وثيقة  » سنواصل الطريق » ورؤية الاخر إليها

وثيقة  » سنواصل الطريق » ورؤية الاخر إليها
شارك

عبد العزيز شبراط

azizchebrat@gmail.com

خلفت وثيقة  » سنواصل الطريق » آراء متباينة حولها، منها من أيد مضامينها و أبدى استعداده لدعمها، وهناك من اعتبرها وثيقة دون جدوى، بل هناك من نزع عنها حتى الصفة السياسية – وماذا تكون غير ذلك-، وهناك طبعا من تجاهلها أو اعتبرها خارج السياق، بداية لا أريد الرد على أي أحد تناول هذه الوثيقة، سواء كان بجانبها أو عارضها، فذلك أمر يهم بالأساس، من صاغ الوثيقة أو من ساهم في صياغتها، لكن ما يهمني أنا بالخصوص، هو كيف يتعامل الانسان الفرد مع أمر جديد بالنسبة له أو مفاجئ له.

سبق لنا وكتبنا مقالا على صدر هذه الجريدة، حمل عنوان :  » كيف يفكر الإنسان »، ويمكن لمن يهمه الأمر البحث عليه داخل الجريدة، والاطلاع عليه حتى تكتمل له الصورة، من أجل فهم ما سنتناوله في السطور التالية:

ليس من السهل بتاتا أن يتخلص الإنسان بسهولة، من ترسانة الأفكار والمنهجيات وأساليب تكوين الأفكار لديه واستنتاج الخلاصات، ما دام قد راكم كل ذلك على امتداد سنوات طوال، بطرق ألِفَها واندمجت فيه، وأصبحت عنده كأنها روتين يستعملها دون أن يعود لأساسيات انتاج الأفكار، وهي الطريقة العلمية التي تعتمد في الأصل على الشك، كل ما لا يطرح للشك لا يخضع للتحليل العلمي، وأعطي مثالا هنا لتوضيح الأمر، ولنأخذ الوثيقة نفسها التي دعتني لكتابة هذه السطور، فالذي يعتبر حزب التقدم والاشتراكية حزبا كاملا مكمولا، لا يستطيع أبدًا ملاحظة تناقضاته، وبالتالي سينظر إلى الوثيقة أنها قاصرة في نظره وناقصة ولا ترقى لأفكار الحزب الذي يعتبره حزبا كبيرا، قام على أكتاف وأفكار مثقفين ومفكرين كبار من أمثال عزيز بلال، كما لا يستطيع أبدًا ملاحظة التراجعات التي طالت هذا الحزب، لأنه داخل هذا الحزب ولا يفكر خارجه، بمعنى أنه لا يضعه لمختبر الشك، فهو لا تسمح له نفسه أن يشك في خروج حزبه عن المبادئ الأساسية التي صاغها المؤسسون، خصوصا إذا كان يلخص الحزب فقط، فيما يوفره له من اقتناع شخصي فردي، لكن إذا كان يرى في الحزب ما يتجاوز مصلحة الانسان الفرد، الى ارضاء الطبقات التي يدافع عنها هذا الحزب ومن أجل مصلحتها تأسس، سيلاحظ حتما أن أمورًا كثيرة تغيرت ولم تعد كما خطط لها المؤسسون!

إن من نزع عن هذه الوثيقة الصفة السياسية، لم يفهم بعد روح بيان الحزب الشيوعي أو « المانيفيستو « ، الذي نشره السياسيان وأكرر السياسيان كارل مارك وفريدريك انجلز، ما الذي تقدمه الوثيقة المشار إليها إن لم تكن أفكارًا سياسية؟  الوثيقة تقدم تحليلا إلى ما آل إليه حزب التقدم والاشتراكية ومعه اليسار المغربي بشكل عام، وهذا الأمر يقر به الجميع من داخل اليسار ومن خارجه، ولعل نتائج انتخابات الثامن من شتنبر الجاري خير دليل على ما حملته الوثيقة.

حزب التقدم والاشتراكية كما يعرف الجميع داخل المغرب وخارجه هو الوريث الشرعي للحزب الشيوعي المغربي، ومعلوم لدى الجميع أن الأحزاب الشيوعية تقوم بالأساس على الاشتراكية العلمية، والتي تقوم بدورها على المادية الجدلية، ومن يفهم هذه الأمور هو حتما يعرف حتما أن لا شيئ ثابت والكل يتحول، فصراع التناقضات الداخلية والخارجية هي المحرك الأساس لأي كائن حي، ومن ضمن ذلك الحزب الثوري، ولا يمكن لحزب التقدم والاشتراكية أو غيره من الأحزاب، أن يظل كما أسسه المؤسسون الأولون! خصوصا مع التحولات التي عرفها العالم برمته، ومن هنا فالوثيقة إذن هي نتاج لتحول وقع ويقع في هذا الحزب، وعليه وجب التوقف ووضعه ( الحزب) محل شك، وإخضاعه للتحليل العلمي، والقيام بالنقد الذاتي الفردي والجماعي، لمعرفة ما وقع و من أجل المرور من وضعية إلى أخرى!

فانتصار اليمين في الانتخابات الأخيرة، يضع كل الأحزاب اليسارية ومن ضمنها حزب التقدم والاشتراكية أمام مأزق كبير، وهو الفشل الذريع، في تحقيق طموحات الفئات المستضعفة، والعمال وعموم الكادحين، الذين تدافع عنهم هذه الاحزاب المسماة يسارية.

ألا يحق لنا أن نتساءل عن  كيف لهذه الأحزاب أن تتحالف مع اليمين ومع الظلاميين، الذين هم أصلا لا يؤمنون ولا يعترفون بالاختلاف ولا بالديمقراطية، ولا يخدمون إلا مصالحهم ومصالح الطبقات المعادية للفئات المستضعفة؟!

أليس من حق المظلومين حتى إصدار وثيقة يعبرون فيها عن آرائهم تجاه ما يحدث باليسار؟ ويطمحون لإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي؟

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *