رسالة إلى القوى الديمقراطية باسبانيا

رسالة إلى القوى الديمقراطية باسبانيا
شارك

المنظار

ما بين سنتي 1971 و72 كانت لكل من موريطانيا والجزائر واسبانيا، اليد في خلق البولسياريو، وهي الجبهة التي رأى فيها المغرب، كيانا وهميا مصطنعا لو يكن له بالإمكان الحياة بدون حاضنة.

لكن بعد عمليات التحرير التي قادها الراحل الحسن الثاني، ووريث عرشه محمد السادس، في استكمال مسلسل الوحدة الترابية، وبدعم من القوى الحية للبلاد، لم يسجل على المغرب أن تهاون أو تراجع في مواجهة أطماع الدول ذات النوايا العدوانية، وراهن على المنتظم الدولي لانتزاع الاعتراف بمغربية هذا الجزء من التراب الوطني.

وقعت في العالم تحولات كبرى، وفي ظلها تقدم المغرب، بمقترح الحكم الذاتي، لإيجاد حل سياسي متفاوض بشأنه، ويمنح مغاربة الصحراء حكما ذاتيا وموسعا، في الجنوب المغربي، وهو المقترح الذي حظي بثقة جزء عريض من المنتظم الدولي، لما فيه من واقعية وقبول للتحقيق على أرض الواقع.

غير أن الدول الراعية للكيان الوهمي، ظلت وفي العديد من المناسبات والمحطات التاريخية، تناور من أجل استمرار التوتر في منطقة المغرب العربي.

ومن بين هذه الدول الجارة اسبانيا، التي لم يتغير موقفها المناوئ لمصالح بلادنا الوطنية، كما فعلت اليوم في السماح لزعيم الجبهة ابراهيم غالي بولوج التراب الاسباني للاستشفاء، تحت اسم مستعار وهو المتابع قضائيا بسب جرائمه التي اقترفها في حق مواطنين أبرياء تم أخذهم كرهائن في حرب قذرة.

وقد سبق للقضاء الاسباني أن طالب برأسه، لكن أن يعدل عن موقفه أثناء تواجد هذا المجرم، على أرضيه يؤكد على حقيقة واحدة، أن السياسة بإسبانيا لها وجهان،، من جهة التأكيد والتشبث بالتعاون المشترك في القضايا الاستراتيجية، ومن جهة أخرى عدم إخفاء العداء للمصالح المغربية، كلما تعلق الأمر بالوحدة الترابية، علما أن المغرب لم يسجل عليه مع الاسبان أن قبل بأن تستقل منطقة الباسك عن مدريد وأعلن دعم للحكومة الاسبانية وشعبها.

لكن أن تستمر الحكومة الاسبانية في هذه الازدواجية وتقلب الحقائق ضدا على الوقائع التاريخية، لم يعد لدى المغاربة ما يكفي من الصبر في هذا المنعطف التاريخي، والذي لاحت في الأفق معه بوادر الطي النهائي لنزاع الصحراء، بعد توالي اعترافات الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وفتح تمثيليات دبلوماسية عربية وافريقية بمدن الداخلة والعيون، وأن هذا الواقع بالذات لم يعد مؤهلا من جديد للانشغال بقضية مفتعلة وعمرت طويلا في تاريخنا المعاصر.

لنكن واضحين هناك التزام قوي للمؤسسة الملكية، وطنيا وجهويا ودوليا بعدم القبول بالمساس بهذه الوحدة الوطنية، وهناك تعبئة متواصلة للقوى السياسية بالبلاد وإجماع الأمة على التصدي بحزم وقوة لكل مناورات الخصوم، في المزايدة على هذا الحق المقدس، ولا يستبعد اليوم أن يقطع المغرب علاقاته مع كل دولة تراهن على استخدام ترابنا الوطني في علاقتها مع بلادنا لأطماع سياسية.

لم يعد من المقبول لدى المغرب والمغاربة، أن تصرف الحكومات أزماتها الداخلية، على حساب مصالحنا الوطنية وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية.

هذا ما بات يؤكده وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في كل الحوارات واللقاءات الصحفية وما على اسبانيا اليوم إن أرادت تعزيز الشراكة مع المغرب والحفاظ على موروثها التاريخي والمشترك بين الشعبين المغربي والاسباني أن تكون هذه الشراكة متوازنة ومتبادلة المنافع لأطرافها، ويغيب منها منطق الاستقواء وعلى كل الديمقراطيين الاسبان أن يناضلوا ويكافحوا من أجل هذا الأفق بعيدا عن حنين للمرحلة التوسع الامبريالي.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *