إلى أين تمضي صناعة الفقر في العالم؟
بقلم : عبدالحق الفكاك .
يتابع فقراء العالم ، كيف أنه بالرغم من تداعيات كورونا، تصرف مئات الآلاف من الدولارات في افتتاح تظاهرات رياضية بالعديد من بلدان العالم .. إذ يتعجب الفقراء من هذا السخاء المفرط، و لسان حالهم يقول كيف لهذا أن يقع و نحن نعيش حفاة عراة خاصة في البلدان الأكثر تضررا من تداعيات كوفيد 19 !
و الحقيقة أن مثل هذا السلوك ظل يتكرر في أكتر من مناسبة، وفي العديد من الدول حتى داخل البلدان الاكثر فقرا، كان فقراءها يشكلون أكثر من نصف السكان .
يقال أن بعض البلدان كإسبانيا مثلا استفادت من تنظيمها لتظاهرة كأس العالم و الذي ما أن احتضنته حتى انتقلت من حال إلى حال.. وقد يكون هذا حظ الدول المنظمة لكذا تظاهرات … وذلك قولهم بأفواههم .
و الواقع أن عدد الفقراء يشهد تزايدا يوما بعد يوم، رغم التقدم الذي أحرزته البشرية في شتى المجالات، ورغم جني البعض من الدول المصنعة للكثير من خيرات هذ الكوكب التي يؤكد خبراء الاقتصاد على أنها كافية لتقديم الرفاهية للستة مليارات من البشر الذين يعيشون فوق الأرض ..
لكن شريطة أن يتم توزيع هذه الثروات على الناس بالحد الأدنى من العدالة الاقتصادية .وفي هذا السياق تقول الأرقام بأن ثروة ثلاثة من أغنى أغنياء العالم تقدر بما يعادل الناتج المحلي لأكثر من 48 دولة فقيرة، كما أن ثروة 200 من أغنى أغنياء العالم تتجاوز نسبتها دخل 41% من سكان العالم مجتمعين .
و تخبرنا الأرقام أيضا بأنه يعيش فوق كوكب الأرض قرابة 7 مليارات من البشر يبلغ عدد سكان الدول النامية منها 4.3 مليارات، وعيش منها ما يقارب 3 مليارات تحت خط الفقر .
و تتحمل الدول المتقدمة أو الدول الأغنى الجزء الأكبر من تلك المسؤولية في ما لحق الكثير من الدول من فقر وحرمان بسبب إخضاع هذه الدول لأحكام الشركات الكبرى والمنظمات الاقتصادية الدولية والتي حولت شعوبا كانت في الأصل غنية إلى حالة من الفقر الشديد .
و طبعا إن الكثير من البشر يعانون من وقع العقوبات الاقتصادية المفروضة على بلدانهم إضافة إلى معاناة الناس جراء الحروب التي فرضت عليهم..دون أن نغفل طبعا التغييرات الجذرية التي عرفها المناخ و الذي تتحمل الدول الصناعية فيه المسؤولية الكبرى .
و دون احتساب وفيات كورونا، فإنه في الوقت الذي يموت أزيد من 35 ألف طفل يوميا بسبب الجوع والمرض، بينما يقضي خمس سكان البلدان النامية بقية اليوم وهم يتضورون جوعا، فإننا نسجل أن تسعة من البلدان الغنية في العالم تنفق ملايين من الدولارات على غذاء القطط والكلاب في ستة أيام فقط.
و أمام هذه التناقضات الصارخة بين أكثرية فقيرة وأقلية غنية وما يعرفه المجتمع الدولي من وضع مزري بسبب أزمة كورونا وما تشهده هذه الدول من موت يكاد يقضي على الجميع، فإننا نلاحظ أن دولا أخرى استغلت الوضع وصارت تعيش وضعا ماليا محترما مما جعلها تنعم بالرخاء والسعادة إلى درجة أصبح معها العالم اليوم عبارة عن جزر من أغنياء تحيط بها بحارا من الفقراء .
وما لم تسارع تلك الدول المصنعة إلى السعي الجدي لإيجاد حلول واقعية لمشكلة، الفقر في العالم فإنها ستجد نفسها قريبا عاجزة عن حماية جزيرتها المتخمة بالخيرات من الأمواج العاتية المتدفقة من بحار الفقر المحيطة بها .. !