كل الكلمات والعبارات تحكي…

كل الكلمات والعبارات تحكي…
شارك

تجليات…يكتبها محمد فتاح

أيتها المدينة(إبن أحمد العلوة) مدينتي العذراء التي تعاقب على اغتصابها، كل من  تربع على كرسي تسيير شأنها المحلي، حتى أصبحت عاقر، لا تشبه نفسها اليوم على ما كانت عليه، قبل ثلاثة عقود خلت، كل الكلمات والعبارات تحكي.. عن أيام نظارتها، لا الوجوه، ولا الشوارع ولا الهواء حافظت على ما ه عل. لا شيء  بقي كما هو، كل شيء فقد رونقه وجماليته، نجح المنتخبون في تزييفها وطمس كل معالمها.

 مدينتي إبن أحمد كم عشقتها حتى النخاع، قبل أن يطالها التهميش، كل  فضاءاتها ودروبها وأزقتها تتشابه، والتي تعثرت بها كل وصفات التنمية التي لم تكن سوى وعودا كاذبة تتجدد مع كل استحقاق انتخابي.

أيتها المدينة المفصومة التي فقدنا الأمل في تنميتها، وازدهارها، كل ما فيها ينزلق إلى قاع الجب، والناس فيها تداوي جراحها في صمت مطبق. هكذا يمضي اليوم فيها، متخما بتفاصيل البحث عن غد أفضل،  وعندما تغيب الشمس وتحل الظلمة، تتكور على وجعها وتنام.

أيتها المدينة التي صارت اليوم بدون هوية تاريخية تعيد لها مجدها وبريقها.

أيتها المدينة التي شهدت انطفاء الذين نحبهم، ونصر على أن  لا ننساهم رغم العزاءات الفاشلة، ورغم غوايات الدنيا.

أيتها  المدينة التي كانت كل الحكايات تفر هاربة من زوايا البيوت، كلما هممت بأن أجوب شوارعها. كنت لا أفعل شيئا  غير السير في الشوارع ليلا، يستهويني الليل كثيرا، كنت أمشي  لوحدي، حين أجد الوقت لذلك. كنت أجوب الشوارع وحدي.. تحت المطر وتحت المصابيح وحدي.. أتصبب بالحزن بين قميصي وجلدي.. قطرة قطرة. واجهات الأمس، ساحات الأمس، لم تتغير، الشوارع هي هي، كما كانت بالأمس، كل شيء باق على حاله.

في السماء تنحني الاعمدة، تبحث عما يستحق الاضاءة، لكن الشوارع مكتظة بالفراغ إلا من القطط والكلاب والازبال. لا يحتاج الإنسان إلى شوارع نظيفة ليكون محترما، ولكن الشوارع تحتاج إلى أناس  محترمين لتكون نظيفة.

أيتها  المدينة المملوءة بالأزقة والأحياء المجاورة الهامشية، والدروب التي تؤدي الى جميع الجهات..لكن..حياتي مغلقة، والدرب الوحيد العادل، ذلك الذي يأخذني إلى قلب من ملكتني وعشقتها، كنت أبحث عنها في الأزقة والدروب، وانا  أعرف  أنني لن أجدها، وأبحث  عنها بين الوجوه، ويدهشني لماذا أحب  وجهها من بين مئة  ألف  وجه. وكثيرا ماكنت أتساءل لماذا هي بالذات؟ من وقت لآخر، كنت اشعر انه لابد للقلب من أن ينفجر،لابد للقلب من أن يركض في الأزقة والدروب عاريا من كل شيئ  إلا من جرحه.

أواكب السير، وأعرج على درب  السي لحسن شهد ميلادي، هذا الدرب الذي كان يحاول دائما أن يغير وضعه وواقعه، ولكن الزمن كان يسير عكس ما يريد، وكانت إرادته القوية سر نجاحه اليوم.

في هذا الحي، تعلمت معنى الحياة، وفتحت عيني على حقيقة قد تخفى علينا نحن اللاهثون أحيانا  وراء قشور الحياة : الصمود.

في هذا الحي، غالبا ماكنت ألتقي  أحمد الوطني بجلبابه المثقوب تارة والمرقع تارة أخرى،  يطوف الأزقة والدروب مذعورا، باحثا عن ملاذ، وخلفه يركض موكب من الأطفال يهتفون :الوطني ..ويرددون معه لازمته الشهيرة: »ليبر أحمد الوطني ».

أيتها المدينة التي انتهت معها أسطورتي…..،

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *