الابتزاز السياسي

الابتزاز السياسي
شارك

فؤاد الجعيدي

في بيانه السياسي، يكشف حزب العدالة والتنمية، أنه ظل ينسق مع التقدم والاشتراكية، وذلك التنابز الذي حدث بين سعد الدين العثماني ونبيل بنعبد الله ليس من أمره شيئا، لكنهم كانوا يتلاعبون بعواطف الناس ومواقفهم، والآن يتم الكشف عن هذه الحبكة الرديئة لطرفين لا تجمع بينهما سوى المصالح القوية في زمن التحالف الحكومي، أو حين رمت بهم الصناديق إلى الساحة الضيقة من المعارضة.

  1. ما يستوقفنا بشدة في بيان السادس من أكتوبرلحزب العدالة والتنمية هو الفقرة الأخيرة التي من بين ما ورد فيها: (..وإسهاما في تحصين المسار الديمقراطي ببلادنا والحفاظ على مصداقية العمل السياسي، فإن الأمانة العامة تؤكد أن الحزب غير معني بالعضوية في مجلس المستشارين، وتدعو مرشحي الحزب الذين تم إعلانهم « فائزين » لتقديم استقالاتهم من عضوية المجلس وفق المسطرة القانونية الجاري بها العمل.)

إن هذا الحزب اليميني، الذي أجهز على العديد من المكاسب، وعلى رأسها التقاعد وسن نظام التعاقد في الوظيفة العمومية، ودعا جهرا إلى خوصصة الصحة، لولا اختبار الله مع جائحة كوفيد 19، وعمل على رفع الدعم عن المحروقات، وفي عهده تمت مواجهة الاحتجاجات والاضرابات في قطاع الصحة والتعليم بالإفراط في استعمال القوة، يصدر اليوم بيانا يتبجح فيه برغبته في تحصين المسار الديمقراطي والحفاظ على مصداقية العمل السياسي، هذه المصداقية التي أدركت التبخيس في عهدهم على مدى العشر سنوات الأخيرة والتي ساد فيها خطابهم الشعبوي، وعمل على نفور الناس ومقتهم للسياسة، التي لم تحافظ على نبلها وجدواها، في تغيير أوضاع عامة الشعب إلى الأحسن.

إن هذا الموقف الذي تتخذه الأمانة العامة للعدالة والتنمية، لا يعدو إلا أن يكون نوعا من الابتزاز السياسي، وعدم رضاهم على النتائج التي حصدوها.

لا ننسى أن الاتحاد المغربي للشغل، أعلناها صراحة، أنه قد قاد ولأول مرة في تاريخه معركة سياسية مباشرة، ودعا دون تردد الطبقة العاملة بأن تنزل العقاب السياسي في من تعود له المسؤولية الأولى للإضرار بمصالحها الحيوية.

وكان على هذا الحزب الذي جعل من الإسلام مطية سياسية له، واغتنى أفراده وحواريوه، أن يعود إلى جادة صوابه، ويرضى بالنتيجة، نتيجة اللعبة الديمقراطية التي لا يؤمن أصلا بها إن لم تبوؤه المراتب الأولى، ليخرج جهرا لمناهضة الاستحقاقات برمتها.

ليس هذا الموقف بجديد على الخطاب السياسي للعدالة والتنمية، حيث أكدت الأحداث أنهم يستعملون المواقف المزدوجة، يوقعون على التطبيع ويحشدون الدعم للوقوف في وجهه، كما فعل وزيرهم في الشغل، في تصريح له لقناة إيرانية، وكما ثبت عليه أنه لا يؤدي حقوق عمالته لدى الصندوق الوطني للتقاعد، أو كما فعل كبيرهم الذي جاء بفتوى العمل مقابل الأجر، واستند في تبريره على قراءة نص ديني على جه مغلوط، وسن الاقتطاع من أجور الموظفين المضربين عن العمل، لكن حين حصل على تقاعد مريح بالملايين، تخير ركنا منعزلا ببيته لتقديم الوصايا لأتباعه.

لقد انتهت الخرافة التي عمرت عقدين من الزمن، واستفاق معها المغاربة على اتساع دائرة الفقر، والتباينات الطبقية التي زاد فيها الثراء للأقلية وراكمت البؤس والشقاء لدى أوسع الجماهير الشعبية.

واليقين الذي لا يأخذه الباطل أن العدالة والتنمية آتى بها ربيع وأخذها خريف ولا يصح إلا الصحيح.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *