الكسكس تراث امازيغي مغربي

الكسكس تراث امازيغي مغربي
شارك

علال بنور.

إذا كانت الشعوب تختلف في ثقافاتها، فإنها تجتمع في حضارة واحدة وهي الحضارة الإنسانية، لذلك نجد حضارة شمال افريقيا لها قواسم مشتركة في الثقافة ضمن حضارة حوض البحر الأبيض المتوسط، الذي يتميز بمشترك حضاري بين ضفتيه، لكن ما ترفضه الحضارة، هو الادعاء ان مجموعة بشرية تنفرد بموضوع ثقافي عن باقي المجموعات البشرية المجاورة لها، باعتبار ان الحضارة ترفض الحدود السياسية.

فجارتنا الجزائر شعبها اخوة للمغاربة، تجمعهم حضارة وتاريخ وجغرافية واحدة، وانصافا للتاريخ، فالقول كما يروج في العديد من المقالات من كتاب جزائريين يدعون أن اكلة الكسكس جزائرية، فانه ادعاء خاطئ، لذلك فالكثير من الاثار المادية والرواية الشفاهية ودراسات علمية، تعتبر الكسكس من أقدم الاطباق الشعبية بشمال افريقيا، في عهد الممالك الامازيغية من عهد ماسيبيسا ومسيبسا مرورا بيوغرطا الى جوبا الثاني الذي وحد الممالك الامازيغية.

فأكد علماء الاثار، انه تم العثور اثناء الحفريات بالمغرب على ادلة مادية، عبارة عن اواني من الفخار تستعمل لطهي الكسكس في زمن الممالك الامازيغية، كما أكد المؤرخ الفرنسي شارل اندري جوليان في كتابه تاريخ شمال افريقيا، أن اواني طبخ الكسكس وجدت في قبور الامازيغ، وهناك إشارة أخرى وردت في نفس المرجع، كان الفلاحون يأكلون الكسكس منذ العهد الروماني، اما عند الحسن الوزان الذي عاش خلال القرن 15 م، في كتابه وصف افريقيا، نجد فيه إشارة دالة على أن (البربر) عرفوا بلبس البرنس وحلق الشعر وأكل الكسكس.

تؤكد العديد من الدراسات الاثرية، انه تم العثور على اواني الكسكس في مقابر الامازيغ على عهد الملك ماسينيسا في القرن 3 قبل الميلاد بشمال افريقيا، كما عرف الكسكس خلال القرن 13 ميلادي باسم الطعام، عند يوسف بن يحيى بن عيسى بن عبد الرحمان التادلي نسبة الى تادلة بالمغرب، المعروف بابن الزيات في كتابه التشوف الى رجال التصوف. ومن جهة أخرى اعتبرت منظمة اليونيسكو ان طبق الكسكس طبق امازيغي.

عرف الكسكس أسماء، من الكسكس والكسكسي وسيكسو والطعام، اما أدوات طهيه اختلفت عبر العصور، ففي مرحلة الممالك الامازيغية، كان الشعب الامازيغي، يعتمد في طهي الكسكس على الاواني الفخارية، بمعنى كان الصانع الامازيغي ماهرا في صناعة الفخار، والذي اخذ أسماء في البوادي المغربية كالقصعة والكدرة من الفخار، والمغرفة التي كانت تصنع من اغصان شجر الزيتون الذي كان غراسة امازيغية.

ومن الأدوات المستعملة في تهيئ وجبة الكسكس، القصعة والغربال والكسكاس وانية يطبخ فيها المرق والخضر واللحم مع التوابل، والرحى اليدوية وهي آلة طحن الحبوب تحرك باليد بعصا مثبتة في الجزء العلوي لتدوير الرحى، والتي كان يستعملها الامازيغ، كل هذه الأدوات من الموروث الامازيغي، ولا زال استعمالها للكسكس الى اليوم، بالبوادي المغربية.

اختلفت شعوب شمال افريقيا في طهي الكسكس بطرق مختلفة. حسب عدة مكونات منها الثقافية والجغرافية بين السهول والجبال، الشيء الذي جعله مرآة حضارية، تعكس خصائص شعوب المنطقة، فالموضوع هو واحد ولكن يختلف في طريقة تهيئه، وبذلك يعتبر اكلة البحر الأبيض المتوسط بامتياز. اختلفت طريقة تهيئه عبر التاريخ، منذ ما قبل الميلاد في عهد الممالك الامازيغية الى العصر الوسيط، فهو خاصية انسان شمال افريقيا، وتؤكد بعض المصادر التاريخية، انه انتقل الى الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، فعرف عند سكان جزيرة صقلية التي كانت تحت حكم دولة الاغالبة، ومن تم انتقل الى ايطاليا. ثم انتقل من المغرب الى الاندلس بحكم المجاورة، كما انتقل مع الحملات الاستعمارية الاسبانية والبرتغالية، التي كانت تحتل السواحل المغربية ما بين القرنين 15 و16 م، من المغرب الى أمريكا اللاثينة.

ارتبط طهي الكسكس بمناسبات، كفترة الحصاد وجني الزيتون والاعياد الدينية والافراح، كما يعد عشاء الميت، ويهيئ يوم الجمعة للأكل بعد الصلاة. كما يعبر عن الاحتفاء والكرم. يؤكل بشكل جماعي في ايناء القصعة وينتهي اكله بتوزيع اللحم بشكل عادل.

في المغرب يأخذ أسماء، الكسكس والطعام وكسكسو وسكسو، ويعبر عن الغنى والفقر والتنوع الزراعي، يستخرج من القمح والشعير والذرة الى جانب تنوع الخضر والعنب المجفف مع البصل واللحم التي ترافقه. غير أن طرقية تحضيره بهذه المواد تختلف حسب المناطق الجغرافية.

تحول موضوع الكسكس الى واجهة سياسية بين الجزائر والمغربي، ادعت الجزائر حق الملكية التاريخية لأكل الكسكس، وانه من تاريخها، وهو ادعاء مغلوط من الأساس، باعتباره من الاكلات الامازيغية بالمغرب.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *