شتات الأندلس

شتات الأندلس
شارك

تأملات في كتاب، علال بنور

 يعتب مؤلف الاندلس : تاريخ الشتات غني بالمعلومات والاحداث التاريخية في شكل حكايات ،اكيد ان صاحب المؤلف الأستاذ محمد الرزاز اخذ منه  هذا العمل وقتا وجهدا ، في جمع المادة ،فالكتاب  من منشورات الربيع العربي بالقاهرة الطبعة الأولى سنة 2017  يتكون المؤلف من 190 صفحة ،ويشتغل صاحب المؤلف أستاذا بجامعة كاتالونيا بمدينة برشلونة الاسبانية ،ولا غرابة ان الأستاذ كان قريبا من لغة موضوع بحثه ، يؤرخ هذا المؤلف لذاكرة الشتات ،من خلال مجموعة من القصص التي تناولت الاندلسيين المهجرين  ، يبحث في الوضع  الاجتماعي سكان الاندلس بعد سقوط غرناطة سنة 1492 م، كما يتناول المؤلف ،المدن المغربية التي استقر فيها الموريسكيين الفارين  من محاكم التفتيش بعد سقوط غرناطة . بقي المسلمون محاصرون الى حدود القرن 17، ويكشف معنى  » موريسكوس  » بصيغة الجمع في اللغة الاسبانية ،مشتقة من كلمة  » مورو  moro   » ،هم المسلمون الذين بقوا في الاندلس تحت الحكم  المسيحي بعد سقوط اخر امارة بغرناطة ،فاجبروهم على التمسح ،فأغلبتهم اعتنقوا المسيحية ظاهريا خوف من بطش الدولة المسيحية ،فبذأت حملات التفتيش والطرد الجماعي الى المغرب والجزائر وتونس ، كما رصد المؤلف ،النهضة الثقافية الشاهدة عن  ازدهار المرحلة ، التي مثلها كل من أبو القاسم الزهراوي وعباس بن فرناس وابن البيطار وابن زيدون وابن باجة وابن الخطيب وابن رشد  وابن طفيل….ومحي الدين بن عربي ،فشكلت نهاية سقوط غرناطة ،بداية المحنة التي دامت الى القرن 17 م .فطرحت أسئلة تاريخية عند طرد الاسبان الموريسكيين،  من هي المدن التي استقبلتهم في المغرب وتونس ؟ هل اندمجوا في المجتمعات الجديدة، وكم استغرق ذلك من الوقت؟ في أوائل القرن 17 وبأمر من الكنيسة الاسبانية، أعطت اختيار من اختيارين، اما الرحيل او الإغراق في البحر. فكثُرت الحكايات عن موريسكيين باعوا ما استطاعوا بيعه، ودفعوا كل شيء لبحَّارة بغرض ‏الهروب من جحيم محاكم التفتيش واضطهاد الملوك المسيحيين.

وفي معرض حديثة، يؤكد صاحب المؤلف أن ملوك وملكات قشتالة وليون، خرقوا المعاهدات التي كانوا قد وقعوها مع المسلمين، فضيقوا عليهم وأجبروهم على التخلي ‏عن لغتهم وتقاليدهم ومقدساتهم وثقافتهم بأكملها، إلى أن أصدر الملك فيليب الثالث، مرسوم الإقصاء النهائي والذي تم ‏بموجبه طرد الموريسكيين بين عامي 1609 و1614.

كان هذا الإقصاء بداية النهاية للوجود الإسلامي في أسبانيا، كما أنه ‏شكل بداية انطلاق الشتات الأندلسي في حوض البحر المتوسط، وهناك بعض المؤرخين، يحددون مجال استقرارهم ببعض مدن المغرب والجزائر وتونس، وبل هناك من ذهب الى ابعد من ذلك، حيث يؤكدون ان المورسكيون وصلوا الى مصر وتركيا وتنبو كتو بمالي.

كان للموريسكيين اثارا ثقافية في المدن التي استقروا فيها، على مستوى الابداع بكل الوانه،‏ حيث أعطت للمدن ثقافة تميزت بها، مثل تطوان والشاون واصيلا وسلا بالمغرب، وتلمسان بالجزائر، وغيرها من المدن، كما يستعرض الكتاب المآسي التي عانى منها ‏الموريسكيون خلال أكثر من قرن من الزمان، قبل إقصائهم نهائياً من وطنهم في أسبانيا. وفي المدن المستقبلة بشمال افريقيا.

فعلى الرغم من النهضة التي عرفتها المدن الاندلسية، كطليطلة واشبيلية وسرقسطة وقرطبة وغرناطة، فان تاريخ الأندلس لا يخلو من فترات من التدهور، وهو ما يتناوله الكتاب في معرض حديثه عن الدورة الحلزونية، عند المؤرخ توينبي، من عوامل الازدهار الى الضعف ثم السقوط مع بداية الانقسام والتشرذم السياسي، مروراً بانصراف الحكام عن تدبير شؤون الدولة، وإهمالهم لدعائم النهضة منذ تولي عبد الرحمن الأول المعروف بالداخل في تأسيس امارة بالأندلس. كما يتناول هذا المؤلف الامتداد الجغرافي للموريسكيين، حيث وصلوا الى مدينة تنبو كتو بمالي، كام اقتفى الكتاب أثر بعض من المثقفين الذين رحلوا الى بلاد المشرق العربي، قبل سقوط الاندلس، من أمثال الزجال أبو الحسن الششتري والمتصوف محيي الدين بن عربي والفقيه أبو بكر الطرطوشي وأبو العباس المرسي من أصول مدينة مورسيا.

. عانى الموريسكيون الظلم، الذي لحقهم من الاسبان، حيث وجهت إليهم تهم فساد العقيدة المسيحية، على الرغم من تمسحهم. كما اتهموا بالتآمر مع الاتراك ضد اسبانيا، كذلك عانوا من التعصب الديني والثقافي والرغبة في مصادرة ممتلكاتهم لصالح خزانة الدولة الاسبانية. يوكد المؤلف ،ان اسبانيا  طردت يد عاملة  ماهرة  كان لها دور في ازدهار الاقتصاد الأسباني ، و في مستوى اخر يؤكد المؤلف ،ان الموريسكيين  عاشوا ولمدة طويلة بمدن شمال افريقيا ،الاقصاء والتهميش .مثل ما عنوه في اسبانيا ، باعتبار نطقهم العربية بشكل غير مفهوم،  وتبرج نسائهم وقبولهم للتنصر في إسبانيا، وعاداتهم في اللباس والاكل والاحتفالات، التي وجدها سكان مدن شمال افريقيا غريبة عن ثقافتهم .فما كان على المرسكيين الا الرهان بالتأقلم مع الواقع الجديد ،لكسب ود سكان المدن على الأقل مؤقتا ،في انتظار حلم العودة للأندلس ، وهو ما يفسر استقرار الاندلسيين بالمدن الساحلية، لكن هناك راي اخر، يعتبر سبب استقرارهم هو الانتقام من السفن التجارية والحربية المارة من السواحل.

نشط الموريسكيون في العديد من القطاعات الاقتصادية، منها الفلاحة والنسيج والعمارة، كما أدخلوا حرفاً وصناعات جديدة الى مدن الاستقرار، وتحول جزء منهم للقرصنة. وهكذا، عبر التاريخ شكل حوض البحر الأبيض المتوسط، خصوصا ضفته الجنوبية، ملجا للفارين من الاضطهاد والحروب والمجاعة.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *