رأي في قضية: بين الصحافي والسياسي

رأي في قضية:  بين الصحافي والسياسي
شارك

بنور علال

يتفق العديد من المهتمين والمهنيين الصحافيين في دول الشمال، حول موضوع علاقة السياسي بالصحفي، أو نقول علاقة السياسة بالصحافة، تتخذ اتجاهات، هناك اتجاه أمريكي يقول: إن المؤسسات الإعلامية تمنع على صحافييها الكشف عن ميولهم السياسية، يؤكد أصحاب هذا الرأي على ذلك، من اجل الحفاظ على المؤسسة التي يشتغلون فيها. لكن هل هذا الرأي يهم جميع المؤسسات الإعلامية بالولايات المتحدة الامريكية؟

هناك الاتجاه الأوروبي، الذي يرى أن لا مانع ليعبر الصحفي عن ميوله وقناعاته السياسية، لكن شريطة خارج المؤسسة التي يشتغل فيها. ثم هناك دعاة الاتجاه العالمي، بكل من دول الجنوب ودول الشمال، يصنف الى نوعين:

– صحافة بدون مواقف سياسية، وبدون انتماء أيديولوجي، فهي مفتوحة على كل الأقلام والآراء مهما اختلف توجهها السياسي.

– صحافة لها مواقف سياسية، تتحكم فيها لولبيات وجماعات، على راسها صحافة النخب المؤثرة في المجتمع، كما تقوم على نشر الفضائح السياسية.

كيف هي حالة علاقة السياسي بالصحافي عندنا؟ وكيف ينظر السياسي للصحافي والعكس صحيح؟

في المجتمعات غير القارئة والمجتمعات التي ليس لها ثقافة وتقليد سياسي، غير ثقافة القبيلة والعشيرة، المجتمعات التي بها الحزب بمثابة زاوية، بها الشيخ والمريدين، المجتمعات التي بها المتعاطي للسياسة مشعوذ، يفتح دكانه يوم الاقتراع، وبعده يغلق ويخرج في خطاباته  » احنا لاش جينا للسياسة باش نحسنو من اوضاعنا المادية  » السياسي الذي يسب الشعب ويعتبره قطيعا. هؤلاء يرفضون الصحافة الجادة، الصحافة المواطنة.

أكيد، أن هذا النوع من السياسي يرى في الصحافة والصحفيين عدوا له، لأنه لم يسايرهم في أهوائهم ونزواتهم اللامواطنة، يرى في الصحفي أنه يروج التشكيك والسخرية والتخريب، وأنهم فئة غير عادلة ومنحازة ومؤذية ومزعجة، تضخم الأحداث وتثير المشاكل، وتستغل الفرص لمصلحتها. والصحافي يرى في السياسي، إنهم فئة أنانية لا مصلحة إلا مصلحتهم الخاصة، ولا وطنية لهم إلا في الخطابات الجوفاء. بهذا القبح البشع يرى بعض » رجال السياسة  » في الصحفيين، الذين لا يسايرونهم نهجهم وأنانيتهم. إنهم أقلام مأجورة، والمعادون للصحافة من هؤلاء يقولون، إن الصحفيين خربوا بنشرهم فضائح وأمور شخصية، بيوتا، لم تخربها أية حرب.

لذلك تجد السياسيين يصيغون القوانين، منها قانون الصحافة مع المؤسسات التي صنعوها لتلجيم الصحافة النزيهة، صحافة المواطنة التي تنصب في أول صفحة في مفكرتها خدمة الشعب وليس غير الشعب.

والحقيقة كل الحقيقة، أن الصحفيين ليسوا قديسين، ليسوا منزهين عن الخطأ، ففي هذه المهنة كما في أية مهنة أخرى، تجد أصنافا مختلفة من الناس، وشعار الصحافة الحقيقية، هو قول الحق، فالصحافة هي المهنة الوحيدة التي لا يتسنى للصحفي الحقيقي فيها أن يرّفه عن نفسه، لأنه عبد مهنته. فهي مهنة متعبة، لكنها نبيلة وكل ما فيها بذل وتضحية وعطاء. وإذا كان رجال السياسة يريدون منها أن تتطور وتتقدم، فعليهم أن يفتحوا لها الطريق وأن يبدوا بتربية بأنفسهم على المواطنة.

 

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *