المُغرب الرياضي التطواني ليس هو نادي أتلتيكو تطوان الإسباني (3)

المُغرب الرياضي التطواني ليس هو نادي أتلتيكو تطوان الإسباني (3)
شارك

المنظار: توصلنا بهذه المادة للتاريخ الرياضي للمغرب الرياضي التطواني للأستاذ عبد العزيز الطريبق، ونظرا للأهمية والفائدة ارتأينا تقديمه على مدى ثلاثة أجزاء.

عبد العزيز الطريبق؛ تطوان في 8 فبراير 2022

ويذكرنا ذ. الزبير بن الأمين في كتابه عن اللاعب التطواني محمد عبد السلام العروسي الذي لعب لنادي أتلتيكو تطوان الإسباني (صدر سنة 2013؛ ص.67) بمقابلة حبية هامة أجراها فريق المُغرب التطواني ضد الفريق الطنجاوي الشهير المغرب الأقصى (أو مُغرب طنجة). و جرت بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف يوم الجمعة 14 يناير 1949 ، تحت رعاية الخليفة مولاي الحسن بن المهدي، وقد خصص مدخولها لفائدة المدرسة الخيرية بتطوان. المقابلة التي أثارت اهتمام الجمهور إثر الإعلان عنها في الصحف المحلية انتهت بفوز المغرب التطواني ب4-3 نال إثرها الفريق التطواني كأسا فضية خصها الخليفة للفريق ا لفائز.

وعموما، في الأربعينات تراوحت مسيرة المُغرب التطواني ما بين الظهور والاحتجاب، إلى غاية بداية الخمسينات حيث توقف تقريبا عن الظهور. تفاصيل حياة الفريق بعد تأسيسه وطيلة فترة وجوده، قبل الاستقلال، تحتاج لدراسة معمقة تسلط الضوء عليها، لكن الأكيد أن مسار الفريق التطواني المغربي لم يختلط بالمرة بمسار الفريق الإسباني المحترف نادي أتلتيكو تطوان.

خرافة « الاختلاط » هذه كان أول من أثارها هو الحسين بوديح، أحد الرؤساء السابقين للمُغرب التطواني وذلك خلال ندوة عن مسيرة الفريق نشرت في كتاب الطيب البقالي « المغرب أتلتيك تطوان -مسيرة المد والجزر » (سنة 2004؛ منشورات جمعية تطاون أسمير)، والتي جمعت رؤساء سابقين آخرين وفعاليات أخرى من لاعبين وأنصار. بوديح كان الوحيد من بين الحاضرين الذي اعتبر مسيرة الفريق واحدة منذ « ظهوره » سنة 25-1924 (وليس 1922 كما يقول أصحاب المئوية المزعومة) رغم أنه لم يأت بأدنى حجة على كلامه لتأكيد التاريخ الوارد على لسانه وحيثيات « الاختلاط » في المسيرة بين الفريقين. بوديح اعتبر أن فريق « الاتحاد الرياضي الأهلي » (كذا!) تأسس سنة 25-1924 وغير اسمه سنة 1927 إلى « نادي الشروق لكرة القدم » وفي سنة 1930 غير اسمه وصار « مُغرب تطوان » واستمر الحال على هذه الغاية إلى سنة 1935 حيث انطلقت الحرب الأهلية (كذا!)  وتوقفت المنافسات إلى غاية 1940. في هذه السنة يقول بوديح تأسست الجامعة الإسبانية-المغربية بسبتة وبدأت مسيرة الفريق إلى أن وصل القسم الأول من الليغا…الخ. ويضيف بوديح أنه في سنة 57-1956 مع استقلال البلاد تم اجتماع بمنزل السيد العياشي شقور، الذي كان عضوا، يقول بوديح في جميع مكاتب الفريق منذ سنة 1926، وتقرر تغيير الاسم إلى « المُغرب أتلتيكو تطوان » مع تعيين الفيلالي كرئيس… غريب أمر كلمة الحسين بوديح هذه ومن أين أتى بهذه السلسلة من المعلومات الخاطئة! فالفريق تأسس رسميا سنة 1928 تحت اسم « جمعية الاتحاد المغربي » وصار يختصر بالمُغرب التطواني بعد ذلك. والجامعة الإسبانية-المغربية، التابعة للجامعة الإسبانية أسست سنة 1931، وتغير اسمها إلى الجامعة الجهوية لشمال افريقيا سنة 1938. والحرب الأهلية انطلقت في يوليوز 1936 وليس 1935. ونادي أتلتيكو تطوان الإسباني أسسه إسبان يوم 12 مارس 1933، باستقلال تام عن المُغرب التطواني المغربي، وظل فريقا إسبانيا محترفا إلى غاية رحيله عن المغرب في صيف 1956 بعد استقلال البلاد… ولم يسبق للعياشي شقور أن تحمل أدنى مسؤولية في مكتب نادي أتلتيكو تطوان الإسباني طيلة حياة هذا الفريق.

