متى تنتهي هيمنة الدول العظمى على القرار الأممي؟

متى تنتهي هيمنة الدول العظمى على القرار الأممي؟
شارك

بقلم : عبدالحق الفكاك

غداة الحرب العالمية الثانية، وفي متل هذا اليوم 24 اكتوبر من سنة 1945 ميلادية تم تأسيس إحدى أهم أركان النظام العالمي الجديد وهي هيئة الأمم المتحدة.

فقد صادقت خمسين دولة في مؤتمر سان فرنسيسكو، على ميثاق الأمم المتحدة والذي نصت بنوده  – التي وضعتها الدول المنتصرة في الحرب – على تأسيس هيئات و منظمات تابعة لها .

وكان من أهمها إحداث: الأمانة العامة، مجلس الأمن الدولي، محكمة العدل الدولية، مجلس الوصاية،  المجلس الاقتصادي والاجتماعي، منظمة الثقافة والعلوم، ومنظمة الطفولة .. إلخ

و إذا كان من المفترض أن تضمن هذه الهيئة الجديدة، العدالة الدولية وتقوم بحل مشاكل العالم سلميا بما يؤَمِّن العدالة على الأقل داخل هذه الهيئة العالمية والتي أصبحت  تضم اليوم 193 دولة، فإن ذلك يبدو بعيد المنال بسبب هيمنت هذه الدول المنتصرة .

ذلك أن الأحداث المتلاحقة والصراعات المتواصلة أكدت بالملموس عجز هده المؤسسة  على الحيلولة دون وقوع حروب ومآسي إنسانية، هذا اذا لم نكتشف أن إحدى الدول  » العظمى  » هي من يقف وراء بعض الصراعات هنا أو هناك .

و بالرغم من القول بانتهاء الحرب الباردة منذ اكثر من عقدين من الزمان، فإن ما شهدته السنوات القليلة الماضية من حروب وما عرفته صحاري الكرة الأرضية وبحورها من اختبارات نووية ( للأسف انخرط فيها بشكل أو بآخر كل من كوريا الشمالية و ايران بما في ذلك الهند وباكستان فضلا عن فرنسا و أمريكا ) كل تلك الأحداث توحي بأن الأمور  قد تتطور يوما ما إلى حرب نووية شاملة .

وهو ما يعتبر دليلا واضحا على اختلال التوازن العالمي ويضع هذه المنظمة أمام تحديات كبيرة قد يكون ابرزها وقف التسابق نحو التسلح  والحيلولة دون انتشار أسلحة الدمار الشامل ومحاربة الإرهاب العابر للقارات.

و الحقيقة أن مواقف الدول الدائمة العضوية خنقت هذه المؤسسة العالمية من خلال عرقلة قراراتها المصيرية و ذلك بالاستعمال المفرط لحق الفيتو .

إذ بات من الصعب استرجاع مصداقية المنظمة والتي فقدتها في الآونة الأخيرة وإن خير مثال عجز هذه المنظمة عن وقف حمام الدم الذي تشهده سوريا واليمن حيث استمرار حرب العصابات هناك، بما يهدد سلامة المدنيين في هذه الدول .

لقد علقت الكثير من الدول المستضعفة في كل من  آسيا و إفريقيا آمالا كبيرة على هيئة الأمم المتحدة ، لاسيما تلك التي مازالت تعاني من ويلات الحروب ومخلفات الاستعمار، وغياب  برامج حقيقية تعنى بالتنمية المستدامة .

لكن مع مرور الوقت واستمرار غطرسة الدول العظمى، وعدم تمكين دول العالم الثالث من عضوية دائمة بمجلس الأمن أسوة بالدول الكبرى، دفع بهذه الدول الى اعتبار المنظمة  » هيئة خاصة بالأمم العظمى  » ليس إلا ؟

و هذا ما جعل هذه الدول تستيقظ من سباتها وتطالب جهارا نهارا بضرورة إعادة النظر في هيكلة منظمة الأمم المتحدة ومراجعة وظائفها.

ولعل من أبرز المشاكل المستعجلة والتي ينبغي إيجاد حلول لها تتمثل أساسا في إنهاء الاحتلال في دولة فلسطين والعمل على  إنصاف العديد من المظلومين عبر العالم و في مقدمتهم ضحايا الفقر والنزاعات المسلحة .

وعموما فإن مرور 76 سنة على تأسيس هيئة الأمم المتحدة من قبل دول الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الثانية بقيادة أمريكا، فرنسا، روسيا وإنجلترا، جعل هذه الدول أكثر هيمنة على هيئات الأمم المتحدة خاصة مجلس الأمن الدولي.

 هذا المجلس الذي أصبح وسيلة لإصدار القرارات التي تصب في مصلحة الدول العظمى، الأمر الدي دفع بالكثيرين إلى إتهام هذا المجلس بالكيل بمكيالين لافتقاده للحياد والموضوعية .

وفي انتظار إعادة الاعتبار لهذه الهيئة العالمية، فإن الآمال تبقى معلقة عليها كي تنهي عهد الهيمنة والتسلط وتدشين مرحلة جديدة تتسم بالديموقراطية الداخلية وترسيخ قيم التشاركية  في اتخاد القرارات الحاسمة .

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *