المُغرب الرياضي التطواني ليس هو نادي أتلتيكو تطوان الإسباني
المنظار: توصلنا بهذه المادة للتاريخ الرياضي للمغرب الرياضي التطواني للأستاذ عبد العزيز الطريبق، ونظرا للأهمية والفائدة ارتأينا تقديمه على مدى ثلاثة أجزاء.
عبد العزيز الطريبق؛ تطوان في 8 فبراير 2022
أول إدارة رسمية لفريق نادي أتلتيكو تطوان الإسباني، برسم سنة 1934 لم تتضمن أي عنصر مغربي من بين الأعضاء. نفس الشيء بالنسبة لأول تشكيلة للفريق الذي لعب حبيا ضد فريق من أصيلة في شهر دجنبر من سنة 1933 التي كانت كلها إسبانية. وهو ما يكذب نظرية « اندماج » الفريقين منذ البداية، أي المُغرب التطواني المغربي المؤسس رسميا سنة 1928ونادي أتلتيكو تطوان الإسباني المؤسس سنة 1933 (كما أن لا أحد من الفريقين أسس سنة 1922).
بل إن الفريقين الإسباني والمغربي لعبا في مواجهة بعضهما ضمن ما سمي وقتها بكأس الخليفة في موسم 35-1934، وكانت النتيجة 3-1 لصالح نادي الأتلتيكو الإسباني ذهابا (يوم 21 أكتوبر 1934) وإيابا (يوم 9 دجنبر 1934).
(الصورة لنادي أتلتيكو تطوان الإسباني موسم 36-1935)
بعد الاستقلال وجد الفريق نفسه في حالة فريدة من نوعها كفريق إسباني محترف له التزامات مع لاعبيه المحترفين. تأسست الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم للمغرب المستقل سنة 1956وشرعت في تنظيم بطولة مختلفة عن تلك التي كانت تجرى أيام الحماية الفرنسية. وفي تطوان كان يوجد، وقتها، فريق الرابطة الرياضية المغربي كفريق قائم الذات انطلق أواخر الأربعينات، وكان يمارس بالبطولة الجهوية في بداية الخمسينات.
وسرعان ما أضيف له فريق المُغرب الرياضي التطواني الذي أعاد المغاربة إحياؤه مع مطلع شهر يونيو 1956، وقد أشارت جريدة « أ.ب.س. ABC » المدريدية، في عددها ليوم 9 يونيو1956 لهذه العودة قائلة : » بإحيائه لاسم رياضي قديم تأسس نادي جمعية المغرب الرياضي يحذوه طموح جمع العديد من الرياضات تحت لوائه، ككرة القدم وكرة السلة والدراجات والسباحة وألعاب القوى…ويترأس الجمعية سيدي الحاج الفيلالي وكنائب له السي أحمد الظريف وكأمين المال السي الحاج العربي بوستة وككاتب السي محمد العلوي. ويتكون الفريق من لاعبين محليين وسينازل يوم الأحد المقبل بالرباط فريق الفتح الرياضي للرباط… ».
اجتمعت إدارة نادي أتلتيكو تطوان الإسباني، في شهر يوليوز 1956، بمسؤولي الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لدراسة إمكانية بقاء الفريق بالمغرب. لكن استمراره كفريق محترف ممارس بإسبانيا من داخل الأراضي المغربية لم يعد ممكنا، كما لم يكن بالإمكان انخراطه ضمن البطولة المغربية لأنها بكل بساطة بطولة هواة بينما الفريق محترف، وفي ملكية أجانب.
فكان من الضروري، إذن، أن يرحل الفريق عن تطوان كما رحل الجيش الإسباني ورحلت الشرطة والإدارة الإسبانية. الجامعة الإسبانية لكرة القدم وجدت مخرجا استثنائيا لهذا الفريق بقبول اندماجه مع فريق من مدينة أخرى، سبتة المحتلة في هذه الحالة، والحفاظ على مكانته في نفس القسم، وهو إجراء ممنوع في إسبانيا لكن الحالة كانت استثنائية وطبقت كذلك على فريق الاتحاد الرياضي إسبانيا طنجة الذي اندمج مع فريق الجزيرة الخضراء.
وسجلت وثيقة الاندماج الرسمية (َActa 102 الصفحة 473 من كتاب باريس الابن) التي وقعت في تطوان يوم 10 يوليوز من سنة 1956، قرار اندماج نادي أتلتيكو تطوان مع الجمعية الرياضية لسبتة وتشكيل جمعية أتلتيكو سبتة. وتقرر كذلك حل نادي إسبانيول تطوان لكرة القدم (وكان قد تحول لفريق رديف filial لنادي أتلتيكو تطوان منذ سنة 1950) مع تسريح كل اللاعبين الذين لا يرغب فيهم فريق أتلتيكو سبتة.
ولم يتكلم خوليو باريس الابن بالمرة في كتابه، ولا الصحافة الإسبانية وقتها عن « تشكيل الجزء المغربي من نادي الأتلتيكو لفريق المُغرب التطواني »، بل على العكس من ذلك اشارت كل من صحيفتي « دياريو دي أفريكا » المحلية، في عددها ليوم فاتح أكتوبر 1956، و »أ.ب.س. » المركزية، المذكورة أعلاه، لعودة فريق « المُغرب » القديم للواجهة.، وكان قد أعيد تأسيسه قبل رحيل الأتلتيكو الإسباني لسبتة السليبة بأكثر من شهر، بل واجهه حبيا، في بداية شهر يوليوز، ودخل المُغرب التطواني بتشكيلة مغربية 100% كما كان له مجلسا إداريا مغربيا 100%.
ولن يلتحق أي من هذه الشخصيات بالمكتب المؤسس للمُغرب الرياضي التطواني في يونيو 1956 الذي تشكل من المغاربة المسلمين فقط، بمن فيهم المغربيين المسلم عبد السلام بنعبود واليهودي خوصي بنعيم عضوي الأتلتيكو الإسباني. بعد ذلك بعدة أشهر سيعزز كل من بنعبود وبنعيم، كفعاليات شخصية من المدينة، المكتب الثاني لفريق المُغرب الرياضي التطواني الذي دعمته السلطات في أكتوبر1956، وأضيف لهما التطواني اليهودي ألبرطو كورسياس بوطبول ومانويل ريوس من مكتب سابق للأتلتيكو (مكتب 1951) إضافة لإسباني آخر إيميليو بيريس فرانكو، وذلك رغبة من السلطات في توفير موارد إضافية للفريق.
لم يكن هناك أدنى مانع قانوني في أن يبقى نادي الأتلتيكو بتطوان كفريق هاو مع مغربة رئاسته وضمه لمن أراد ذلك من أعضاء المكتب المسير الإسبان المتواجدين بالمدينة (ومنهم من ولد ونشأ بها)، لكنه كان فريقا إسبانيا يلعب في القسم الثاني من الليغا وله التزامات مالية مع محترفيه، فرحل إذن بعد أن سرح فائض لاعبيه.
في المنطقة السلطانية حينت الفرق الفرنسية مكاتبها، ومغربت رئاستها، وشاركت في البطولة الجديدة التي نظمتها الجامعة المغربية الجديدة بدون أدنى مشكل، لأنها كانت فرق هاوية ولعبت في بطولة محلية مغربية هاوية لا علاقة لها بالبطولة الاحترافية الفرنسية. ومن هذه الفرق، فريق الاتحاد الرياضي المغربي، « اليوسام »، الذي كان عمليا فريق الحماية الفرنسية بامتياز (ونادي الصخور السوداء والصام والأولمبيك الرباطي وسطاد ماروكان…) …
بعد نهاية القصة المغربية لنادي أتلتيكو تطوان الإسباني سيرحل لاعبوه المحترفون للالتحاق بفريقهم الجديد أتلتيكو سبتة بينما سيلتحق الشبان منهم والاحتياطيون الهواة من أبناء تطوان أو ممن هم مستقرين بها، غير المرغوب فيهم من طرف أتلتيكو سبتة، بالفرق التطوانية القائمة، الرابطة الرياضية التطوانية والمُغرب الرياضي التطواني. وستفرغ الرابطة تقريبا من لاعبيها الأساسيين (مغاربة وإسبان) بعد ذلك والذين سيلتحقون بالمُغرب التطواني الفائز في التصفيات المؤدية للمركز الوحيد الذي خصص للشمال بالقسم الوطني الأول من البطولة المغربية الجديدة.
