمكن أن تشوش على نجاح هذا البرنامج الاجتماعي الكبير ». ويهدف هذا السجل الاجتماعي الموحد إلى التعرف بدقة على مستحقي الدعم الاجتماعي للدولة بهدف إيصاله إليهم مباشرة، لتفادي استفادة فئات لا تستحقه، كما يجري حالياً مع غاز البوتان الذي يُستَعمل في استغلاليات فلاحية كبيرة. ويتوفر المغرب على أكثر من 120 برنامجا للدعم الاجتماعي، أبرزها صندوق المقاصة الذي يدعم أسعار الدقيق والسكر وغاز البوتان، إضافة إلى برامج أخرى تستهدف فئات مجتمعية معوزة، من قبيل نظام المساعدة الطبية « راميد »، ونظام « تيسير » لدعم التمدرس، ودعم الأرامل. وتقر الحكومة بأن الدعم الاجتماعي الذي تقدمه عبر هذه البرامج العديدة لا يذهب إلى مستحقيه، ولا ينعكس على حياة المواطنين. ويرجع السبب في ذلك إلى كون الاستهداف ليس دقيقاً نظراً للآليات التقليدية المُستعملة. بقى التساؤل على الطريقة الثي ستساعد الدولة ماليا الطبقات الفقيرة؟ الحكومة تصرح أنها تدرس نماذج ناجحة تم تطبقها في دول مثل المكسيك، تشيلي وايران وخصوصا برنامج Bolsa Família الثي تعمل في البرازيل، وستخرج ببرنامجها، غير أنه لم تعلن خطوط هذا البرنامج خاصة وأنه من الصعب جدا أن تحدد بدقة الطبقات الاجتماعية في المغرب. وحتى قبل الشروع في تنفيذ السجل الوطني للسكان الذي من المرتقب أن ينطلق سنة 2021 بشكل تدريجي من جهة الرباط سلا القنيطرة، وبعده إحداث السجل الاجتماعي الموحد، فإن مواقف المهتمين توزعت إلى فريقين، الأول يشيد بهذه الخطوة التي تهدف إلى توحيد الفقراء في سجل واحد يمكنهم من الاستفادة من برامج ومبادرات الدعم، حتى لا تذهب إلى غيرهم. والفريق الثاني ممن يبدون تحفظهم بشأن شفافية التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد، خاصة أن الأمر تتدخل فيه العديد من العوامل التواصلية، إذ يخشى البعض شيوع ظاهرة الواسطة و »المعارف » وحتى الرشوة من طرف عائلات ترغب في تسجيل نفسها في هذا السجل قصد الاستفادة، ما يحد من إشعاع وأهداف الخطوة. وستكون الفئة المتوسطة الخاسر الوحيد  في هذا الإصلاح، لكونها لن تكون مستهدفة من أي دعم مالي باعتبارها لا تدخل ضمن معايير الفقر والعوز التي وضعتها الحكومة، وبالتالي فستجد مئات الآلاف من الأسر نفسها في مواجهة غول الغلاء خاصة إذا علمنا أن كل من يتقاضى مابين 2400درهم و 6000 درهم شهريا هو في نظر حكومة العثماني غير محتاج للدعم. واعنبار الطبقة الفقيرة هي التي يتراوح دخلها الشهري بين 0 درهم و2400درهم والطبقة الميسورة هي التي يفوق دخلها الشهري 6000 درهم مع العلم أن الدولة تدعم السكر بقيمة 2000 درهم للطن وتدعم القمح اللين ب250 درهم للقنطار أي الفرق بين التكلفة وثمن البيع أما غاز البوتان فيدعم ب60 درهم لقنينة 12 كيلو أما خجم 3 كيلو فتدعمه الدولة ب15 درهما ومن ثمة على السلطات العمومية أن تتخذ الإجراءات المرافقة لإنقاذ الطبقة المتوسطة من الغرق وتحويلها إلى طبقة هشة ومن اإحراءات المقترحة الزيادة في الأجور حتى تتمكن هذه الطبقة من العيش الكريم. وإذا نجح البرنامج في التخلي نهائيا عن امتيازات سياسة واقتصاد الريع وإذا أنهينا مع دعم المنتجات البترولية لصالح المصنعين وإذا استهدفت أموال المقاصة الطبقة الفقيرة المقدرة ب5 ملايين نسمة فإن 32 مليار المخصصة للمقاصة يمكن أن تستفيد منها الأسر المعوزة ب1500 درهما شهريا للأسرة الواحدة لسد حاجياتها من شراء المواد الغذائية الأساسية (24 مليار) والبباقي 8 ملايير تخصص لبرامج الدعم الأخرى بما فيها تقديم منح لأبناء الفقراء