رسالة الى التاريخ من مهد الدولة إلى سوس العالمة
.بقلم محمد رشيد الحاميدي. محامي بالرشيدية ورئيس لجنة المنازعات والشؤون القانونية والنوع الحقوقي بجمعية الدفاع عن حقوق الإنسان.
يأبى السيد وزير العدل بالرغم من كونه سليل سوس العالمة إلا أن يغرد خارج السرب ويضرب كبرياء المحاماة والقانون، عرض الحائط بمنطق متشنج قائم على سوء فهم قوة الدولة من خلال التشبث التعسفي بالانحراف الأكبر في قراءة مرسوم الطوارئ الصحية والتعبير الفج عن معاداة المحاماة .
و لأننا مبدئيا من داخل عرين المحاماة نؤمن الإيمان الراسخ بأن أحسن تمثيل للأمنين القانوني والقضائي لا يتم سوى باحترام مقتضيات الوثيقة الدستورية التي تشكل أسمى تعبير عن إرادة الأمة كما توافق عليها المغاربة عبر إضافة الخيار الديموقراطي ثابتا من ثوابت الدولة. فإن قبول إجبارية التلقيح رغم اختياريته المبدئية وفق منطوق قانون الطوارئ يشكل انحرافا خطيرا يمس بثابت من ثوابت الدولة ويخدش الدستور ويخرق كل المواد الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ورغم كل الديناميات الرافضة بالعقل والحجة لمضمون الدورية الثلاثية التي سماها الكثير من الزميلات والزملاء بالعدوان الثلاثي، إلا أن وزير العدل يواصل ممارسة الديماغوجيا البيروقراطية من داخل قبة البرلمان التي تحتكر سلطة التشريع ليخاطب ممثلي الأمة بسوء تأويل لقوة الدولة وباستفزاز منحرف لكل ممارسي مهنة المحاماة ليرفع السقف أمام الصحافة بمنطق يفتقد للحد الأدنى من اللباقة والتواصل، وبمفهوم المخالفة أكد أن الأمر يتعلق بزعزعة الأمن العام وهو ما حقق تأويلا استبداديا لجواز التلقيح الذي بوأه وزيرنا مكانة اكبر من ثوابت الشعب .
ترى هل يعتبر وزير العدل دون علمنا التلقيح ثابتا من ثوابت الأمة ودون علم نساء ورجال المحاماة الذين تناط بهم مهام حماية القانون، حتى أصبحت مناقشة وضعية الجواز تهديدا للدولة كما ذهب الابن العاق للمهنة العصماء .
أم ترى أن وزير العدل يرفض بشكل ما، ما حصل من استقلالية للسلطة القضائية لدرجة تجعله يحشر أنفه في كل تفاصيل مهنة النبلاء التي علمت السيد الوزير معنى الممانعة حتى انقلب جحودا على مبادئ المهنة ولسان حالنا يقول له » علمته الرماية فلما اشتد ساعده رماني » .
أم ترى أن إرضاخ المحاماة لقبول شروط اللعبة وفق شروط التعسف والإكراه غاية في نفس يعقوب ؟ ومن يكون يعقوب هذا يا سيادة الوزير ؟
أم ترى أن الدورية تروم ممارسة الانزياح الأكبر استعدادا لممارسة الأبشع على درب الخروقات التي تسيء إلى التراكم الحاصل بفضل القيادة الحكيمة لراعي الديموقراطية و حقوق الإنسان.
و يبدو لنا أن منحى الفهم لدى وزير عدلنا لا يزال حبيس زمن ولّى في رزنامة الدولة التي نجحت في طي صفحة الجمر والرصاص بفضل قناعة الملك وتوافق القوى الديموقراطية الحية التي خلفت الكثير من آداب السجون وانتصرت لمغرب العهد الجديد قبل أن ينجح أصحاب الضجيج في فتح أفواههم التي ظلت مغلقة عندما كان المحامون يصدحون لصالح قيم الحق و القانون والعدل والإنصاف .
السيد الوزير إن المحاميات والمحامين روح واحدة تهمس في أذنك أن حماة القانون لا يمكن أن يتواطؤوا مهما يكن في خرقه بمنطق » حاميها حراميها » حتى ينعتوا بالحكماء على مقاس الردة الرعناء كما تبتغيها. لذلك لا ريب أن الشموخ سيكون العنوان العريض للمرحلة عند كل الموالين للحق من داخل عرين المحاماة لصالح صون الدستور وحماية الحقوق ودحض التسلط الذي تكرسه توتاليتاريا السلطة التنفيذية التي زاغت عن الحق وتسببت في بلقنة مناخ التداول الديموقراطي السلس لصالح مغرب الأمنين القانوني والحقوقي. وللتاريخ والأمانة فالمحامون ليسوا ضد القانون ولا يمارسون أدنى استعلاء كما قد يدعي وزير العدل، بالأحرى كان المحامون سباقين إلى الانخراط الجاد في الوقوف ضد القوة القاهرة فساهموا ماديا ومعنويا ودعموا كل مجهودات الدولة لصالح النظام العام من دون حاجة لجزاء ولا شكر، ولذلك فهم إلى الآن مع القانون دون أدنى تردد، لكنهم ضد خرقه باسم الأمن الصحي، مع العلم انكم أقررتم في تصريحكم معالي الوزير بأن ثمانين في المائة او اكثر من المحامين ملقحين على خلاف مجموعة من القطاعات. فما الغاية اذن من خلق كل هذه الضجة التي اريد لها أن توقف مرفقا حيويا هو ملاذ للحق والقانون. نذكركم يا وزير العدل أن الذدوق الارستقراطي المرلبوري رئيس وزراء المملكة المتحدة تشرشل صرح في قلب الحرب العالمية الثانية أن الانهزام في الحرب أهون بالنسبة لبريطانيا من خرق القانون وهو يتساءل عن حال القضاء، وهكذا الشعوب التي تحترم نفسها تنتصر للأمن القانوني والقضائي، ولا تحرق القانون تحت أية ذريعة كما يذهب هواة التعسف باسم حماية الحق في الصحة. وعليه بصوت مرتفع لا يمكن قبول اي بوليمك مع نساء ورجال المحاماة باسم الصحة العامة. ونعتقد أن حماية روح القانون وصون قدسية الدستور فوق كل التأويلات المنحرفة لصالح رعونة السلطة التنفيذية .
وختاما ما ينبئكم مثل تاريخ؟. السيد الوزير، ولا جرم أن السلطة لو دامت لغيرك ما وصلت إليك وكفى بالتاريخ محكمة الأفراد؛ فأي مكان تختار بمحكمة التاريخ يا وزيز العدل ؟ش