وكما ذكرنا، وبالعودة لمكتب جمعية الاتحاد المغربي المؤسسة سنة 1928 كجمعية مغربية 100% أعطت فريق المُغرب التطواني، وإلى أول مكتب لنادي أتلتيكو تطوان الإسباني المؤسس يوم 12 مارس 1933، يبرز بوضوح أنه لا يوجد أي عنصر إسباني في مكتب المُغرب التطواني كما أنه لا يوجد أي عنصر مغربي مسلم في المكتب الأول للنادي الإسباني المؤسس يوم 12 مارس 1933. وقد تأكد هذا في جميع المكاتب اللاحقة للنادي الإسباني الذي لم يضم لصفوفه خلال 23 سنة من تاريخه سوى خمسة عناصر مغربية مسلمة (بنعبود، الدوالي…). وللتذكير فقانون الجمعيات بالمنطقة الخليفية، الخاضعة للحماية الإسبانية، لم يكن يفرض وجود إسباني كشرط لتأسيس جمعية أو حزب أو صحيفة للمغاربة عكس ما كانت تمارس السلطات الفرنسية في المنطقة السلطانية…

من هنا يتضح أنه لا يوجد هناك شيء اسمه المسار الواحد للفريق سواء أسسه المغاربة أو الإسبان أو الاندماج في العشرينات من القرن الماضي كما بعد رحيل نادي أتلتيكو تطوان سنة 1956.

مع استقلال البلاد تأسست الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وبدأ الاستعداد لتنظيم بطولة جديدة من تسيير الجامعة الجديدة. كانت تطوان تعرف وقتها وجود فريق مهيكل ألا وهو الرابطة الرياضية التطوانية. لكن فئات أخرى من التطوانيين ارتأت إحياء اسم المُغرب التطواني لما كان يرمز إليه بالنسبة للعديد من سكان المنطقة من ملحمة شبابية استيقظ خلالها جزء من الشباب التطواني في أواخر العشرينات للتماهي مع العصر من منطلقات مغربية خالصة (ولا أقول وطنية كي لا أعكر مزاج من يقول « الوطنيين دبطاطا ») ضمن حركة نهضة شاملة لعدة مجالات أخرى من حياة المجتمع التطواني أعطت لتطوان ريادة على عدة مستويات (مدارس عصرية ومطابع وصحف …).

تم، إذن تجميع العديد من اللاعبين المغاربة المتواجدين بالمدينة والمنطقة وتمت إعادة تأسيس فريق المُغرب التطواني مع مطلع شهر يونيو 1956 وذلك بموازاة مع وجود نادي أتلتيكو تطوان الإسباني الذي لم يقرر مصيره بعد وكان محتفظا بكل طاقمه في انتظار إيجاد مخرج له. وكما ذكرنا ذلك، فلقد أظهرت كل من الجريدتين الإسبانيتين « أ ب س » الصادرة من مدريد بتاريخ 9 يونيو 1956 و »أفريكا ديبورتيفا » الصادرة من تطوان بتاريخ فاتح أكتوبر 1956، بأن الأمر يتعلق بإعادة إحياء فريق قديم ومعروف ألا وهو المغرب الرياضي التطواني. وبالتالي فلا وجود لشيء اسمه الاندماج بين الفريقين…

وفي فاتح شهر يوليوز1956، وكما رأينا ذلك، خص الفريق التطواني المغربي نظيره التطواني الإسباني بمقابلة تكريمية لتوديعه وشكره على ما قدمه للمدينة وجرت المقابلة أمام جمهور غفير وانتهت بنتيجة التعادل 2-2. تفاصيل هذه المباراة توجد في يومية « الأمة » المغربية الصادرة من تطوان في عددها رقم 875.

لعب فريق المُغرب بتشكيلة محلية معززة بحسن أقصبي، المحترف بفرنسا، وعبد الله « مالقا » المحترف بإسبانيا والمكي من سبتة. ويلاحظ هنا غياب تام للعناصر الإسبانية التي كان مصيرها مرتبط بمصير نادي أتلتيكو تطوان الذي لم يحسم بعد.

المكتب الأول الذي أعاد إحياء المُغرب التطواني عبر تأسيسه من جديد جاء على النحو التالي:

الرئيس: أحمد الفيلالي؛ نائبه: أحمد الظريف؛ الأمين: الحاج العربي بوشتة؛ المحاسب: العياشي شقور؛ الكاتب العام: محمد العلوي؛ نائب الكاتب العام: عبد الله الكرماز – المستشارون: عبد السلام الخمسي؛ سلام بوزيان؛ الحاج عبد القادر بن عجيبة؛ أحمد برقاد؛ مصطفى المكناسي؛ محمد عياش؛ عبد السلام الورياغلي؛ كريمو الدهري.

من هنا يتضح ألا وجود لأي عنصر من مكتب نادي أتلتيكو تطوان  عند إعادة تأسيس فريق المُغرب الرياضي التطواني في يونيو 1956.

بعد ذلك بمدة (أي في أكتوبر1956) ورغبة من السلطات المحلية في دعم الفريق ماديا تم تجديد المكتب وتدعيمه بشخصيات محلية من رجال الأعمال فانضم إليه، ولمدة وجيزة، كل من التطوانيين بنعبود وبنعيم كفعاليات شخصية من المدينة (وكانا عضوين في آخر مكتب لنادي أتلتيكو تطوان)، وأضيف لهما التطواني اليهودي ألبرطو كورسياس بوطبول ومانويل ريوس من مكتب سابق للأتلتيكو (مكتب 1951) إضافة لإسباني آخر إيميليو بيريس فرانكو، لكن التحاقهم بالمكتب لم يضف شيئا للفريق وظل المرحوم الفيلالي يصارع لوحده سنوات طويلة قبل الاستسلام في منتصف موسم 63-1962.

المُغرب الرياضي التطواني كما سمي عند انطلاقته الجديدة (وكانت الصحافة الإسبانية الصادرة من تطوان تسميه آنذاك Moghreb Riadi de Tetuán) كان يلعب، كما قلنا في بداياته باللونين الأخضر والأحمر وبشعار مخالف لشعار نادي أتلتيكو تطوان الإسباني.

(المُغرب الرياضي التطواني في أولى مبارياته سنة 1956)

أما المقر الأول للنادي فلقد تركه الرئيس السابق لنادي الأتلتيكو خوليو باريس الأب، رجل العمال الإسباني التطواني المتعاطف مع مدينته رهن إشارة فريق المدينة المغربي لمدة. فخوليو باريس كغيره من الإسبان الذين ولدوا بتطوان يعشقون مدينتهم مسقط رأسهم (في التسعينات من القرن الماضي كانوا يحجون بالمئات لزيارة تطوان في وفود إعادة الصلة بالمدينة في مناظر مؤثرة) … ومن يزور متحف نادي ريال مدريد، في ملعب برنابيو، مثلا، سيجد صورة الراية المغربية بجانب لاعبين كراية لمسقط رأسهما، أحدهما هو الدولي خوصي لويس بينادو، ابن باريو مالقا، والثاني من مواليد العرائش…

بعد هذا المقر الأول الذي قضى فيه المُغرب التطواني فترة من الزمن، سيتجول الفريق عبر عدة مقرات وصولا إلى المقر الحالي بين أحضان « لامبيكا »…

الجامعة المغربية لكرة القدم حديثة العهد دشنت عملها بظلم كبير تعرض له الشمال، عموما، الذي كان يعج باللاعبين ويتوفر على فرق مهيكلة كثيرة وتقليد كروي وجمهور ذواق وملعبين معشوشبين من الطراز الجيد وقتها. هذا الظلم تجلى في تخصيص مقعد واحد في القسم الأول ومثله في الثاني، لفرق الشمال بعد تصفيات متعبة، وهو ما جعل العديد من الفرق الطنجاوية ترفض الأمر وتقاطع التصفيات… فريق المُغرب التطواني كسب الرهان بعد صراع ملحمي ضد الرابطة التطوانية ثم مقابلة نهائية سهلة نسبيا ضد أطلس طنجة.

بعد رفض بقاء نادي أتلتيكو تطوان بالمغرب، لكونه محترفا وينتمي لبطولة أجنبية، انتقل أفضل اللاعبين المحترفين لسبتة إثر الاندماج مع فريقها، وبقي العديد من اللاعبين الإسبان الشبان والهواة الذين تم تسريحهم، وهم من مواليد تطوان غالبا، لمدة في المدينة وقد التحق العديد منهم بالرابطة الرياضية التطوانية وبالمُغرب التطواني، وحين فشلت الرابطة في الفوز بمقعد بالقسم الأول، التحق أجود لاعبيها المغاربة والإسبان بالمُغرب التطواني.

عزز المُغرب التطواني صفوفه بلاعبي الأتلتيكو التاليين الذين بقوا بتطوان والتحقوا مباشرة بالفريق:

Sevilla

وكلهم كانوا من اللاعبين الاحتياطيين في نادي أتلتيكو تطوان قبل حله بحيث لم يتجاوز عدد مشاركة أفضلهم 8 مقابلات من أصل 30 مقابة. وقد استعمل المُغرب التطواني 35 لاعبا إسبانيا في موسمه الأول 57-1956 (مقابل 17 لاعبا مغربيا) إذ كان الفريق يحظى بتسهيلات خاصة في الانتدابات من طرف الجامعة المغربية (مثله مثل فريق أطلس طنجة في القسم الثاني) وذلك بالنظر لخصوصيات المنطقة، وكان بعض اللاعبين يمرون مر الكرام من المُغرب التطواني ليلتحقوا بفرق إسبانية بدون إشعار ولا ترخيص بالنظر لغياب اتفاقيات تمنع ذلك ما بين البلدين وقتها. اللاعبون الإسبان أتوا من اسيانيول تطوان، الفريق الرديف لأتلتيكو تطوان والذي تم تسريح لاعبيه كما رأينا ذلك مع قرار حل الأتلتيكو، وآخرون مرزا من الرابطة قبل الاتحاق بالمُغرب …  هذا إضافة إلى لاعبي الرابطة الذين التحقوا بالمُغرب بمجرد ما تأكد تأهيل المُغرب للعب في القسم الأول بعد نهاية تصفيات البطولة… بل تم تسجيل حالتين للاعبين إسبانيين مسجلين بداية كهواة مع المُغرب التطواني غير أنهما كان يلعبان مع أتلتيكو سبتة حين يلعب الفريق التطواني خارج ملعبه في إطار البطولة المغربية ويستقبل الفريق السبتي بسبتة في إطار القسم الثاني من الليغا ( Noni و Sevilla)…

وطبعا إشراك الأجانب في البطولة المغربية آنذاك لم يكن حكرا على المُغرب التطواني بل جل الفرق المشاركة في انطلاقة البطولة المغربية الجديدة كانت تعج باللاعبين الفرنسيين، بما فيها الوداد Gomez ; Mayet)) و الفتح (Tito; Campoy; Hernandez) وسطاد الرباطي والاتحاد الرياضي المغربي « اليوسام » (أكثر من 6 عناصر) و فريق الصخور السوداء  البيضاوي (ب11 لاعبا من أصول أجنبية)…

