الازمة الروسية الاوكرانية والمستجدات

الازمة الروسية الاوكرانية والمستجدات
شارك

عبد العزيز شبراط

azizchebrat@gmail.com

لا شك أن مؤشرات تغيير العالم من  عالم أحادي القطب ، إلى أخر متعدد الأقطاب، شاهدنا في الأيام القليلة الموالية للأسبوع الثاني من الازمة الروسية الأوكرانية، نشاطا ديبلوماسيا غير مسبوق في كل الاتجاهات، وتحركات من جوانب متعددة، منها ما يسعى لإيجاد حل للأزمة، وأخرى من أجل تحسين موقعها في الوضع الدولي لها، والاصطفاف في الصفوف الأمامية للمساهمة في قيادة هذا العالم الجديد المنتظر، بنظام عالمي جديد و متعدد الأقطاب، كما هناك مجموعة من الدول الأخرى التي تتحرك مقترحة نفسها وسيطا لحل الازمة، وهي في نفس الآن تبحث لها عن موقع قدم ثابت، ونشير هنا بالخصوص الى تركيا وإسرائيل، لاحظنا أيضا الزيارة المستعجلة التي قام بها رئيس الوزراء بوريس جونسون الى الرياض طمعا في الطاقة، لكنه عاد بخيبة أمل وجواب واحد أوحد من الامارات والسعودية، مفاده أن الدولتين ملتزمتين بقرارات أوبيك +، كما رفضت السعودية والامارات العربية المتحدة حمل سماعة الهاتف والاجابة على مكالمة واردة من البيت الأبيض، في نفس الأسبوع لاحظنا وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف يستقبل عبد الله بن زايد وزير خارجية الامارات العربية المتحدة يوم الخميس، وتجدر الإشارة إلى أن عبد الله بن زايد هو رابع وزير خارجية أجنبي يزور موسكو منذ مطلع الشهر الجاري، بعد محادثات أجراها لافروف هناك مع نظرائه التركي مولود تشاووش أوغلو يوم أمس، والإيراني حسين أمير عبد اللهيان يوم الثلاثاء، والقطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يوم الاثنين. ولا بد هنا أن نشير بالضبط الى الاختلاف الكبير والواضح بين صورتين انتشرتا بشكل سريع على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر في الأولى سيرغي لافروف يطلب من وزير خارجية قطر قياس حرارة جسمه قبل  دخول قاعة الاستقبال، وأخرى يظهر فيها سيرغي لافروف وعبد الله بن زايد بضحكات بشكل مبالغ، حتى أن بعض الملاحظين علقوا على ذلك بقولهم أن سيرغي لافروف لم يضحك هذه الضحكة منذ شهور حتى! ورأى بعض المحللين في الصورتين قراءات متباينة بين الوضع الاعتباري للإمارات العربية المتحدة ولدولة قطر في نظر الدب الروسي.

لكن ما لم يكن ينتظره الكثير، هو الزيارة المفاجئة للرئيس السوري بشار الأسد إلى دولة الامارات العربية المتحدة يوم الجمعة، حيث تم استقباله أولا من طرف محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء  وحاكم دبي، قيل أنها تتم  في إطار العلاقات الأخوية بين البلدين. ثم بعدها تم استقباله في أبوظبي من طرف محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الاماراتية، وهي أول زيارة له الى دولة عربية منذ اندلاع الازمة السورية سنة 2011 ، وأعرب ولي عهد أبوظبي عن أمنياته بأن تكون  » هذه الزيارة فاتحة خير وسلام واستقرار لسوريا الشقيقة والمنطقة جمعاء » كما أكد أن سوريا  » تعد ركيزة أساسية من ركائز الأمن العربي وأن دولة الامارات حريصة على تعزيز التعاون معها بما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق نحو الاستقرار والتنمية ».

وزير خارجية الامارات يستقبل في موسكو يوم الخميس من طرف نظيره الروسي، ويوم الجمعة يستقبل الرئيس بشار الأسد في دبي وابوظبي، وهو الامر الذي أزعج الولايات المتحدة الامريكية، حيث أعربت وزارة الخارجية الامريكية :  » نشعر بخيبة أمل وانزعاج عميقين » من هذه الزيارة، كما وصفتها بأنها  » محاولة لإضفاء الشرعية  » على الرئيس السوري.

وحسب العديد من الخبراء المتفائلين يرون في هذه الخطوة التي أقدمت عليها الإمارات بدعم من السعودية وجمهورية مصر العربية بلا شك، هي خطوة تسير في اعادة اللحمة للوطن العربي  والاهتمام بالشعب السوري لأنه في حالة استقرار الأوضاع لن يستطيع أي من إعادة الإعمار في هذا البلد العربي الشقيق قدر أموال الخليج، كما تعتبر خطوة إيجابية ستساعد على عودة سوريا إلى أحضان الجامعة العربية، وبهذا نقول أن الازمة الروسية الاوكرانية قد تساعد في تحريك الوطن العربي ليلعب مع الكبار، وله من الامكانات ما يسمح له بذلك وخصوصا على مستوى الطاقة النفطية، كما يرى هؤلاء أيضا أنه من الأفضل عودة سوريا الى حضن الوطن العربي، عوض أن يبقى بين مخالب إيران.

وإذا كانت الامارات العربية المتحدة تخطو هذه الخطوة من أجل الوطن العربي، والى جانبها السعودية وجمهورية مصر، فهناك أخرون يسعون إلى الاصطفاف الى الخلف، ويفضلون إشعال النزاعات الوهمية والمجانية، كما تفعل الجارة الشقية، إذ أنها فضلت التفكير في قيام مناورات عسكرية بجانب حدودنا، في هذا الوقت، عوض النزوح الى السلم، وهي التي تنتظر اجتماع جامعة الدول العربية على أراضيها!

بلا شك أنه بعد  الازمة الروسية الأوكرانية سنكون أمام عالم ونظام جديدين بكل المقاييس.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *