أي حكامة للنموذج التنموي المغربي؟
حــمــيــد الــمــعـْــطَــى
لعل مصطلح الحكامة من المصطلحات الأكثر تداولا، في الحقل التنموي خلال العقود الأخيرة في المنشورات الدعائية والحملات الانتخابية والبرامج الحكومية والمقالات الصحافية، وهو مصطلح يلخص الحل السحري لكل الاختلالات التي تشوب مؤسسات الدولة، من هدر مالي وتهرب ضريبي وغش في تنفيذ المشاريع، وتبييض للأموال وتلاعب في الصفقات، مما يفرمل عجلة التنمية ويعرقل مسيرة التقدم، بالإضافة إلى تغييب مشاركة وإدماج المكونات الاجتماعية والمجالات الترابية وإبعاد الكفاءات وتعقيد المساطر وعرقلة الاستثمارات وتوقيف الإنجازات، وتعطيل المسار التنموي وغياب المساءلة وتقديم الحساب وثغرات القضاء وتفشي ظاهرة الفساد المالي والاقتصادي والسياسي وانتشار الرشوة والإثراء غير المشروع مما يكلف الدولة ضياع نقاط عديدة في سلم التنمية ويحرم العباد من حقها في الثروة ويجعل البلاد في مؤخرة الدول بسلم التنمية البشرية.
وظهرت الحاجة إلى الحكامة الجيدة أو الحكماتية أو الحكم الرشيد أو الحوكمة، وكلها تعني معنى واحدا، ظهرت في العديد من الاقتصاديات المتقدمة والناشئة خلال العقود القليلة الماضية، خاصة في أعقاب الانهيارات الاقتصادية والأزمات المالية، التي شهدتها عدد من دول شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وروسيا في عقد التسعينات من القرن العشرين، وكذلك ما شهده الاقتصاد الأمريكي مؤخرا من انهيارات مالية ومحاسبية خلال عام 2002 ثم الأزمة المالية العالمية التي بدأت عام 2008.
وتزايدت أهمية الحوكمة، نتيجة لاتجاه كثير من دول العالم إلى التحول إلى النظم الاقتصادية الرأسمالية التي يعتمد فيها بدرجة كبيرة على الشركات الخاصة لتحقيق معدلات مرتفعة ومتواصلة من النمو الاقتصادي.
فالحكامة هي تعبير عن ممارسة السلطة السياسية و إدارتها لشؤون المجتمع و موارده. وهذا هو التعريف المعتمد من طرف أغلب المنظمات الدولية. و هو في واقع الأمر مفهوم قديم يدل بالأساس على آليات ومؤسسات تشترك في صنع القرار. ومنذ عقدين طرأ تطور على هذا المفهوم وأصبح يعني حكم تقوم به قيادات سياسية منتخبة وأطر إدارية كفأة لتحسين نوعية حياة المواطنين و تحقيق رفاهيتهم، و ذلك برضاهم و عبر مشاركتهم و دعمهم.
وأسس الحوكمة هي .-حسن تدبير المرافق العمومية وإشراك المعنيين بالخدمات التي تقدمها وجودتها–والتوافق على المشاريع والفعالية في الإنجاز وحسن التواصل والرؤية الاستراتيجية لكل ذلك منذ البداية بدراسة الجدوى إلى النهاية بتقييم النتائج بالنسبة للأهداف المسطرة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وكانت مصادر الأمم المتحدة تركز على مفهوم التمكين باعتباره احدى الركائز للتنمية البشرية المستدامة ، والتي تعني توفير الوسائل والقدرات التي تمكن الافراد من ممارسة الخيارات التي صيغت بالإرادة الحرة، والمشاركة في القرارات التي تخص حياتهم على مختلف المستويات.
وفي هذا السياق ، وفي ضوء رغبة المؤسسات الدولية في دفع الدول النامية لتبني سياسات اقتصادية وإدارية معينة لمحاربة الفساد وتحسين الأداء السياسي والاقتصادي لها من جهة، وتحسين فاعلية المساعدات الدولية المقدمة لها من جهة أخرى ، فقد تم التحول الى الاستخدام المكثف لمفهوم الحوكمة، وبشكلٍ خاص من قبل المنظمات الدولية كالبنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وغيرهما من المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية ، وذلك » لإعطاء حكم قيمي على ممارسة السلطة السياسية لإدارة شؤون المجتمع باتجاه تطويري وتنموي وتقدمي « .
