العمق الفكري والسياسي، لنواصل الطريق
فؤاد الجعيدي
ما معنى الحزب من منظور الاشتراكية العلمية، إنه الإطار المادي الذي يعمل على نشر ثقافة الوعي في صفوف الجماهير وعلى رأسها الطبقة العاملة باعتبارها طبقة متجانسة، ولا تمتلك سوى قوة عملها إزاء من يمتلكون الأرض ووسائل الانتاج والأموال..
ورهان نشر الوعي في صفوف العمال، يقتضي تنظيمه تحت لواء قيادة تعلم العمال كيفية النضال الديمقراطي لانتزاع المكاسب والحفاظ عليها..
وفي وقت مبكر عمل الحزب الشيوعي المغربي وبعده التحرر والاشتراكية والتقدم والاشتراكية على نهج هذا الخيار.
وبالعودة إلى نشر الوعي في صفوف مناضليه، كان الحزب يتوفر على مدرسة للتكوين الإيديولوجي والسياسي، وهي وحدات تكوينية كان يشرف عليها الرفيق ليفي شمعون، وتتضمن وحدات تكوينية، تبتدئ بتعريف الحزب والطبقات الاجتماعية المتصارعة والايديولوجية العلمية، وغيرها من الوحدات التي كانت تشكل المفتاح للمناضلين لامتلاك الرؤية وأدوات التحليل للتعاطي من الظواهر الاجتماعية في بعدها التاريخي وما يحكمها من قوانين الجدل.
وإلى جانب ذلك، كانت الخلايا الحزبية، تعرف لقاءات أسبوعية وفيها يتم التعريف بتراث المقاومة والتنظيمات السرية كالهلال الأسود التي دأب على التعريف بها الراحل عبد الله العياشي، والتنظير للتراث الإسلامي مع الراحل عبد السلام بورقية، في حين كان الرحل عبد المجيد الذويب يشكل المربي في التعاطي مع القضايا العمالية من منظور الاتحاد المغربي للشغل الذي كان أحد قادته على رأس الجامعة الوطنية للتعليم والتي قادت إضرابات بطولية لم تنفع معها المساومات التي دخل بها الجنرال أوفقير على الخط وقادت إلى اعتقال وتعذيب المناضل الذويب.
كان التقدم والاشتراكية يضم نخبا من المفكرين، التفوا حوال الشهيد عزيز بلال الذي شكل مدرسة مغربية في ربط المعرفة بالنضال والكفاح الاجتماعي.
وقد لعبت إلى جانب هذا الزخم الفكري والنضالي، مجلة المبادئ دورها في التعريف بقضايا السلم بين الشعوب وكفاحات الأحزاب الشيوعية العربية، في ظل ظروف الحرب الباردة. ونفس الاتجاه التنويري لعبته جرائد البيان بنسختيها العربية والفرنسية، كانتا سلاحا بيد المناضلين للتأثير في القضايا والنضالات، لكن من جانب آخر كانت تعمل على توحيد الرؤى السياسية والايديولوجية بين المناضلين، من خلال الافتتاحيات اليومية التي كان يؤمنها مناضلون كبار وكانت بعض خرجاتها يتكفل بها القائد الفذ علي يعته كلما كانت الظروف تقتضي ذلك. كما حدث في حرب الخليج أو حين زيارة شمعون بيريز للمغرب.
لم يكن الحزب من الناحية العددية، كبيرا، لكنه كان صائبا في تحاليله ومقاربته للأوضاع الوطنية والدولية ولا سيما قضية الوحدة الترابية التي جعلها يعته من أولوية الأولويات باعتباره حزبا وطنيا لا يساوم كما فعل آخرون.
كما كان يقول المناضل الراحل المحجوب بن الصديق ( كمشة نحل ولا شواري ذبان) هكذا كان حال الحزب والذي ظل يعتبره المحجوب بن الصديق كالملح داخل النقابة.
كيف يعود الحزب إلى هذا التراث، وكيف يعود لاسترداده والابداع فيه، وفق التحولات المجتمعية الجارية، ويساهم بفاعلية في صناعة الأحداث والتأثير فيها لتحقيق الانتقالات المطلوبة في هذه الظروف التي تواجه فيها البلاد، تحديات وطنية ودولية وتستنهض قواها الذاتية للانفتاح على نماذج جديدة تتجاوز الهشاشة والخصاص.
هذا هو السؤال المطرح؟