« ألقاب » فريق نادي أتلتيكو تطوان الإسباني حينما كانت تحيل على « المغرب » فإنما تحيل على التنظيم الجغرافي الجهوي للبطولة المنظمة آنذاك تحت لواء الجامعة الإسبانية لكرة القدم، سواء في تسميتها الأولى لسنة 1931، « الجامعة الإسبانية-المغربية »، أو تحت مسمى « الجامعة الجهوية لشمال افريقيا » انطلاقا من سنة 1938 وكان مقرها بسبتة السليبة. اللهم إن كان من القائلين باحتساب ألقاب الفريق الإسباني للفريق المغربي من يعتبر أن اسبانيا المستعمرة كانت وقتها تقر بكون سبتة ومليلية مغربيتين، وهذا ما لم يقع طبعا.
نادي المغرب الرياضي (أتلتيكو) التطواني المغربي
أول تاريخ رسمي يمكن تسجيله لظهور فريق المُغرب التطواني هو تاريخ 2 دجنبر1928 بعد أن قام الحاج عبد السلام بنونة بوضع النظام الأساسي ل »جمعية الاتحاد المغربي » وهي « جمعية رياضية أدبية » (كما كان ذلك مخطوطا على باب النادي الذي فتحته الجمعية بالفدان يوم فاتح مارس 1929…). وقد طلبت الجمعية الترخيص لها باسم الشاب أحمد الزكاري ولم تتوصل بالترخيص القانوني سوى في فاتح أكتوبر 1931 (انظر كتاب « أب الحركة الوطنية المغربية الحاج عبد السلام بنونة- حياته ونضاله » للمؤرخ محمد ابن عزوز حكيم؛ الرباط 1987؛ ص.279-280).
فريق كرة القدم المنتمي للجمعية كان قد تشكل قبل ذلك بسنة أوسنتين، ويوجد أثر مكتوب دال على وجوده منشور في مجلة « الاتحاد » التابعة للإقامة العامة عدد 6 لشهر غشت 1927 الموافق لشهر صفر 1346، وهو مقال مصحوب بصورة للفريق، وقتها.
أواخر العشرينات وبداية الثلاثينات، من القرن الماضي، كانت حافلة بالنشاط الوطني على جميع المستويات، بحيث كانت هناك صحوة فعلية لمغاربة المدن، ومن بينهم مغاربة تطوان (أنشطة اقتصادية عصرية ونقابية وحقوقية وثقافية…). فريق الاتحاد المغربي التطواني الذي سيختصر باسم المُغرب التطواني كان نشطا بدوره وقد فاز بكأس تطوان سنة 1931 وكان قد لعبها ضد فرق إسبانية متواجدة آنذاك.
كما استقبل في مقابلة حبية بملعب تطوان الفريق المحترف الإسباني، أتلتيكو مدريد، في شهر يونيو 1931 (وكان يمارس بالقسم الثاني من الليغا). ورغم الحصة الثقيلة التي انتهت بها المقابلة (بالنظر للفارق ما بين الهواية والاحتراف) فلقد أبلى فريق المُغرب التطواني البلاء الحسن حسب مجلة « الاتحاد » التي أسمت الفريق باسمه المعروف، « المغرب »، سنة 1931، وجاء في المقال: « جمعية المغرب: قد بلغت هذه الجمعية المغربية شأوي التقدم في فنها الرياضي وحازت قصبة السبق في مضمار هذا الفن الكروي من بين سائر الجمعيات الرياضية المغربية… »
شارك المُغرب التطواني مرة أخرى في كأس الخليفة لموسم 35-1934، وهذه المرة واجه، من ضمن من واجهه، فريق نادي أتلتيكو تطوان الإسباني الذي تأسس في 12 مارس 1933 (وليس في 12 مارس 1922 كما تم اختلاق ذلك). وحل المُغرب التطواني في المركز السادس بينما فاز نادي سبتة سبور بالدوري (انظر كتاب خوليو باريس الابن ص25/27، ويسمي الفريق CD Maghreb، أي نادي المغرب الرياضي). شاركت في هذا الدوري عدة فرق تمثل الجالية الإسبانية في مدن مغربية تحت الحماية وأخرى خاضعة للسلطة الإسبانية منذ قرون. في البداية كان من المقرر أن يكون عدد الفرق المشاركة 12 فريقا، لكن أربعة فرق انسحبت قبل انطلاق الدوري/ وأخرى (أنيون ديبورتيفا العرائش) اعتذرت بعد ثمان دورات. انتصر المُغرب في 3 مقابلات وتعادل في ثلاث وانهزم في 7. سجل 33 إصابة (ثالث هجوم) واستقبلت شباكه 36 (سادس دفاع). وكان شعار الفريق على الشكل التالي عند بداياته في الثلاثينيات من القرن الماضي: