الاخبار المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، هل تقف خلفها مؤسسات؟!( 2 )
عبد العزيز شبراط
نحن العرب شعب لا يقرأ، وإذا قرأ؛ فمعدل القراءة لديه؛ لا يتجاوز ست دقائق في السنة، وهو ما يعني أننا نفتقر القدرة على التحليل، كما نفتقد مهارات التفريق بين المعلومة المغلوطة أو المزيفة ونظيرتها الحقيقية، ووفقاً لتقرير اليونسكو فإنّ أعلى نسبة أمية في العالم؛ تتواجد في الوطن العربي، والقراءة هي من آخر اهتمامات المواطن العربي، فهناك 60 مليون أمّي عربي و 9 ملايين طفل خارج المدرسة، ويشير التقرير ذاته أنّ الطفل العربي يقرأ 7 دقائق سنوياً، بينما الطفل الأميركي يقرأ 6 دقائق يومياً، لاحظوا معي هذا الفرق الشاسع، حيث ما يقرأه العربي في السنة يقرأه الامريكي في يوم! طبيعي إذن أن المهارات الحياتية التي ينميها الانسان الأمريكي، هي أكبر بكثير مما ينميه الانسان العربي!
نحن نعلم جيدا أن معظم ( حتى لا نقول كل) القنوات التلفزية والاذاعية المحلية الارضية أو الفضائية لها تطبيقات على الانترنيت، كما لها حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف تصنيفاتها، وهو الامر ذاته الحاصل بالنسبة لكل الجرائد والمجلات الورقية منها والرقمية، مما يعني طبعا، أن منصات التواصل الاجتماعي تحظى باهتمام بالغ، وعدد مستخدميها يعد بالملايير، ( أكثر من نصف سكان العالم حاليا، البالغ عددهم 7.87 مليارات نسمة، يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي)، عملاق شبكات التواصل الاجتماعي فايسبوك وحده، له 2.8 مليار مستخدم نشط شهريًا في عام 2021، والأكيد أنه تجاوز هذا العدد في السنة الجارية، وإذا لم يكن هذا الرقم مذهلًا بما فيه الكفاية، فقد يذهلك أن 1.84 مليار مستخدم، يزورون فيسبوك يوميًا باستخدام واحد على الأقل من منتجاته الأساسية، مثل (واتساب) وإنستغرام وماسنجر.
تبدو هذه الارقام مخيفة، ولكنها الحقيقة، هذه الحقيقة التي تساهم بشكل كبير في نشر الاخبار المضللة والمزيفة والمفبركة، وكوننا نحن العرب لا نمتلك قدرة التمييز بين الزائف والحقيقي، فإننا نقبل كل ما تقع أعيننا عليه، ضمن منصات التواصل الاجتماعي، والتي يدمن عليها بشكل غريب الاميون بالاساس والجهلة، ثم يساهمون من جانبهم في إعادة تقاسم ونشر تلك التفاهات والاخبار المزيفة، بشكل واسع اعتقادا منهم أنها معلومات صحيحة!
لكن، إلى أي حد يمكن اعتبار أن هذا الكم الهائل من الاخبار والمعلومات الزائفة، التي تنتشر بيننا دون توقف يقف ورائها فقط صانعوها؟!
نحن نعلم جميعا أن شبكات التواصل هذه تتغذى من خصوصيات هؤلاء المستخدمين، بل أن هناك من يبيع خصوصيات المستخدمين، ونتذكر جميعا فضيحة فايسبوك بهذا الشأن، نعلم أيضا أن خصوصيات المستخدمين تحول مباشرة الى خوادم تلك المنصات، وتغادر الموطن الاصلي للمستخدم دون تدخل حكومته، وهذا الامر يضر أيما ضرر بدولة المستخدم، عكس الصين التي كما نعلم لها شبكاتها التواصلية الخاصة وهي بايدو وعلي بابا وتنشنت و تشاومي وهي ما يشار إليه اختصارا ب ( BATX )، ولكنها رغم ذلك، تفرض على الشركات الامريكية التي تبيع داخلها منتجاتها الذكية، مثل أيفون وأيباد وغيرهما، تفرض عليهم تحويل خصوصيات المستخدمين الصينيين الى خوادم داخل الصين مقابل بيع تلك المنتجات بالصين! وتمنع منعا مليا أن تتحول خصوصيات الصينيين الى الخوادم الامريكية، وماذا بشأن خصوصياتنا نحن العرب؟ أين تخزن إذن ومن يستفيد منها؟!
لا بد أن نشير أيضا إلى العملية التجارية التي تقوم بها الشركات، حيث تدفع المال لهذه المنصات لتظل منتجاتها تظهر للمستخدمين قبل غيرها والتي تستعمل المنصة مجانا أو بقيمة أقل! وهذا الأمر يجعل التفاهة والاخبار الزائفة تأخذ الصدارة.
وكما تساهم هذه المنصات في نشر التفاهة والاخبار الزائفة، هي أيضا تساعدنا في معرفة الصور أو الفيديوهات المفبركة، بل حتى الأخبار الزائفة، ولكن كوننا لا نملك مهارات التعرف على ذلك، فإننا نقبل ونصدق كل ما يطرح أمامنا، ومن تم تتشكل لدينا وجهات نظر خاطئة حول العديد من المعارف والمعلومات.
لم نتحدث هنا عن الذكاء الاصطناعي، وما يفعله في نشر تلك الاخبار الزائفة والتفاهات، وهو ما سنعود اليه بشيء من التفصيل في مقال قادم.