كم بقي لنا من خراب لم نُعانقه ؟؟

كم بقي لنا من خراب لم نُعانقه ؟؟
شارك

بعد كل هذا العناء !!

أرفض أن يكون السؤال » كيف كان يومك  » !!

فمن الإنصاف أن أُسألَ: كيف كانت معركتك؟

سماح العيسى

——–

   يكتبها د.سعيد ألعنزي تاشفين

    لعمري أن ما يحيط بنا من رداءة تجعلني شيخا في شبابي أحنّ إلى الماضي الذي لم أعشه، وأجدني أبحث عن آل الكهف الذين يُنصتون لكبار المحدّثين، وأواصل التنقيب عن الدرر النادرة من مقابر التاريخ ومن أعماق الكهوف لعلّي أخفّف عن نفسي وطأة اغترابها وغربتها . فما وجدت نفسي سطحيا إلا بالاختلاط الهجين، وما الهروب من نمطيات السوق إلا دواءً لصون النّفس عن سقطتها المدوية في متاهات اللاّمعنى ورحم الله مارثن هايدغر. ولهذا أستنجد هنا بنصح شيخي وأشارككم هوسي وحزني وغربتي وغرقي، وأشارككم نُصحه و فتواه :

      يا شيخي، هل كتب الأقدمون عن أغوار النفس مثل الذي يقوله عشّاق المحدّثين عن الوفاء والهيام، أي بُني، سأتلو لك ممّا قاله أبو حيان التوحيدي في التفرقة بين الصداقة والعلاقة، ثم أنظر ذلك الغور الذي بلغه في التنقيب في أغوار النفس وطاعة اللغة إياه في تصوير ما يشاء من المعاني ..

     » فالصداقة أذهب في مسالك العقل ، وأدخل في باب المروءة، وأبعد من نوازي الشهوة، وأنزه عن آثار الطبيعة، وأشبه بذوي الشيب والكهولة، وأرمى إلى حدود الرّشاد، وآخذ بأهداب السّداد، وأبعد من عوارض الغرارة والحداثة. وأما العلاقة فهي من قبيل العشق والمحبة والكلف والشغف والتتيّم والتهيّم والهوى والصّبابة والتدانف والتشاجي ، وهذه كلها أمراض أو كالأمراض، بشركة النفس الضّعيفة والطبيعة القوية، وليس للعقل فيها ظلّ ولا شخص، ولهذا فهي حائلة بين أنوار العقول وأدأب النفوس و فضائل الأخلاق  » ..

    وجدت يا شيخي فيلسوفا إيطاليا محدّثا اسمه غرامشي يقول :

    » من لم يكن في شبابه متأجّجا ملتهبا ثوريا فإني أشك في سلامة عاطفته ووجدانه، ومن كان كذلك بعد شبابه فإني أشك في سلامة عقله وإدراكه  » ..

    قال شيخي: تلك بضاعة القديم بأقل إجادة وقراءة لمستغلق الفلسفة..

    لكن التاريخ يتطور يا شيخي؛ فالمحدّث دوما أجود وأعمق من القديم في التجربة الإنسانية ..

    يقول الشيخ مرة واحدة، لا يا بني، بل التاريخ ينبض نبضا ويتلو على مسامعنا ذات المكتوب كل حين بأشكال والهاج مختلفة ..

     وصفوة قولي حتى مثل هذه الجلسة الهوية، على شرف الأتاي ، ضاعت منّا، وتحت أنظار التحريف أصرخ :

     يا قدحي !! يا هذا الأتاي الوفيّ في زمن الوضاعة والرّداءة و التفاهة و السطحية والزّيف :

    تُرى كم بقي لنا من خراب لم نُعانقه ؟؟

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *