الاخبار المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، هل تقف خلفها مؤسسات؟!( 3 )
عبد العزيز شبراط
بعد17 يوما من انطلاق الازمة الروسية الاوكرانية، انكشفت كل الأمور وتبين فعلا أن وسائل التواصل الاجتماعي تساهم بشكل كبير في التضليل، وتخدم بشكل لا مجال للشك فيه أنها تخدم جهات معينة دون أخرى، لم يشهد العالم من التضليل بقدر ما شهده خلال الازمة الروسية الاوكرانية، لا شك أن خلف كل هذا التضليل، يقف وراءه مؤسسات كبرى لها من المال ما يكفي لنشر التضليل من أجل توجيه الرأي العام، لقد عملت هذه الجهات على صنع العديد من الفيديوهات والاخبار المفبركة من أجل مصلحة الغرب بالأساس، لقد عملت هذه الجهات بكل ما لها من جهد من أجل تجييش الشعوب ضد روسيا ومحاولة جعلها خارج القانون الدولي، وشيطنتها وكأنها ضد الانسانية، فشركة ميتا مثلا التي تضم كلا من فايسبوك وانستغرام، قبل يومين أعلنت أنها ستسمح بنشر ما يحرض على الكراهية تجاه الروس، وهذا أمر مخالف للقانون الدولي، وقد أثبتت مجموعة من الجهات المختصة في كشف الاخبار الزائفة خلال هذه الحرب على ما يقارب 1180 فيديو مفبرك، ومنها ما يعود الى ما وقع بجزيرة القرم سنة 2014، مثل الفيديو الذي يظهر شخصا يتحدث من قاعة زجاجية ثم بعد قليل تنفجر القاعة، كما صورة امرأة حامل مصابة بجروح ثبت فيما بعد أنها مدونة على الانستغرام وسبق وقامت بنشر نفس الصورة بملابس مغايرة في أحداث سابقة، وهي ليست حامل حتى.
إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت آلة حربية إعلامية بامتياز، صحيح أن هذه الطريقة في نشر الأخبار الزائفة قديمة واستعملت في كل الحروب السابقة، ولكنها اليوم مع وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أكثر خطورة، لكن دعونا أولا نوضح ما هي الاخبار الزائفة:
هناك نوعان من الأخبار المزيفة:
- قصص غير صحيحة: هي قصص تمّ اختراعها عن عمدٍ وتهدف إلى جعل النّاس يصدقون شيئاً كاذباً أو حثّه على شراء منتجٍ مُعيّن أو زيارة موقع ويب معين.
- القصص التي فيها شيءٌ من الحقيقة ولكنها ليست دقيقة بنسبة 100 في المئة: على سبيل المثال، يحضر أحد السياسيين مؤتمراً، لكن إحدى الأخبار المزيفة تشير إلى أنّ هذا السياسيّ حضر هناك لانتقاد السياسة بدلاً من دعمها.
و هذا النوع من الأخبار المزيفة تكون طبعا منحازة وتهدف إلى إقناع القراء بوجهة نظر سياسية أو أيديولوجية معينة. مثل هذه القصص يمكن أن تكون أيضاً بسبب الأخطاء أو « الأساطير المتداولة ». وسأسوق هنا قصة معروفة حول الكذب:
لاحظ أربعة لصوص شيخا يسوق خروفا خلفه ليبيعه في السوق، فاتفق اللصوص أن يتفرقوا على امتداد طريق الشيخ الى السوق، وهكذا لما مر من أمام اللص الاول خاطبه قائلا يا رجل لماذا تربط هذا الكلب وتجره خلفك؟ لكن الشيخ أجابه هذا خروف ليس كلبا وانا ذاهب به الى السوق لبيعه ثم تابع سيره، ثم وجد اللص الثاني و خاطبه كما اللص الاول، فاجابه الشيخ نفس الجواب السابق، ثم وقع له نفس الامر مع اللص الثالث، ثم نفس الامر مع اللص الرابع، وهنا شك الشيخ في الخروف واعتقد أنه فعلا كلب، فتركه وراح، لينقض عليه اللصوص.
وهناك قاعدة ظهرت في الحرب العالمية الثانية وبالأخص في صفوف الجنود النازيون، حيث فطن اليها أحد قادة الجيش النازي، وهي تعتمد على صنع الأكاذيب ونشر الأخبار المزيفة حتى يتم تصديقها مع تواليها بشكل مكثف، حيث كان يقول لهم » اكذب ثم اكذب حتى تصدق انت تلك الكذبة ».
لهذا علينا نحن العرب أن نفكر جديا في وسائل تواصل تخصنا ونكون نحن من يتحكم فيها، بمعنى تكون خوادمها متواجدة بالوطن العربي،حتى تظل خصوصية مستخدميه داخل الوطن العربي وليس خارجه، كما هو الحال اليوم، حيث كل خصوصياتنا تخزنها تلك الشركات العملاقة بخواتمها المتواجدة داخل أمريكا، و في انتظار امتلاك الوطن العربي على وسائل التواصل تخصه، على الحكومات العربية توحيد جهودها لفرض ذلك على تلك الشركات العملاقة التي تقوم بذلك، وتحذو بذلك حذو الصين التي تفرض على كل الشركات الامريكية إن رغبت في بيع منتجاتها الذكية بالسوق الصينية، أن تظل كل ما تلتقطه من خصوصية على المستخدمين الصينيين أن تبقى داخل البلاد ولا تغادرها، وإلا فإن تلك الشركات لن تبيع منتجاتها الذكية بالسوق الصينية.
ونحن نعلم جيدا أن كل تلك البيانات التي تحصل عليها تلك الشركات مجانا تقدم لها خدمة كبيرة لا تقدر بثمن، كونها هي من تغذي الذكاء الاصطناعي الذي يحاربوننا به، فكل الصور لجميع الاشياء والاحياء التي نلتقطها بهواتفها تخزن في خوادم تلك الشركات وبها يتم تطوير الذكاء الصناعي. ( سنعود لموضوع الذكاء الصناعي قريبا)