فلسفة الصبر أو اختبار الشدائد فينا
د. سعيد ألعنزي تاشفين
أديسون العالم الكبير و هو في السبعين من عمره استيقظ ذات يوم من النوم على مشهد اشتعال النار في مختبره ، كان الحريق كبيرا، حيث أتى على كل أوراقه وأبحاثه وأدوات !!
وقف الرجل العجوز، بهدوء يشاهد ألسنة اللهب، مما دفع ولده الذي جاء مسرعا لمشاهدة المأساة أن يقول:
» اقتربت من أبي وأنا خائف مما يمكن أن تفعله تلك المصيبة به، هذا رجل يشاهد جهد عمره يحترق أمامه؛ يا لها من مصيبة !! « . غير أن المدهش هو ما حدث؛ كان شيئا غريبا فعلا، حيث فوجئ الابن بابتسامة هادئة من أبيه ( العالم أديسون ) قد افترشت وجهه، والذي قال حينما رآه: » أيقظ أمك يا بني لتشاهد هذا المشهد الفريد، أظنها لم تر نارا بهذا الشكل من قبل ! «
توقف الابن مذهولا وقد ظن أن ثمة لوثة قد أصابت الأب من أثر المصيبة، إلا أن أديسون قال له وقد فطن إلى ما يدور بخلده : » لدينا غدا فرصة لبداية جديدة خالية من أخطاء الأمس يا ولدي » .
هذه القصة مهمة جدا لاستيعاب فلسفة المصائب وكيف يتعامل الكبار مع الأقدار بيقين و ثقة ثابتة.
وطبعا سيموت أمامنا، من نحب دون أن نتمكن من فعل شيء !!
وسيخون من نثق به و يضرب كل ما قدمنا له من يد العون، فيتعجرف و يتكبر ؛ ثم يتناسى كيف كان في حضراتنا وكيف أصبح !!
وسيضيع حلمنا تحت مكرا هنا، أو غدر هناك، أو مؤامرة هنالك، وستنكشف أمامنا عورات المتربصين و المتواطئين ، فنصمت و يخنقنا الاستغراب !!
وستحدث المصائب أمامنا تباعا، فنحزن، ونغضب، ويضيع الأمل خلسة على مرأى و مسمع منا !!
وستقع الفواجع، والمرء منا إما أن يجزع جزعا يُذهب العقل ولا يعيد ما فات مهما اشتد الحزن فينا !! أو أن يصبر صبرا جميلا ..
كلنا في مصيدة الأقدار، والحياة توزع علينا أوراق اللعب، والحكمة أن الفائز لن يكون سوى من يقدر على اللعب جيدا بالأوراق السيئة لا الجيدة، من يلجأ إلى الصبر الجميل أمام المرض ، و أمام الغدر، وأمام الخيانة ، وأمام الجحود، وأمام الدسائس، وأمام كيد الكائدين، وأمام شر البشر .
وختاما » إن أصابكم قرح فقد أصاب القومَ قرحُ مثله وتلك الأيامُ نُداولها بين الناس » صدق الله العظيم، ومن أوتي الصبر فقد أوتي خيرا كثيرا ..