مجالس منتخبة تلعب مسرح العبث

علال بنور

في جو مشحون وفي سباق نحو احتلال المكاتب الاريكية بالبرلمان والجماعات التربية، كشف المدونون والفايسبوكيون والجرائد الالكترونية، سابقة تاريخية بدرجة حرارة مرتفعة خاصة بالمجالس الانتخابية خلال  2021 عن سابقاتها ،ومن مظاهر بؤسها عند وضع ملفات الترشيحات بادارة السلطات المحلية ،شاهدنا أكثر من مرة عبر التسجيلات بالفيديو، مرشحون يتسابقون جريا الى مكتب الاستقبال لوضع ملفات ترشحهم ، بل منهم من سقط ارضا، فتشتت أوراقه في مشهد مسرحي فكاهي .أما في مرحلة التصويت، لتشكيل المجالس فتلك حكاية أخرى، في مسرحية بشخوصها ولصوصها ومهربيها وسماسرتها، بحيث أصبح تهريب صوت واحد يفوق ثمنه أكثر من 40 مليون سنتيم، وتستمر مسرحية العبث عند نهاية التصويت، فتظهر لغة السب والشتم والاتهامات بل الضرب والتهديد بالتصفية الجسدية ، والجماهير المؤيدة لهذا وذاك ،تقف خارج المخشبة متجمهرة أمام أبواب العملات،  كما حدث بالرباط وفاس ،ترفع شعارات من قبيل ارحل وغيرها من الشعارات ، تعبر عن فكرة الرفض، بل في مناطق أخرى تحولت ساحات العمالات الى حلبة الملاكمة والمصارعة والفنون القتالية الاسيوية، الكل ممتزج فوق خشبة واحدة .

لماذا كل هذا التدافع والصراع المقاتل بين المنتخبين من جهة، وبين أنصار الفرقاء فيما بينهم من جهة أخرى؟

هل من أجل مشاريع تنموية تسعى لإخراج هذا البلد من التخلف؟

هل هو صراع من اجل بناء مدرسة جميلة، ومستشفى نظيف يسع كل مرضانا؟

هل من أجل انشاء مؤسسات صناعية وتجارية وخدماتية لتشغيل الجيش العاطل من حاملي الشواهد؟

هل من اجل الرخاء الاجتماعي ومجانية الكهرباء والماء الشروب وحدائق للشيوخ والأطفال؟

هل من أجل توافر سكن يليق بهذا الشعب المضياف المجاهد والمكافح الغيور على وطنه، تقول مدونة مناضلة تحظى باحترام وتقدير في احدى تدويناتها  » الشعب المغربي جميل بما له وما عليه، شعب يحب الحياة ويكره الظلامية والتقوقع، شعب منفتح، كريم، مضياف يستحق كل خير »

الشعوب بالدول الصاعدة والدول المتقدمة تجاوزت مطالب الماء والكهرباء والشغل والسكن والمستشفى والمدرسة، ونحن لا زلنا حبيسي هذه المطالب. ومن هنا تطرح أكثر من علامة استفهام؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

هذه الجدبات الجنونية وذلك السعار الحيواني المتوحش الذي يفتقد الى أدنى شروط المواطنة، لم يكن وراءه سوى الأجور الغثة والتعويضات للسفر، في مهمة او بدون مهمة إلا المهمة الشخصية، للترفيه على النفس او زيارة الأبناء والاحفاد، الذين يدرسون في الجامعات الاوربية والأمريكية والاكرانية، بمنح لا يستحقونها، والحصول على سيارة فخمة وبطاقة الجواز الرمزية والمادية ثم السلطة السياسية.

فالتعويضات منظمة بالمرسوم رقم 493 .16 .2 الصادر في 6 أكتوبر 2016، ينصص على ان يتقاضى رؤساء مجالس الجماعات الترابية والمقاطعات الحضرية ونوابهم وكتابهم ورؤساء اللجن الدائمة، ونوابهم تعويضا صافيا شهريا.

 يتقاضى رئيس مجلس الجماعة الحضرية 30.000 درهم وكل نائب 10.000 درهم ناهيك عن أجور الكاتب ونائبه ورئيس اللجنة ونائبه، بالإضافة الى امتيازات كالسيارات والمحروقات والحلاوات في الصفقات. وتختلق التعويضات حسب عدد سكان المقاطعة.

يتقاضى رئيس مجلس الجماعة القروية 6.000 درهم وكل نائب 3000 درهم، إضافة الى السيارات والمحروقات. وهكذا يختلف التعويض حسب المهمة كما تختلف التعويضات حسب عدد سكان تراب الجماعة. بالإضافة الى تعويضات التنقل والتمثيل.

اما رئيس الجهة يصل تعوضه الى 40.000 درهم، إضافة الى امتيازات أخرى كالسكن الوظيفي، ولكل نائب له يتقاضى 15.000درهم، ثم الكاتب ونائبه ورئيس لجنة دائمة ورؤساء الفرق، الكل يستفيد من السيارة والمحروقات والتنقل.

عجبا لهذه المجالس المنتخبة التي يتكالبون عليها باعتبارها مصدرا للثروة والجاه مع العلم ان الذي يجب ان يكون هو مجانية تحمل المسؤولية باعتبارها تكليفا وليس توظيفا.