فعلى سبيل المثال استخدم البنك الدولي، مصطلح الحوكمة للدلالة على الحكم الذي يركز في المقام الأول على تحسين الإدارة العامة ، وذلك في إطار التغيير الذي حدث في طبيعة دور الحكومة من جانب ، وتطور علمي السياسة والإدارة العامة من جانب آخر.
وما لبث أن حظي المفهوم باهتمام مماثل من قبل العديد من الحكومات ، والباحثين ومنظمات المجتمع المدني، على المستويين السياسي والأكاديمي، وإن اختلفت رؤية كل منهم للمفهوم ولأسباب الاهتمام به.
وهناك عدة معايير سياسية واقتصادية و اجتماعية وإدارية تشمل الدولة و مؤسساتها والإدارة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمواطنين كناشطين اجتماعيين وهي معايير قد تختلف حسب المنظمات وحسب المناطق. إن المعايير المعتمدة من طرف البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي للتنمية، تتمحور بالأساس حول تحفيز النمو الاقتصادي ولانفتاح الاقتصادي وحرية التجارة و الخوصصة.
ومعايير منظمة التعاون الاقتصادي للتنمية، تركز على دولة القانون وإدارة القطاع العام والسيطرة على الفساد وخفض النفقات العسكرية
فيما معايير البنك الدولي بالنسبة لشمال إفريقيا ترتكز على المحاسبة والاستقرار السياسي وفعالية الحكومة ونوعية تنظيم الاقتصاد و حكم القانون و المعاملة بالمساواة و المشاركة و تأمين فرص متساوية للاستفادة من الخدمات التي توفرها الدولة والتحكم في الفساد
أما معايير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي فهي :المشاركة وحكم القانون والشفافية وحسن الاستجابة والتوافق والمحاسبة و الرؤية الاستراتيجية
والمشاركة تعني حق المرأة و الرجل في الترشيح والتصويت و إبداء الرأي ديموقراطيا في البرامج والسياسات و القرارات. والمشاركة تتطلب توفر القوانين الضامنة لحرية تشكيل الجمعيات و الأحزاب و حرية التعبير و الحريات العامة و ترسيخ الشرعية.
وحكم القانون يعني أن القانون هو المرجعية و سيادته على الجميع بدون استثناء وفصل السلط واستقلالية القضاء ووضوح القوانين وشفافيتها وانسجامها في التطبيق.
أما الشفافية فتعني توفر المعلومات الدقيقة في وقتها وإفساح المجال أمام الجميع للاطلاع على المعلومات الضرورية مما يساعد في اتخاذ القرارات الصالحة و كذلك من أجل توسيع دائرة المشاركة والرقابة والمحاسبة ومن أجل التخفيف من الهذر و محاصرة الفساد
وحسن الاستجابة يعني قدرة المؤسسات والآليات على خدمة الجميع بدون استثناء
والتوافق يعني القدرة على التحكيم بين المصالح المتضاربة، من أجل الوصول إلى إجماع واسع حول المصلحة العامة.
أما المساواة فهي إعطاء الحق لجميع النساء والرجال في الحصول على الفرص المتساوية في الارتقاء الاجتماعي من أجل تحسين أوضاعهم.
والفعالية تعني توفر القدرة على تنفيذ المشاريع التي تستجيب لحاجيات المواطنين و تطلعاتهم على أساس إدارة عقلانية و راشدة للموارد.
والرؤية الاستراتيجية هي الرؤية المنطلقة من المعطيات الثقافية و الاجتماعية الهادفة إلى تحسين شؤون الناس و تنمية المجتمع و القدرات البشرية.
ويبدو أن مفهوم الحكامة تطور موازاة مع تطور مفهوم التنمية. لا سيما لما انتقل محور الاهتمام من الرأسمال البشري إلى الرأسمال الاجتماعي ثم إلى التنمية الإنسانية. وذلك عندما تبين بجلاء أن تحسين الدخل القومي لا يعني تلقائيا تحسين نوعية حياة المواطنين ومستوى عيشهم. وظهر مفهوم الحكامة بجلاء عندما أضحت التنمية مرتبطة بالتكامل بين النشاط الاجتماعي والاقتصادي و السياسي و الثقافي و البيئي و مستندة على العدالة في التوزيع و المشاركة، أي التنمية المستدامة التي بدونها لا يمكن تحويل النمو الاقتصادي إلى تنمية بشرية مستدامة. .
فالحكامة هي أسلوب جديد في التدبير يدعم تذويب الحدود وتشجيع التشارك بين المسيرين والمساهمين . ويتوخى حسن التنظيم و توزيع المسؤوليات وصقل القدرات و دعم التواصل داخليا و خارجيا
ومن أجل أن تقوم الحكامة لا مناص من تكامل عمل الدولة ومؤسساتها والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني. فلا يمكن أن نتحدث عن الحكامة دون تكريس المشاركة و المحاسبة والشفافية. ولا وجود للحكامة إلا في ظل الديموقراطية والحكامة تستوجب وجود نظام متكامل من المحاسبة و المساءلة السياسية و الإدارية للمسؤولين في وظائفهم العامة و لمؤسسات المجتمع المدني و القطاع الخاص، و القدرة على محاسبة المسؤولين عن إدارتهم للموارد العامة، و خصوصا تطبيق فصل الخاص عن العام و حماية الشأن العام من تعسف و استغلال السياسيين.
إن الحكامة اذن هي المدخل الوحيد لتبسيط التوجهات الاستراتيجية الكبرى للإدارة والتدبير، كما أنها في خضم عملية الشراكة، تهتم بعدم إقصاء أي عنصر، بمعنى استلهام كل الآراء والخبرات والطاقات والإمكانيات البشرية المتاحة سعيا قي تحقيق غايات وأهداف، كعناصر تدخل ضمن فهم الحكامة الرشيدة، وهذه الأهداف والغايات يمكن تسطيرها وإجمالها في: التنظيم الجيد، وتوزيع المسؤوليات، وكذا الكفاءة في إسناد المسؤوليات، وأخيرا دعم المؤسسات وتأهيلها وتوفير التكوين العلمي المناسب لأن ذلك يكون في صلب الحكامة أساسا.
ما أجوج بلادنا إلى حكامة رشيدة لمحاربة الفساد وتخليق الحياة العامة لأن « تكلفة الفساد بمختلف تجلياته كالرشوة و استغلال النفوذ و الاثراء غير المشروع و الاختلاس و الوساطة و المحاباة وتضارب المصالح و الغدر والابتزاز وغيرها تفوق 2 حتى 3 في المائة من الناتج الوطني الاجمالي » .وبذلك فان قضية الفساد تشكل- « افة حقيقية تضرب في الصميم المجهود التنموي وتنعكس سلبا على صورة المغرب دوليا وتؤخر تصنيفه على مستوى مؤشرات النزاهة من جهة وتسهيل الاعمال وجودة مناخ الاستثمار من جهة اخرى ». ومن ثم يتحتم » الاسراع في اطلاق التدابير العملية اللازمة للحد ومحاربة الفساد بأنواعه وأشكاله وأساليبه رغم المجهودات الني قامت بها بلادنا في سبيل تحسين نمط حكامتها ،عبر القيام بجملة من الخطوات « التصحيحية » في ٍآليات وميكانزمات تدبيرها ،ومنها الاخذ بالرؤى الاستراتيجية و الخطط الاستشرافية على مستوى اقتصادها (المخطط الاخضر الفلاحي، المخطط الازرق السياحي، برنامج التسريع الصناعي برنامج » رواج » التجاري) والقادرة على ايجاد الصيغ الممكنة لبناء صرحها التدبيري- التنموي بناءا متينا، ومن ثم بلوغ المبتغى المامول في الانخراط المحوكم في منظومة الدول الصاعدة ،فانه على الرغم من كل ذلك مازالت مجموعة من الكوابح » المزمنة » تفرمل وتتحكم في سرعة الوصول الى هذا المبتغى الاخير ومن ابرز هذه الكوابح المزمنة والمدمرة لكل طموح في بناء حكامة اقتصادية جيدة،
ـ الفساد الذي يصيب المعاملات الاقتصادية في البيع و الشراء والمبادلة في الاسواق ، حيث يسود الغش والتلاعب وعدم الوفاء بالعهود و الاخلال بالاتفاقيات و العقود .فهذا النوع من الفساد لا يرتبط فقط بالسلطة الاحتكارية وانما بانهيار منظومة الثقة و الضوابط والقواعد المتعارف عليها والحاكمة لمصداقية المعاملات و المبادلات
ـ سيادة مفاهيم الريع و الاحتكار و التركيز الاقتصادي وغياب مبادئ المنافسة الشريفة المتوازنة و الشفافية و المحاسبة ومعظم مبادئ الحكامة . ،ولان الريع مازال قويا ولم تبدا مسارات القضاء عليه، فالريعيون -يسيطرون على الاقتصاد و دواليب الدولة، كما أن قواعد اللعبة مازالت غير واضحة و لا تطبق على الجميع، رغم ان الاقتصاد الليبرالي يعني تطبيق القانون و اعتبار الجميع سواسية أمام مقتضياته، لضمان شروط المنافسة الشريفة، في حين نجد ان عددا من الفاعلين الاقتصاديين يتمتعون بالحظوة والامتيازات و الريع ولعل ابرز مظهر لذلك هو مجال الصفقات العمومية ،حيث ما فتئ الفاعلون الاقتصاديون وممثلو رجال الاعمال و كذا الرأي العام يثيرون بعض المؤاخذات التي تهم اساسا مجال تدبير الصفقات العمومية – خاصة اذا علمنا ان قيمة الصفقات العمومية بالمغرب تبلغ اكثر من مائة مليار درهم -وتتمثل في سيادة الرشوة والمحسوبية واختلاس الاموال العمومية و سوء تدبير الممتلكات العمومية وغياب الشفافية عدم المساواة بين المقاولات السلطات التقديرية الممنوحة للموظفين المسؤولين عن تدبير الطلبيات العمومية وشكلية مسطرة الدعوة للمنافسة و غياب مراقبة فعلية في مجال التدبير.
أما الاختلالات الإدارية قيمكن تلخيصها في:
– عدم تماشي التوظيف مع متطلبات المرافق العمومية، بمعنى آخر التوظيف بالعديد من المرافق العمومية يتسم بالعشوائية، إذ أن جل مباريات التوظيف تستعين بأصحاب شواهد لا يرقون لخدمة الدور الذي يجب أن تضطلع به الإدارات العمومية في عصرنا هذا.
– وجود تنظيم بيروقراطي يتسم بالهيمنة والتبعية والصراع والمنافسة السلبية. و قتل روح المبادرة والإبداع والابتكار في الموظفين بسبب النظام الهرمي المعقد.
– غياب ثقافة المسؤولية والمحاسبة، وتواطؤ المدبرين العموميين مع الخواص في تدبير المشاريع العمومية.
– وجود منتخبين أميين إلى درجة التحجر يسيرون المرافق العمومية
– تعقد الممارسة والمساطر الإدارية، الشيء الذي يساهم في نفور المواطنين من الإدارة وتجنب قدر الإمكان التعامل معها.
-الرشوة والوساطة داء مستمر في التفشي داخل الإدارات العمومية.
– عدم قدرة العديد من الموارد البشرية الموجودة بالإدارات العمومية في معالجة الملفات المستجدة، بسبب غياب التكوين المستمر، الشيء الذي يجعل المواطن ككرة تنس يجول من إدارة إلى إدارة دون جدوى.
– – مجتمع مدني مسيس وغير منسجم ولا يقوم بالدور المنوط به وفقا للقوانين الجاري بها العمل.
– وجود تكتلات من المفسدين الكبار، يدافعون عن أنفسهم كلما تطلب الأمر.
– عدم الاعتماد على آليات التدبير الحديث من قبيل: التدقيق، التخطيط، لوحات القيادة، المحاسبة التحليلية، مراقبة الفعالية والنجاعة، إلى غير ذلك من الآليات الحديثة.
– – أحزاب سياسية بأعضاء فاشلة غير قادرين على تكوين وتأطير المواطنين.