الممدرسين ما بين 200 درهم في التعليم الابتدائي و600 درهم للتعليم الجامعي لكل طفل شهريا تشجيعا لهم على مواصلة والاستمرار في الدراسة وتفاديا للهدر المدرسي. نتمنى أن يحقق هذا السجل الأهداف المتوخاة منه وهو محاط بجميع الاحتياطات والضمانات لكي لا يزيغ عن أهدافه أو يستغل لأغراض انتخابية أو ريعية ليكون السجل الاجتماعي فعلا أداة لتحسين مردودية البرامج الاجتماعية و“إرساء منظومة وطنية متكاملة ومندمجة لتسجيل الأسر والأفراد الراغبين في الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي التي تشرف عليها الإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية”، وذلك عبر اعتماد “معايير دقيقة وموضوعية وباستعمال التكنولوجيات الحديثة.” بالإصافة إلى “ضمان التنسيق والالتقائية في برامج الدعم الاجتماعي قصد الرفع من فعاليتها ونجاعتها.” والتحقق من صدقية المعطيات المتعلقة به. ومعالجة المعطيات الاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بالأسر والأشخاص بطريقة إلكترونية”،و” ضمان حماية المعطيات الشخصية للأشخاص المقيدين في السجلات، وذلك بالتقيد بأحكام القانون المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات الطابع الشخصي فيا يخص معالجة هذه المعطيات واستغلالها في مختلف تطبيقات المنظومة الوطنية لتسجيل الأسر والأفراد.” وسيشكل هذا السجل، دون شك، “المنطلق الوحيد للولوج لكافة برامج الدعم الاجتماعي من خلال تحديد مدى قابلية الاستفادة منها، عبر اعتماد معايير دقيقة، تتم وفق عملية تنقيط مبنية على المعطيات الاجتماعية والاقتصادية المتوفرة، وباستعمال التكنولوجيات الحديثة”. ومعاقبة كل من قام بتصريح كاذب بسوء نية عند التقييد بالسجل الاجتماعي الموحد، من أجل الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي المقدم من طرف الادارات العمومية او الجماعات الترابية أو الهيئات العمومية، بغرامات شديدة وبمدد سجنية طويلة  وذلك دون الاخلال بحق هذه المؤسسات المذكورة، ب”استرجاع الدعم المحصل عليه بدون وجه حق”

المرفقات

 حسب برنامج الأمم المتحدة في تقريره لسنة 2019، أن نسبة الفقراء المغاربة الذين يعانون من الحرمان الشديد بلغت 45 في المائة حيث نبه التقرير ذاته، حول “مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد لـ 2019” إلى احتمالية ارتفاع نسبة الفقر والحرمان بالمغرب، معتبرا أن 13 في المائة من المواطنين معرضون للفقر المتعدد الأبعاد. وأوضح التقرير تجليات الفقر في المغرب تتمثل في كون 42 في المائة يعانون من فقر التعليم، و32 في المائة يقاسون المعيشة الأساسية، فيما بلغت نسبة فقر الصحة 13 في المائة. ويتم حسب التقرير دراسة حالة الفقر ليس فقط بحساب نصيب الفرد من الناتج الإجمالي المحلي، بل أيضا في تجلياتها متعددة الأبعاد، مثل فقر التعليم الصحة ونوعية العمل، والافتقار للأمان من تهديد العنف. وفي غياب إحصائيات دقيقة ومضبوطة حول الفقر بالمغرب حيث تؤكد بعض التقارير ان حوالي 15% من السكان تحت ظروف الفقر، كما يعيش 60% من نسبة الفقراء بالعالم القروي في الوقت الذي تتزايد فيه نسبة الفقر في المدن، ويمكن اعتبار 25% من إجمالي السكان مهددين بالفقر في أية لحظة، حصة المواطن المغربي من الناتج الداخلي يعد ضعيفا للغاية، فهو لا يتجاوز 4550 دولار في السنة، في حين أن المعدل العربي يفوق 6700 دولار للفرد سنويا، فيما يصل المعدل العالمي إلى أزيد من 9540دولار.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *