موضة وحمى التصنيفات ورهائن المؤشرات وتصنيف شنغهاي للجامعات 2022
بقلم محمد عموري،أستاذ جامعي ومحلل اقتصادي
اليوم سأتطرق لموضوع تصنيفات الجامعات عبر العالم، حسب المؤشرات المعتمدة من طرف مجموعة من الهيئات الدولية المستقلة أو شبه المستقلة في غالب الأحيان.
ففي عالمنا اليوم، أصبحت عملية التصنيفات موضة في جميع الميادين من الطبخ إلى عالم الأزياء والرياضة وفي مجالات أخرى لا يتم حصرها، وأصبحت نتائج تصنيفات الاشخاص والمؤسسات تثير كثيرا من المداد في زمننا اليوم، وغدت في بعض الأحيان كالأصنام، يعبدونها الناس كاللات والعزى دون الرجوع إلى خلفيات التصنيف Back Ground des classements، على مستوى المؤشرات وظروف التصنيف texte et le contexte، والقيمة المضافة لهذه التصنيفات ومصداقيتها، وكذلك دون الغوص في خصوصية المؤشرات المعتمدة (intimité des indicateurs).
فعندما نجد الجامعات المغربية خارج التصنيف أو في مراتب متأخرة هل هذا يدل على ضعف أداء منظومتنا التعليمية؟
ودائما التصنيفات يقوم بها الاقوياء الذين هم دائما في القمة والآخرون يتبادلون المراتب الاخيرة، فلا تنتظر بين عشية وضحاها أو من سنة إلى أخرى أن ترتقي جامعة تحتل الرتب الأخيرة إلى رتب أعلى بجانب الهارفارد HARVARD أو كمبريدج KOMBRIDGE.
فتصنيف مؤسسات الدول ومنها الجامعية ماهي الا انعكاس لبنيات اقتصادية واجتماعية وسياسية في مجال جغرافي معين تراكمت عبر الزمن لكل دولة على حدى، وبالتالي يصبح أي تصنيف عبارة عن مقارنة اللامقارن comparer l’incomparable، وعندما نتفحص تصنيف شنغهاي وحسب مؤشراته المعتمدة (عدد المنشورات العلمية, عدد الجوائز المحصل عليها……) السؤال الذي يطرح نفسه هل هذا التصنيف انعكاس حقيقي ومرآة لتصنيف هذه الدول على المستوى الاقتصادي والرفاهية الَاجتماعية والتقدم التكنولوجي وحصة السوق في العالم وعدد الابتكارات Brevets في الميدان الطبي والتكنولوجي، اذا قمنا بمقارنته مع تصنيفات تقارير أخرى. لذلك تبقى هذه التصنيفات للاستئناس وليس للتيئيس.
هناك دول تحتل مراتب بالنسبة لجامعاتها حسب مؤشرات شنغهاي لا تطابق ترتيبها في عدد الابتكارات، حسب التقارير المتوفرة عن ابتكارات الدول لسنة 2022.
ولا دور لأي بحث علمي خاصة في العلوم الحقة sciences exactes اذا لم يتم تحويله إلى ابتكار وبالتالي الى براءة اختراع، وفي غالب الاحيان تبقى المنشورات العلمية في غالبيتها منشورات اخبارية وتذكيرية لأعمال تطبيقية سابقة.
والآن نتكلم عن conversion rate أي نسبة تحول اي بحث علمي إلى ابتكار له قيمة عملية ووظيفة جديدة وقيمة في السوق. فاليوم في عالم الرقمنة Digitalisation والرخاء المعلوماتي, حيث أصبح العالم عبارة عن قرية صغيرةillage planétaire ، وإلى جانب توفير العوامل التحفيزية للبحث العلمي من طرف الدولة، وذلك من قوانين المواكبة وميزانية وشروط العمل ملائمة، وعدم ربط الإنتاج العلمي بتحسين الحالة الادارية أو الترقي في السلم الاداري، يجب في المقابل على كل باحث وطالب وأستاذ في جميع العلوم أن :
يشتغل لنفسه، وعلى تطوير علامته العلمية ،الشخصية والرقمية Brand scientifique et digital، بالإنتاج والتميز في اختصاصه خارج فكر الأسوار وأن تكون له منهجية للتطوير الذاتي وإلا سيتم تجاوزه.
وأن يطور قدراته اللغوية من قراءة ومحادثة وكتابة ونطق، خاصة منها اللغة الإنجليزية حيث أن جميع البحوث تنشر باللغة الإنجليزية في مجلات علمية وتصدر باللغة الإنجليزية.
ويمدد اختصاصه الى الجانب التطبيقي والمهني النابع من خصوصية واحتياجات تطوير البنيات الاقتصادية والاجتماعية الموجودة ¨professionnaliser la spécialité.
ولا ننسى أن ابن خلدون في كتابه المقدمة صنف التدريس والأستاذية في باب الصنائع، لأنها صناعة الافكار في منظومة وبنية فعلية وتفاعلية .