.- وجود منتخبين فاسدين إلى درجة فقد معها المواطنون ثقتهم فيهم بشكل نهائي
تطور مؤشر إدراك الفساد في المغرب منذ تسلم حكومة ما بعد دستور 2011 السلطة
السنة 2012 2013 2014 2015 2016 2017
المؤشر 36 37 39 36 37 40
الترتيب العالمي 88 91 88 88 90 81
المصدر: تقارير ترانسبارانسي الدولية
كشف المقياس العالمي للفساد الخاص بإفريقيا، في نسخته العاشرة لسنة 2019، أن 53 في المائة من المغاربة يعتقدون أن مستوى الرشوة ارتفع خلال الاثني عشر شهراً الماضية.
وأوردت معطيات التقرير، الذي أنجزته منظمة الشفافية الدولية ترانسبرانسي بشراكة مع منظمة « أفروبارومتر »، أن 31 في المائة من المغاربة الذين ولجوا الخدمات العمومية أدوا رشوة مقابل ذلك في الفترة الماضية.
ولا يؤمن أغلب المغاربة المستجوبين ضمن هذا المسح أن حكومة العثماني تقوم بعمل جيد لمحاربة الرشوة، وذلك يتجلى في اعتقاد 74 في المائة منهم أنها تقوم بعمل سيء لمواجهة الظاهرة.
ويصل معدل الرشوة بشكل عام في المغرب، حسب التقرير، إلى 31 في المائة، مقابل 48 في المائة سنة 2015، وفي المدارس العمومية تصل النسبة إلى 6 في المائة، أما النسبة الأكبر فتسجل في المصحات والمراكز الاستشفائية العمومية بـ32 في المائة، والشرطة بـ31 في المائة.
أما فيما يخص تصور المغاربة للمسؤولين، فإن 41 في المائة منهم يعتقدون أن أعضاء البرلمان مرتشون وفاسدون، وتصل هذه النسبة إلى 39 في المائة بالنسبة إلى رئيس الحكومة، و37 في المائة بالنسبة إلى أعضاء الحكومة، و24 في المائة بالنسبة إلى الشرطة، و26 في المائة بالنسبة إلى القضاة، و11 في المائة بالنسبة إلى رجال الدين وهي أدنى نسبة.
ويؤكد التقرير أن الرشوة تؤثر بشكل مختلف على الفئات، بحيث يدفع الناس الأكثر فقراً رشاوى تضاعف ما يدفعه الأغنياء، كما أن الشباب يضطرون لدفع رشاوى أكثر من الذين تزيد أعمارهم عن 55 عاماً.
ورغم استماتة السيد العثماني رئيس الحكومة يوم الثلاثاء 21/1/2020أمام مجلس المستشارين خلال الجلسة الشهرية للأسئلة الشفوية حول الفساد في الدفاع عن سياسة الحكومة ومجهوداتها في مكافحة الفساد إلى درجة تقديم أزقام متفائلة لم يذكر مصدرها عن تقدم المغرب في المجال فلم لم تمض إلا 48 ساعة حتى جاءتنا منظمة ترانسبارنسي المغرب بالخبر اليقين حيث قالت » إن المملكة تراجعت بشكل كبير في مؤشر إدراك الفساد الذي يصدر عالمياً من طرف شبكة « ترانسبرانسي الدولية ».
وقدمت الجمعية، في ندوة صحافية الخميس 23/1/2020 في الرباط، نتائج كل من مؤشر إدراك الفساد لسنة 2019، والبارومتر العام للرشوة، ومؤشر الدفاع الحكومي.
وقال أحمد البرنوصي، الكاتب العام لـ »ترانسبرانسي المغرب »، إن « المغرب تراجع في ما يتعلق بالرتبة والنقطة خلال السنة الماضية مقارنة بسنة 2018 ».
وقد كان المغرب في المرتبة 73 من أصل 180 دولة سنة 2018، وأصبح في سنة 2019 في الرتبة 80 عالمياً، ما يعني فقدانه سبع مراتب. وفيما يخص النقطة، حصل المغرب سنة 2018 على 43 من أصل 100، وفي سنة 2019 حصل على 41، أي فقد نقطتين.
ويعتمد مؤشر إدراك الفساد على 13 دراسة استقصائية مختلفة لتحديد درجة وتصنيف الدول على سلم الرشوة والعجز على مستوى الشفافية. وفي حالة المغرب، تم إجراء سبعة مسوح مختلفة خلال السنة الماضية.
وللتصدي للفساد والرشوة بكل أشكالهما تبنى المغرب الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وتمتد من 2015 لإلى2025وتشمل الإجراءات التالية:
- تحسين خدمة المواطن
- اعتماد الإدارة الإلكترونية
- الشفافية وحق الولوج إلى المعلومات
- أخلاقيات وآداب المهنة
- المراقبة والمساءلة
- تقوية المتابعة والعقاب
- الطلبيات العمومية
- نزاهة عالم الأعمال
- التواصل والتحسيس
- التربية والتكوين ويأتي الحديث عن الحكامة في المغرب من خلال دستور 2011 بعد الاحتجاجات التي عرفها الشارع المغربي في ما سمي بأحداث 20 فبراير، واعتبر هذا الحدث بغض النظر عن الجهات أو الفئة التي أخدت الريادة فيه، كاشفا عن سوء تدبير لقطاعات الدولة، في سياق مركزية مجحفة كرست الحيف والتهميش على مناطق معينة بالمغرب وخاصة تلك البعيدة عن المركز، وبالتالي جاء دستور المملكة لتدارك الأمر وخصص لموضوع الحكامة الجيدة ، بابا كاملا وهو الباب الثاني عشر الذي يتكون من 17 فصال من الفصل 154 الى الفصل 171،
وذلك بنصه على مجموعة من المقتضيات الهامة وتقنينه لمجموعة من المؤسسات و الهيئات الهادفة الى تحقيق الحكامة الجيدة
- تعزيز آليات الحكامة الجيدة، وتخليق الحياة العامة، ومحاربة الفساد، بإحداث منظومة مؤسسية وطنية منسجمة ومتناسقة في هذا الشأن وذلك من خلال تعزيز دور المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات في مراقبة المال العام، وفي ترسيخ مبادئ الشفافية والمسؤولية والمحاسبة، وعدم الإفلات من العقاب، ودسترة مجلس المنافسة، والهيأة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة والوقاية منها.
++ تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني، والاستمرارية في أداء الخدمات.
+ خضوع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور.
+ ممارسة أعوان المرافق العمومية وظائفهم، وفقا لمبادئ احترام القانون والحياد والشفافية والنزاهة والمصلحة العامة.
+ تلقى المرافق العمومية ملاحظات مرتفقيها، واقتراحاتهم وتظلماتهم، وتؤمن تتبعها.
+تقديم المرافق العمومية الحساب عن تدبيرها للأموال العمومية، طبقا للقوانين الجاري بها العمل، وتخضع في هذا الشأن للمراقبة والتقييم.
+7 ميثاق للمرافق العمومية يحدد قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير الإدارات العمومية والجهات والجماعات الترابية والأجهزة العمومية.
+ يجب على كل شخص، منتخبا كان أو معينا، يمارس مسؤولية عمومية، أن يقدم، طبقا للكيفيات المحددة في القانون، تصريحا كتابيا بالممتلكات والأصول التي في حيازته، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، بمجرد تسلمه لمهامه، وخلال ممارستها وعند انتهائها.
+ الهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة مستقلة ; وتستفيد من دعم أجهزة الدولة ; ويمكن للقانون أن يُحدث عند الضرورة، هيئات أخرى للضبط والحكامة الجيدة.
+ + تتولى الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، على الخصوص، مهام المبادرة والتنسيق والإشراف وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد، وتلقي ونشر المعلومات في هذا المجال، والمساهمة في تخليق الحياة العامة، وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة، وثقافة المرفق العام، وقيم المواطنة المسؤولة..
في الختام نتمنى أن تترجم هاته المقررات والفصول إلى الواقع حتى ينعم مجتمعنا بالحرية والكرامة والإنصاف وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية والمجالية والتقدم والرفاهية وبعبارة واحدة ينعم بالديمقراطية الحقة.