من كل هذا يتضح خواء فكرة « الاندماج » و « الاستمرارية » التي يتذرع بها البعض لتبرير « مئوية » مزيفة من حيث التاريخ ومن حيث الهيكلة؟ فلقد وقفنا على كون تاريخ 1922 لا يوجد سوى في مخيلة صانعيه، وقد « صنع » أيام المكتب السابق بدون الاعتماد على ذوي الاختصاص أو تكليف مديريته في الإعلام بالبحث في الأمر وقد كانت المراجع موجودة وقتها: كتاب العارضة للبزيوي سنة 1994 وكتاب خوليو باريس الإبن سنة 1997 وكتب الباحث ذ. أحمد امغارة سنة 2006 وكتاب ذ. الزبير بن الأمين سنة 2012. وهي كتب وضعها أشخاص لهم دراية بالبحث والغوص في الأرشيف، ثم الصحف الإسبانية والمغربية الصادرة بتطوان في تلك الحقبة…

هكذا أطلقت خرافة 1922 وانتشرت لدى بعض أوساط مناصري الفريق وتم ملأ المواقع الإلكترونية بهذه المزحة وتم توريط الفيفا والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في هذه الفذلكة وأصبح صانعو الكذبة يستندون على هذه المواقع والفيفا والجامعة لتأكيد ميلاد الفريق (أيهما؟) سنة 1922، واعتبار أن الأتلتيك هو « الشروق » و »الاتحاد » والمُغرب ثم الأتلتيك ثم المُغرب بعد الاستقلال.

إنها فعلا مزحة ثقيلة، تنسب الفريق التطواني المغربي النشأة إلى فريق إسباني محترف، مثٌل المدينة، لكنه كان عابرا فرحل مع استقلال البلاد. طبعا أحب التطوانيون المغاربة فريق نادي أتلتيكو تطوان، ولو استمر في الوجود واللعب في الليغا ولو باسم أتلتيكو سبتة لظلوا متعلقين به لأنه جزء من تاريخ المدينة المعاصر وإحدى خصوصياتها. كما يحب التطوانيون الآن الريال أو البارصا او الديبور …لكن هذا لا يعني أنه استمرار للمُغرب التطواني أو أن المُغرب استمرار له.

ذاك فريق إسباني نشأ في المدينة ومثلها في حقبة ما، وانتهى أمره إلا من ذكرى كانت تستحق أن يقام لها متحف في دهاليز الملعب مع صور للاعبين ونبذة عن مسيرة الفريق. وهذا الفريق هو المُغرب التطواني من دمنا ولحمنا فريق مثل ضعفنا وقوتنا، فريق يمكن أن يقال عنه بأنه « أكثر من فريق » لأنه تماهى مع خصوصيات المنطقة منذ نشأته المبكرة بتعبيره عن رغبة شبان مغاربة في مواكبة عصرهم بقدراتهم الذاتية، وخصوصا منذ إعادة إحيائه سنة 1956. وقد شرحت كيف ذلك بالتفصيل في كتابي، الذي عمل البعض بشكل واع على مقاطعته رغم توفره على معطيات رقمية لم يسبق جمعها في مؤلف واحد ولا يمتلكها حتى الفريق بنفسه.

(شعار الفريق في بداياته مع تسميته الرسمية بالعربية المغرب الرياضي التطواني ملخصة ب م. ر. ت.)

نحب تطوان كما هي ولا نرغب في أن يمس أحد الكنسية (رغم كون اسمها يحيل على ذكرى سوداء بالنسبة لأجدادنا ألا وهي ذكرى احتلال تطوان سنة 1861 وما صاحبه من مجازر) بل إننا نتمسك باسم « بلاسا بريمو » حتى وهو يحيل على الفاشيستي الإسباني بريمو دي ريفبرا، ونتمسك بمسرح إسبانيول وبسينما ابنيدا والبلاسا وشانتي، وتألمنا لضياع الطرولي والفدان… لكن لا أحد من سكان تطوان يقول بأننا من بنينا تلك المعالم…

 ولو كان المُغرب التطواني امتدادا فعليا لنادي أتلتيكو تطوان لافتخرنا بذلك حتى ولو كان النادي من تأسيس الإسبان فلا مشكل في ذلك. فكرة القدم أدخلها الإنجليز لجل بلدان العالم وتبنتها هذه البلدان بدون أدنى حرج. وفي شمال المغرب أدخلها الإسبان لتطوان والإنجليز لطنجة ولو تركوا فرقا قائمة بها كامتداد تاريخي لوجودهم لكان أمرا عاديا، لكن نادي أتلتيكو تطوان اندمج مع نادي سبتة ليعطي أتلتيكو سبتة واسبانيا طنجة اندمج مع ناد من الجزيرة الخضراء، هذا ما يقوله التاريخ الفعلي، اما الباقي مما يروج فهو مجرد « ثرثرة » كروية فارغة وكذب على النفس والناس.

هناك من يقول بأن « المُغرب التطواني » امتداد « معنوي » لنادي أتلتيكو تطوان الإسباني، لكن هل هناك انتساب معنوي أفضل من الانتساب المعنوي لفريق الأجداد الذي خلق من لا شيء سوى من رغبة مجموعة من الشباب المغاربة في نهاية العشرينات تحذوهم روح وطنية في إظهار حق شعبهم في امتلاك طاقات الانعتاق من الحماية (أو الاستعمار المقنع)؟ هؤلاء الشباب قاوموا في مجالهم الشبابي لإثبات الذات المغربية واستطاعوا في فترة وجيزة الوقوف الند للند في وجه الصيغة الأولى من كرة القدم الإسبانية بتطوان. طبعا لم يستطيعوا مقاومة التقدم الكروي الإسباني هنا لأنه انتقل إلى الاحتراف وحظي بدعم السلطات الإسبانية وبدعم رجال الأعمال الإسبان. في مدينة طنجة استطاع فريق المغرب الأقصى (مُغرب طنجة) الذي أسس سنة 1919، الوصول إلى مستوى القسم الثالث من الليغا في بداية الخمسينات قبل أن ينسحب من الساحة… في المنطقة السلطانية كان الوضع مختلفا حيث استطاع فريق الوداد المغربي الوطني مقارعة باقي الأندية الفرنسية الممارسة ضمن البطولة المغربية وقتها لأنها بطولة هواة وكان الوداد يحظى بدعم كل المغاربة في تلك المنطقة أينما حل وارتحل.

وحتى لو افترضنا أن هناك من يتشبث بهذا الانتساب « المعنوي » لفريق إسباني من باب « ولو طارت معزة »، فإن الانتساب « المعنوي » لا يعطيك الحق في نكران تاريخ فريق المُغرب التطواني و »قرصنة » تاريخ فريق آخر إسباني له ورثة شرعيون بسبتة وله « القاب » تحسب ضمن بطولة الليغا الإسبانية. زيادة على أن الانتساب « المعنوي » أو « العملي » لا يعطي لأحد الحق في اختراع تاريخ لميلاد الفريق لا هو بتاريخ ميلاد المُغرب التطواني ولا هو بتاريخ ميلاد نادي أتلتيكو تطوان الإسباني.

تبقى ذكرى الكرة الرفيعة التي احتضنها الملعب قبل الاستقلال، والتقليد الكروي المتمثل في أسلوب اللعب (تقنيات وسرعة) والشغف الجماهيري بالكرة، وملعب مر منه كوبالا وبنمبارك وشيشا ورماييط وصارا… وربما هذا ما يفسر تبني اللونين الأحمر والأبيض مع بداية الستينات وتغيير شعار الفريق في مطلع السبعينات (في ظروف غامضة) …

ويبقى المُغرب التطواني منا وإلينا كخير معبر عن أسلوب العيش التطواني عبر كل الحقب التي مر منها… ولا ضرر في أن يكون مؤسسيه ممن كانوا يرتدون القندريسة والجلاليب والطواقي.. فقد خلعوها فيما بعد في فورة شبابية أدخلت الإنسان المغربي بمنطقه وطاقاته للقرن العشرين.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *