اليمين الأوربي والقوة الامريكية بقناعين روسي واوكراني
علال بنور.
خلفت الازمة الروسية / الأوكرانية منذ بدايتها، تباينا في المواقف السياسية، تختلف عن المواقف السابقة للازمة الحربية، ما يهمنا هنا هو الكشف عن علاقة المواقف التي ابان عنها اليمين السياسي الأوربي اتجاه هذه الازمة، مواقف أيديولوجية موالية للرئيس الروسي فلادمير بوتين، وأخرى موالية للرئيس الاوكراني فولودمير زيلنسكي. ثم علاقة الازمة بمواقف الاتحاد الأوربي، خاصة المانيا، وموقف الولايات المتحدة الامريكية، ومن جهة أخرى موقف الصين.
كشف الازمة الروسية الاوكرانية عن اقنعة اليمين الأوربي، بمواقف متناقضة بين اطروحات ما قبل الازمة واثناءها. فتأكد أن اليمين بمختلف مواقعه الجغرافية والأيديولوجية الذي يدافع عن النهج الليبرالي، عكس الموقف الروسي المعادي لليبرالية. لذلك كيف جمع اليمين بين موقفين مختلفين؟ وهل نعتبر اليمين الأوربي في مازق مخندق وجد نفسه بين عقيدة نيوفاشستية والغزو الروسي لأوكرانيا؟
كما يجدر بنا طرح السؤال، هل ازمة روسيا/أوكرانيا ستعيد رسم خارطة أوروبا من جديد؟ وهل ستؤدي الى انعطاف جديد في تاريخ أوروبا؟
منذ بداية انطلاق الازمة، كل المهتمين توجسوا انطلاق حرب عالمية ثانية، كما نشرت وسائل الاعلام بما فيها سوشيال ميديا اخبارا، أن أوروبا والولايات المتحدة الامريكية تتهيآن، لبعث الأسلحة والمتطوعين الى الصف الاوكراني.
يعتبر الغور الروسي لأوكرانيا اول حرب تعرفها أوروبا في جغرافيتها، بعد الحرب العالمية الثانية، إذا ما استثنينا الحروب الاهلية ما بين 1991 الى 1999 التي محت الوجود اليوغسلافي في كرواتيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو وصربيا.
اظهر الاتحاد الأوربي اثناء هذه الازمة، أنه قوة سياسية اتخذت موقفا بعيدا عن الاصطدام المباشر مع روسيا، فكان البديل هو بعثه لجبهة كييف، السلاح والمتطوعين مع اغلاق المجال الجوي الأوربي امام الملاحة الروسية، كذلك تم طرد وسائل الاعلام الروسية من اوربا، مع فرض عقوبات اقتصادية، ومن تداعيات ازمة أوكرانيا لذلك، بدأت المانيا تعيد النظر في ترسانتها الحربية وقوتها الجندية واللوجستيكية. ومن هنا نقول هل اقدام المانيا على التسلح سيهدد بالعودة الى سياسة القوة العسكرية داخل أوروبا.
كانت المانيا في الزمن القريب، تعارض انضمام أوكرانيا الى حلف « الناتو » مراعاة لمواقف موسكو الأمنية، وحفاضا على شراكتها مع روسيا في مجال الطاقة، ومن جهة أخرى، كانت المانيا تدفع لضم أوكرانيا الى نادي الديمقراطيات الليبرالية والسوق الاوربية، رغبة في تحويل أوروبا الى سوق كبير لمنتوجات المانيا.
فمنذ الازمة الاقتصادية التي ضربت ايرلاندا 2008، ثم انتقلت الى الولايات المتحدة في عهد الرئيس أوباما، فضلت تخصيص ميزانياتها للصحة والتعليم والفلاحة والبحث العلمي. عوض الاهتمام بترسانتها الحربية كفاعل مهم في « الناتو » غير أنها اليوم، من الملاحظ جدا، أن الازمة الأوكرانية ستجعل المانيا تتحول الى قوة عسكرية بأوروبا. ومن تم نطرح السؤال هل الازمة الأوكرانية ستقوض العلاقات الروسية الألمانية؟ كانت علاقة المانيا بموسكو تقوم على معادلة الطاقة مقابل التكنولوجيا، حيث كانت المانيا تعتمد على الغاز الروسي، بعد أن قررت التخلي عن الطاقة النووية والفحم الحجري احتراما لاتفاقية المناخ بباريس 2015.
ومع الازمة الأوكرانية تخلت المانيا عن خط الغاز الروسي، بعدما وافقت على فرض عقوبات على روسيا، ولربما سيكون الغاز الأمريكي هو البديل. وبذلك تكون الولايات المتحدة الامريكية قد حققت خلال ازمة أوكرانيا أهدافها في أوروبا، في وضع المانيا في مواجهة روسيا لكي تتفرغ للصين، وهذه الأخيرة ستجد نفسها في مازق، إذا ما ساندت روسيا حليفها التاريخي في مواجهة الغرب، فإنها ستخاطر بعقوبات اقتصادية من طرف أمريكا وحليفتها اوربا، وبالتالي ستفقد اهم سوق اقتصادية بالقارة العجوز.
ما هو موقف دول المشرق العربي وشمال افريقيا من ازمة أوكرانيا؟ وهل بات ان دول المشرق العربي وشمال افريقيا، ستعيش ازمة غذائية، نظرا لاعتمادهم على قمح أوكرانيا وروسيا؟