جبهة وطنية للرد على مؤامرات النيوكولونيالية
د. محمد ياوحي أستاذ من جامعة محمد الخامس بالرباط
إسبانيا تدافع عن مصالحها عندما تساند البوليزاريو، لأن مصلحتها في مغرب ضعيف ومقسم و قابل للابتزاز اقتصاديا وسياسيا؛ عبر استثمارات مشروطة وسفن صيد تستنزف الثروة السمكية للمغرب وتخلق مئات آلاف مناصب الشغل بإسبانيا مع قيمة مضافة جد مهمة، ومن جهة أخرى ابتزاز المغرب عن طريق سبتة ومليلية اللتان تتدفق منهما ملايير الأوروهات من المواد المهربة الآسيوية الصنع، والضغط على المغرب لكي يوظف جنوده في حماية شواطئ إسبانيا (الحقوقية) من هجرة الإفريقين الذين تنهب قارتهم بطريق ممنهجة من طرف الاستعمار غير المباشر…..
إسبانيا هي من صنعت الجمهورية الوهمية، وهي من في مصلحتها (هي و دول أخرى ) استمرار وضع الصحراء غير المنطقي على حاله، وفي نفس الوقت تقمع المطالبين باستقلال إقليم كاتالونيا، كما تفعل الجزائر مع القبايل الذين أعلنوا استقلالهم عن نظام الكابرانات…..
إلى جانب إسبانيا لا تخلو مسؤولية فرنسا (الصديق ) الساكت عن الحق، والذي لحد الآن لم يفتح سفارة بالأقاليم الجنوبية للمملكة، ويتضح دون شك أنه (الصديق ) هو من يتحكم في زمام موازين القوى في جمهورية الكابرانات اللئيمة، وآخر صورة لقائد الأركان الفرنسي مع الكابران الجزائري « مطأطئ الرأس » غنية عن التأويل.
كسب المغرب نقاطا على الأرض بعد استكمال الانتشار إلى أقصى نقطة مع الجارة موريطانيا دون رد فعل من المنتظم الدولي، وتقاطر سفارات دولية بأقاليم الصحراء المغربية، وتدشين مشاريع عملاقة ستقلب موازين القوى الاقتصادية الدولية مع دخول فاعلين جدد من قوى عظمى على رأسهم أمريكا وانتظار التحاق بريطانيا العظمى، مع الدور الكبير الذي تلعبه إسرائيل في دعم القضية الوطنية و مصالح المملكة دون مواربة…..
كل هذه الأمور تستفز مصالح إسبانيا وفرنسا و ألمانيا التي لن تقبل بتقاسم الكعكة الإفريقية من طرف منافسين اقتصاديين(غير كلاسيكيين) في إفريقيا.
على الدبلوماسية المغربية وضع أولويات لتجنب إهدار الوقت و الجهد للرد على محاولات التشويش على مشاريع المملكة الكبرى؛ التي لن تجد طريقا مفروشا بالورود من طرف من كان يستفيد من الوضع السابق، و لا ننسى ما تعرضت له المملكة من مضايقات إبان « الفتح الاقتصادي الإفريقي » الذي دشنه جلالة الملك في قومة ثورية لوضع الأسس لتعاون إفريقي – إفريقي؛ أساسه المصلحة المشتركة والتبادل المتكافئ وتقسيم دولي للعمل، يراعي مصلحة الشعوب الإفريقية الشقيقة المستغلة بشكل مزري من طرف النيوكولونيالية العالمية.
ملف المهاجر السري (الحرراااك) ابن بطوش عرى عن شعارات إسبانيا والجزائر في احترام القانون والعدالة ومعاكسة الشرعية الدولية والقانون الدولي، وعلى الديبلوماسية المغربية حفظ الملف ووضع النقطة، والتركيز على استقطاب شركاء جدد من الوزن الثقيل إلى الأقاليم الجنوبية؛ من طينة الصين وروسيا وكوريا والهند وكل من يريد تنمية مصالحه المشروعة في منطقة ستصبح ملتقى للرساميل والتكنولوجيا والثقافات، وبوابة كبرى للقارة السمراء، الغنية بمواردها الطبيعية و الطاقية و البشرية.
نجاح عملية التفاوض مع الدول العظمى رهين بانخراط جلالة الملك في قيادة هذه العملية الدبلوماسية الكبرى، لما تحظى به المؤسسة الملكية من تقدير واحترام ومصداقية لدى زعماء العالم، مما سيسهل انخراط الحكومات في هذا المسلسل التنموي الذي لا يمكن وقف زحفه الطبيعي، باستخدام أسطوانات مشروخة تجاوزها تاريخ الأمم، من قبيل تقرير المصير أو تقسيم الدول و تفتيتها.
الوضع الحالي يتطلب استنفار وطنية المغاربة واصطفافهم في خنادق الدفاع عن المصالح العليا للوطن، عن طريق التعبئة والانخراط اللامشروط في خطوات الدولة المغربية وملك البلاد دفاعا عن المكتسبات و ذودا عن الثغور.
لا بد من تدشين حملة وطنية في جميع وسائط التواصل الاجتماعي والسياسي والمدني والبرلماني والإعلامي، من مغاربة الداخل والخارج لشرح القضية الوطنية للرأي العام الدولي، وتشكيل جبهة وطنية تضغط على الحكومات التي تحن إلى زمن الفرانكاوية والنازية وتريد إخضاع الشعوب والدول التواقة إلى تحسين ظروف عيش شعوبها، عن طريق المؤامرات والدسائس المكشوفة، في تناقض صارخ مع شعارات الديمقراطية واحترام العدالة ومصالح الشعوب؛ التي تتدثر بها هذه الأنظمة المنافقة.